الشبح
في المساء الذي يهبط سريعًا على المدينة، يصعد ضوء المصابيح إلى الواجهات مثل محاولة بائسة لطرد الظلام الدامس. الشوارع شبه هادئة، والهواء ثابت إلا من رجفة خفيفة تشبه ترددًا في قلب بشري. هذا هو الجو الذي تتحرك فيه الحكاية: عالم يبدو ساكنًا من الخارج، لكنه يغلي في داخله بأسئلة مؤجَّلة وخوف لا يُرى.
حسن يسير كمن يشق طريقًا داخل ضباب داخلي، خطوة تقوده أمامًا، وأخرى تشده نحو صورة الفشل التي تتقدم قبله. النجاح احتمال وواقع، والخوف يحاول إطفاءه كلما اقترب.
يرى المعلّم توهّجه ويقول بثقة: "العقل الذي يجرّب لا يخسر."
يضع الأب حكمته كحجر صلب: "السقوط يبدأ حين يُصدَّق قبل وقوعه."
تراقب الأم قلقه، كأنها تحرس جدارًا يتصدع ببطء.
يرافقه سالم—صديقه المتوتر—يزيد ارتباكه من حيث لا يقصد، بينما يقف أحمد بثبات هادئ ويفتح له نافذة أخرى:
"اصغِ لما ينهض داخلك، لا لما يخنقه."
في ليلة ثقيلة، يجلس حسن مع تاجر فقد تجارته، فيقول الرجل بنبرة لا تهتز: "المال آخر ما يسقط. الخسارة الحقيقية حين تسلّم خوفك قيادة الطريق."
تتقد الكلمة في داخله. يفهم أنّ الشبح الذي يسبقه صُنع من قلق سمح له بالنمو.
في الصباح، يخطو بثبات. الشبح خلفه… لكنه لم يعد يقود مساره.
