الرئيس ميغول وأعوانه
الكرسي الدوار يريح الاجساد المتهالكة، القاعة الفسيحة جمعت الصالح والطالح، بعض الموظفين يتسابقون على الكراسي الخلفية لمتابعة مشاهد المسرحية السخيفة، بعضهم عاشر اكثر من رئيس، يسلمون مع تسليم السلط، ارث اداري صرف، تلاميذ نجباء في التملق والتزوير والوشايات، المكيف الهوائي يقيئ هوائا باردا منعشا، زجاجات الماء المعدني تتقاذفها الايدي، كل شيئ مجاني مرغوب فيه، وجوه عمرت طويلا في ردهات المؤسسة، سحنات تحكي عن الخراب والدمار الذي مر من المدينة المنكوبة، الاعين مشدودة الى الرئيس ميغول القصير القامة، يكاد يختفي في الكرسي الدوار، مرعوب يحزم بقايا نفسه امام فوهة خامدة، يتعقب خطوات الاجماع بلهاث في مقاسات الوجوه الشاخصة، مستعدة للتبول على خريطة العمر، الرجل يعاني من امراض مزمنة، يجالس الوجع في رعب شديد، نفخ فيه دخان العظمة والمقدرة على الحكم، دفع الى السياسة دفعا، نقل في بضعة سنين من شخص معدوم الى ذو مال، عقارات وحسابات بنكية دسمة، الثروة الحرام تشجع على المزيد،مثل البحر كلما شرب الشارب كلما ازداد عطشا، عشرات العيون الحالمة تنتظر الكلمة، لتسكت في القاعة لعلعلة الطلقات، لا مجال للهفوات والعثرات، الكلمة مفتاح السر تقبض على جمرات النبض، يقرا في العيون صلوات الاستعطاء، الخيالات تسافر في مهب الاثراء السريع تقتحم مغارة علي بابا ، افتح يا سمسم، المدينة جيفة متقيحة، فتحت اشرعة النهب مند زمان،احتضنت القوادين والهاربين والابقين، لم يتركوا لها سوى فتات من رذاذ القهقهات، ناموا على ضجيج النفاق والوعود، لا احد لطم في حسرة خدود الانتظار، جنازة المغارة مرت في الظلام.
– المدينة ملك للقوادين وزناة الليل والهاربين من دواوير القحط والجوع
– باعها تجار الذمم وجلسوا يتفرجون
بعض الرؤوس ترعى في الأوراق تقلبها يمنة ويسرة، الأوراق لا تصلح سوى لهش الذباب في المقاهي الشعبية، همس مستشار لأخر،وأضاف مازحا أو دورة المياه، فترت عنهما ضحكة ماكرة، مشروع جدول الأعمال، شغب الحوارات تجري في الهوامش،تنهش الوجه المسربل بالتجاعيد، مستشارة تقرص عنوستها في تذمر، تهرب من الهرم بالمساحيق، تستعرض المفاتن فوق التلال اليابسة، أخرى ترنو إلى الشمس من النافذة المغلقة، تتلهى بتدريم الأظافر، ثالثة تطالع صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، ثرثرات خافتة في الصفوف الخلفية لحفنة المتفرجين. والباحثين عن الولائم المجانية وبعض البقشيش.
السكون يثقب طبلة الأدنين، الكل ينتظر صافرة الانطلاق إلى تخوم الدسم والجاه، أعوان الرئيس يحيطون به من كل جانب، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مهزلة النقاشات العقيمة، حسم الأمر في المقاهي لم يبق سوى رفع الأيدي، التصويت على نقط جدول الأعمال، ظل المعارض يرغي ويزبد، الكلمات الكبيرة الملعلعة في القاعة الواسعة فشلت في شد الانتباه، عزفت على أوتار الماضي والمستقبل،، الحاضر ما يهم ممثل الشعب، كل الحوارات الثنائية همس في ماسورة الاستعطاء، الكل يحلم بالارتواء من النبع المستباح ،عناق حار وطويل إلى رحلة الابتسامات هربا من القحط والفقر المدقع، تناوب على الكلمة أعضاء المعارضة كل يحمل رشاشا ويصوبه نحو الرئيس، الرصاصات فارغة لا تسقط نملة، انبرى عضو إلى تأبين العمل السياسي الجاد، ويكبر الوجع المهيض والمر في المقل.
