الجار
اليوم يبدأ فصل الربيع، لقد دأبت على جمع زهوري الحمراء من بستان ذاك جارنا العجوز الذي يصحو كل صباح ويتفقد بستانه وهو متكأ على عصاه الأثرية كأنه سرق من الموت فجأة!! اراقبه من نافذة منزلي، فهذه المرة لم أره، وضعت احتمالات لغيابه، ربما متوعك أو غارق في نوم لا مفر منه! تساءلت بيني وبين نفسي: أين جارنا البركة؟
قررت أن أنزل لأرصد تحركاته لعل وعسى، ألمحه لأطلب منه أن أقطف باقة من ورد بستانه المميز بلونه الأحمر الجميل...وقفت عند بوابة منزله، تلفت يمينا وشمالا، أتساءل: أين هو؟ لماذا لا يتجول كعادته؟!! اسمع صوت باب يفتح، قلت لنفسي "ها هو قد جاء"، يخرج جارنا ينزل على درجات منزله درجة درجه وعصاه بيده، يسعل كأن الغري علق في حلقه، ناديته: يا عم... يا عم يرفع رأسه ينظر إلى ثم يبتعد، صرخت وكأنني في كوكب مأهول، ارتأيت أن أرجع غدا لعله يراني......
وعندما هممت بالذهاب، سمعت صوتا خافتا يناديني ويقول: يا بنت... يا بنت، التفت فإذا به جارنا يمسك بيده باقة ورد أحمر ومن فوق درابزين بوابة منزله، نظر إلي وقال: تفضلي هل هذا ما تريدين؟ شعور غريب أخذ يخالجني يصعقني كصعقات كهرباء، أخذت باقة الورد من يديه، والأسئلة تعبث داخل رأسي، قال: تفضلي قلت: ما هذا؟ قال: هذا ما كتبه أخي التوأم لك، قلت: هل مات شقيقك؟ قال: نعم... وأعطاني بيته وأوصاني بإيصال الورد الأحمر لك....
تدور الأرض تحت قدمي كالرحى، والذكريات رحلت بي بعيدا، إلى يوم ابتسم وقال: تفضلي اختاري ما شئت من الورد، ورقة كتبت بأحرف بدائية تتراقص فوق السطور: آسف يا صغيرتي! لن أراك مجددا!!