يأتي الصوت مرتعشا، متقطعا، بعد البسملة والسلام على الحضور الكريم لا وقت للمزيد من هدر الفرص، لا وقت لافتراش وتوسد الأخطاء السابقة، لكل تجربة حسنات وعيوب،لا وقت لتدبيج التفاهات واستدعاء المستحيل من تحت الرماد، نعم الشعب ممدد على مشرحة التجربة، خمن مستشار من المعارضة،، الخطب العصماء تحاور الفراغ على تخوم الجماجم الفارغة، الأطعمة الشهية والدسمة مكدسة في حناجر الصمت ،تلملم الأعوان في الكراسي، ينتظرون الخلاص من وجع الدروس المنتهية الصلاحية، لم يأتوا إلى المؤسسة لسماع التهميش والتجميش، تركوا مقاعد الدراسة مند سنوات، وذلك الجرس اللعين لم يعد يرن في المخيلة، تحتدم النقاشات العجيفة المثيرة للاشمئزاز والسخط والتذمر، تراشقات واتهامات بعدم الفهم والجهل بالأدوار التمثيلية، غمز ولمز، وضرب تحت الحزام، رجل السلطة يتدخل ويعيد الهدوء إلى القاعة، الرئيس يتنفس الصعداء، قرابة خمسة ساعات لم تفض إلا أية نتيجة لم توقظ في الجثث المدجنة المسترخية في بلادة فوق الكراسي ولا ردة فعل ولا ذرة تفكير، جثث مبرمجة اختزلت تمثيل الساكنة في رفع الأيدي، تحمل مند المهد سكرات الإذعان والرغبة في التسلق ،تحفر بالانبطاح والتملق خط الارتقاء الاجتماعي، عشرات الأسماء تحولوا إلى أعيان المدينة، بدا المستشار هردابو يعدد في الدماغ قائمة الأثرياء الذين عمروا في أقبية المؤسسة الدستورية قدموا من بلاد الدم والدود والصديد عرايا وجياع،رقص في أعراسهم أهازيج النصر والصمود في وجه الحساد، تعلم منهم الصبر وقضاء الحوائج بالكتمان، قال له اكبر نخاس للمدينة
– تعلم الصمت وطأطأة الرأس عند العاصفة
– عش مغفلا غبيا ولا تخلق أعداء وستجني الثمار
الجوع يعوي في المصارين، ثمة مستشارة تدخل وتخرج في حفنة مواضيع، تقسم بأغلظ الإيمان أن المدينة مهمشة من أبناءها، غابت عنهم المبادرة وطرق الأبواب لجلب الاستثمار، تدق ناقوس الخطر بين اللهاث، لم تمطر القاعة تصفيقا ولا تنويها تضيء سماء الوجه، تجتر الكلمات وحيدة فوق الكرسي، نفس المواويل المستهلكة ترمى على الحضور كتحية، تمد اللسان القرمزي اكثر فاكثر وتمرره على الشفاه، الحلق ناشف ترتوي من قنينة الماء المعدني، تسترسل في إلقاء المواعظ، رددتها من قبل حناجر الغارقين في توابيت الوعود العرقوبية، الأغلبية تستعجل التصويت للفكاك من الأسر، المعارضة تلتمس المزيد من الوقت لتعميق النقاش، كل جهة متمسكة بموقفها، لا مكبرات صوت تنشد أناشيد الهزيمة، الأغلبية مسافرة على جناح الاستعجال، خير البر عاجله، اللجوء إلى الحل الديمقراطي لتجاوز الفرملة، الديمقراطية العددية الحل السحري لجميع الإشكالات، تتمدد الاتهامات في الألسنة المفجوعة بالهزيمة، تبخرت الأصوات المعارضة في الأفواه، تحركت قوافل الارتكاسة فوق جبين المتناضل خربوش، اللغة المتنطعة والمعلوفة لا تجدي نفعا، ارسل الإشارات والضربات لكن ولا ردة فعل، مومياءات محنطة فوق الكراسي مزدحمة بغبار الاستسلام،جميع النقط صوت عليها تصويتا ميكانيكا، انتصرت الديمقراطية العددية، وسقطت في بركة الأكاذيب والنفاق، الجوع يعوي في المصارين ترتفع التصفيقات والتكبيرات، ترقص على نغمات العام زين، الطريق صعب إلى مقصلة الحقيقة، لا احد يريد أن يدفن عينيه في المسافات، فكل الشوارع والأزقة تحمل بثورا تنزف قيحا، حتى السماء لم تعد ساحة لزقزقة العصافير ولا لمراقبة الغروب، يمشي غاضبا على أنغام الأجوبة البخسة المتطايرة من رئيس المجلس على مدينة ممدة سنوات في قاعة الانتظار ، يحمل تابوت كلمات منقوعة بالنضال الشعبي، إلى حيث القاعة الكبيرة، اقسم امام الرفاق انه سيكون صوتا للمنبوذين للطبقات الكادحة، سيفضح الفساد والمفسدين. ويطلق صرخة القيامة
– انتظرنا طويلا لتستقيم أمور المدينة لكن بدون نتيجة
– ما لا يأتي بالنضال يأتي بالمزيد من النضال والصمود
رسم بالخنجر تجاعيد الفساد في أول اصطدام، أماط اللثام عن أنيابه، واستعجل قطاف الشمس والمكان محشو بألف مصيدة، أبراج المراقبة غائبة، ولا قائد يحرس خزائن الشعب، ولا جوقة تعزف النشيد الوطني، الكل عراة أمام المصلحة الخاصة، مند زمان يحتسي رشفات وجع و يبتلع أقراص التمرد والأحلام العراض، القول ليس كالفعل، افتضاض عذرية الكلمات لا يقدم شيئا في مواجهة الأصنام والجماجم المبرمجة على العليق، لا تنتظر شيئا من لا شيئ صاح احد المستشارين، دونكيشوط يمتطي صهوة الريح، يحارب طواحين الهواء. انهزم في أول معركة، وراح يشيع اخر كلمات اصطدمت بالسقف.
عشرون مائدة مزدهرة بأنواع الأكل والفواكه والمشروبات الغازية، اللغط يرتفع بين الفينة والأخرى، ممثلو الشعب يحملون على اكتفاهم أوسمة الانتصار، المساومات بدأت والتصقت أولى كلمات الاستدراج في بؤبؤ التدجين، افردوا له مكانا على مقربة من الرئيس، تساقطت الأوراق فوق صحن المرق، هردابو يمضمض حديثا عن التلاحم والاتحاد، الرئيس يبتسم ابتسامة بلهاء، الرسالة المشفرة تتسكع على المفترقات، يشم رائحة تزكم انف الخيانة، ضحك في قرارة النفس الأمارة بالاصطفاف وراء الجوقة النحاسية، جاهل يحاول استدراجه إلى الخواء والعواء، يعرف أن الكلمات أوجعت وستقض مضاجع المسؤولين، كم من عضو دخل بيت الطاعة بقيود الحرمان، ظل يصرخ ويفضح ويهدد ويتوعد، سقط صريعا أمام رزمة الأوراق وابتلع اللسان، يحرك عينيه الضيقة يسرة فيمنة يبحث في صفحات الوجه عن مفردات هاربة من الصمت المطبق، ليعيد على المسامع الالتحاق بالأغلبية، طيلة سنوات شاهد فرسانا يسقطون من كثرة العليق، يساقون إلى سوق النخاسة عن طيب خاطر، وفي لمح البصر تساقطت أوراقهم من شجرة الذاكرة.
– تجار الذمم مصيرهم مزبلة التاريخ
عريض المنكبين يمضغ الطعام ويبلع بشره كبير، البطن تنتفخ، المائدة أصابها التصحر في رمشة عين، لم يبق سوى عظام وفتات أرغفة، السكين تمزق التفاحة تنزع القشرة، الزهور لا تنبث على أرداف المدينة، هردابو فطن متأخرا أن المهمة اكبر منه تحتاج إلى متعلم وسياسي محنك وليس إلى شخص لا يعرف فك شيفرة الحروف، احس بالصفعة حارة على الوجه، انسل بدافع قضاء مصالح خاصة، مشى مشية الوزواز قصير القوائم، شيعه خربوش يدس يداه الملطخة بالدسم في الجيب، التفت ألقى نظرة متفحصة على القاعة واختفى، الرئيس ميغول يبتلع الريق بصعوبة، ألقى بالطعم لكن الصنارة لم تحمل شيئا، حاور صدى الكلمات المقدودة من طمي الاستدراج، دونت في الجمجمة اهتزازات عميقة، فكر أن رحلة الزفير والشهيق رازحة تحت دواسات الرفض والممانعة، الفراشات تحوم حول عش الدبابير، الصمود أو السقوط في متاهات الابتذال، تقاذفته في الجلسة الثانية والثالثة صرخات حرب لم يمتلك أسلحتها، رفع الراية البيضاء ومشى منتشيا بالغنيمة، الإنسان يعيش مرة واحدة، أحزاب وطنية معارضة سقطت في فخ السلطة، انسلخت عن الأفكار والقيم الكونية النبيلة التي قضمت طوابير من الأسماء، النضال المبدئي سلعة رخيصة في وطن لا يؤمن بالكفاءات، طوال الطريق ظل يستعيد سقوطه في شباك تجار الذمم،
– هذه هدية متواضعة والنبي قبل الهدية
– مرحبا
حمل المظروف احس به ثقيلا، خمن أن المبلغ يتجاوز عشرة ملايين، عشرة ملايين في رمشة عين، حلال من الله، رددها اكثر من مرة، يبحث بين الوجوه عن شفاه تبتسم له، الهاتف يزف سقطة العمر، يركل بعصبية كل الشعارات الرابضة تحت الإبطين، يسقط على الأرض في البيت الواسع والفسيح، يمضغ حبات الندم، أعاد اللقاء السقطة في المقهى خارج المدينة، تحدثا طويلا، الرئيس ميغول كان صريحا وواضحا، يريد مجلسا بدون مناوشات ولا معارضة، النهب يحتاج إلى الهدوء، ظل يستمع إلى المخاطب، في لحظة اخترقت مسامعه طلقة طائشة، واطلق نشيدا مليئا بالوعود، اشترى ولائه بالمال، التقط آخر صورة لسقوطه الذليل، وابتلع البومات النضال المبطن،.
– ابتلع لسانه بالمرة في جميع الدورات
– الرئيس جز لسانه وحوله الى حجر
لا حمم ولا براكين تسيل على حبال الحروف،الكل يعرف انه قبض الثمن عدا ونقدا، هردابو أفشى السر وانتشر بسرعة البرق، لا حديث في المقاهي سوى عن سقطة خربوش أمام النخاس، المتناضل المبدئي خذل نفسه وخذل الاتباع، انه زمن البيع لكل شيئ ثمنه، قلة قليلة فطنت للنوايا الخبيثة لخربوش الذي يحمل افكارا تجاوزتها المرحلة، اختلف الرأي العام عن حجم العمولة، ذهبت جهات أن المستشار قبض عشرون مليونا، وجهات أخري رفعت المبلغ إلى ثلاثون مليونا وأربعون ثم خمسون...،
عريض المنكبين غاضب لأنه قبض مبلغا اقل واقسم أمام حفنة الاتباع انه سيفضح ملفات كثيرة،.
المبلغ اسأل لعاب الكثيرين الذين استدرجوا لفريق الأغلبية بالكلام المعسول والأماني العظام، القلاقل بدأت وحجم الغضب آخذ في التوسع، استنفر عريض المنكبين بضعة مستشارين احسوا بالغبن، احسوا انهم بدون قيمة في معادلة المعاملة بالمثل، الغابة الآمنة على وشك الاحتراق، الرؤوس المدجنة تغلي، تنشوي في معابد النار، يلملم حطام الكلمات المنهوبة، يحشد السكاكين لإرواء الظمأ، الاجتماع السري استدعي إليه هردابو بيدق الرئيس، نثرت رسائل الانقلاب بالانسحاب الجماعي من الأغلبية في سماء ملبدة بغيوم الحيرة، الرسالة ستصل بسرعة البرق بدون ختم، يفغر هردابو فاه الخوف يستبد به، انفض الاجتماع بالقسم على الكتاب المقدس.
– خذلنا وتم الضحك علينا بالفتات … نحن بدون قيمة اشترانا بثن بخس
– الانسحاب من الأغلبية هو الرد الحقيقي لنرد الاعتبار لانفسنا
حدائق الياسمين تزحف بخطو وئيد إلى ساحات المعركة، الإجمتاع الأول فشل فشلا ذريعا وزاد من توسع الشرخ والنقمة، الرئيس ميغول يسابق الزمن لوقف الإعصار، استنفر بعض الاعيان في الحزب، الولائم الدسمة عجزت عن تليين المواقف، استفرد بالرؤوس المحركة للانتفاضة، اصطدم برفض قوي لاية تسوية دون تشحيم العجلات، لا سبيل لاختراق الصف، الزوبعة تسير يبطئ، لم يستطع ركل ثورة النحيب بمناديل الانتظار والمراوغة و الوعود الضبابية، رفع في الهواء تجاعيد الانتماء والاتفاق المسبق، هدد بالاستقالة من المجلس حين احس بالهزيمة، ضغط السكري يرتفع حملوه على جناح السلامة إلى اقرب مصحة،اجتاز فترة النقاهة بعيدا عن المدينة، اقسم بأغلظ الإيمان أن الاستقالة جاهزة، لا يمكن أن ينهب أموال الشعب ليخمد التمرد، ليست المرة الأولى ولا الثانية التي يرفع فيها صك الاستسلام، المخيلة مغلولة تحت نعال الخوف من ضياع الرأسمال، الكرسي استثمار، بالأمس رقص على أوتار التحدي، أمام شفاه عطشى للأوراق الزرقاء، الرجل لم يكبر ابدأ في جحيم الشعارات والمسيرات المناهضة للنظام، اختار دائما الطريق السهل، ما لا يشترى بالمال يشترى بمزيد من المال، جلس إلى مائدة محشوة بالديناميت في الهزيع الأخير من التمرد بعد اختفاء مستفز، عريض المنكبين يضع الشروط لاستمرار التماسك الأغلبي المعطوب
– جميع الطلبيات والصفقات والمرافق التابعة ستكون تحت تصرف أعضاء الأغلبية.
– المسبح السوق الأسبوعي المجزرة والمهرجان...
تتمدد المطالب وتكبر الامتيازات، يتراجع الإعصار ، الرئيس كركوز بدون قيمة، ديكور لتسويق الصورة، فوق خريطة بكماء صماء المدينة قابعة مند زمان في أوحال الغثيان والاسترزاق، يجلس على الكرسي محاطا بكل الذين ازدحم بهم، في الكف بقايا صرخات التمرد، لا خيارات غير الإذعان، السياسة في الوطن لا تستقيم بدون تزوير للإرادة الشعبية وشراء الذمم الكل يحمل سكينا ليمزق أوضال البقرة النافقة، الجميع يحمل صفرا في مادة الوطنية، الدورة كانت صاخبة بارتعاشات الصمت المطبق، الكل يكتب بأصابع مبتورة قصائد المديح، ابتسم رجل السلطة اللعبة مفهومة، المتناضل خربوش ابتلع اللسان وغابت لغة التنديد، الإدانة والشجب، المسرحية سخيفة ولم تعد تغري بالمتابعة، الصوت مبتور في حضرة الوعود،
في الخارج وقف جمع من الساكنة يرفعون شعارات تطالب بالماء الشروب والكهرباء وقنوات الصرف الصحي، الشعارات تقتحم القاعة الكبيرة، خيم صمت جنائزي، تبادل ممثلو الساكنة النظرات ، تنزلق على صوت الحقيقة، ردد بصوت مسموع(القافلة تسير والكلاب تنبح) أتاه الرد في الحين( الكلاب لا تنبح الا على اللصوص والخونة)، يتفرس في الوجوه ويردد بحباله المقطوعة شعارات نارية، تصدح الكلمات شجن الطعنات القاتلة في الظهر، يسكب آخر أنفاس التمرد ويصطف مع القطيع يرفع اليد موافقا، المتناضل خربوش اصبح من أعوان الرئيس، بعد شهر رقي إلى ساعده الأيمن المفضل وخادمه الوفي والمطيع.