الأربعاء ٧ حزيران (يونيو) ٢٠٢٣

الأنثربولوجيا الثقافية والثقافة الرقمية

صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان بالأردن 2023، كتاب "الأنثربولوجيا الثقافية والثقافة الرقمية" للدكتور عبد الفتاح شهيد، أستاذ النقد الأدبي ونظريات الخطاب بجامعة السلطان مولاي سليمان بالمملكة المغربية. يقدم الكتاب تجربة تتأمل مجموعة من الكتب في الأنثروبولوجيا الثقافية والثقافة والرقمية، باعتماد مداخل قرائية نسقية تجعل من المضامين الفكرية الصلبة رؤى ناعمة في النظر إلى الوجود الإنساني في علاقته بذاته وبالوسائط التي أضحت تشغل مساحات واسعة من حياته. ويروم الكاتب من خلال هذا الكتاب أن يُدنيَ النقاشات الفكرية المتخصصة والقضايا العلمية المجردة من مجال اهتمام القراء في مستوياتهم المختلفة. والمقصد جعل هذه الكتب ضمن مجالات قراءاتهم المقبلة، ودفع القضايا التي تقاربها لتشغل دوائر تفكيرهم المستقبلية. ومن ثمة فمهما بدت هذه القراءات فعالة وجادّة، فليست غير "مقدمة قصيرة" لقراءات مقبلة متمعنة، وما هي إلا "قراءة مقترحة" من بين عدة قراءات ممكنة؛ تحيط القارئ علما بقيمة هذه الكتب المختارة بعناية كبيرة، وتكسبه فهما أنها جديرة بالقراءة.

وإذا كان الموضوع الأساس في هذه الكتب هو الإنسان في أبعاده الأنطولولوجية والأخلاقية والعلائقية، وفي كيانه وسلوكه وذاكرته؛ فإن النسق الفكري الذي ينتظمها هو حزمةٌ من الآمال المعلّقة على الأنثروبولوجيا والأخلاق والثقافة، من أجل مواجهة التحديات التي تطال الإنسان المعاصر وفي طليعتها الخطر التقني المحدق والوضع العولمي المقلق. إن السيناريو الأسوأ الذي ينذر به هؤلاء العلماء، هو أن الإنسان، ومعه العالم الذي يحيا فيه، آيل للسقوط ومهدد بالانهيار. وليس أمامه غيرُ الاستثمار في وجوده البشري وقيمه الإنسانية وثقافته الاجتماعية، لاسترداد توازنه وحماية خصوصياته واستشراف آماله في مستقبل أفضل.

يندرج هذا الكتاب ضمن مشروع عام لدعم القراءة والتحفيز على الاقتراب من الكتاب، يقارب خلاله الكاتب أسئلة الثقافة والرقمية في علاقتها بالخطاب والقارئ، ويقدم عصارة قراءاته في خمسة عشر كتابا، من الكتب المؤسسة، وكذلك من كتب الجيل الجديد؛ في الأنثربولوجيا الثقافية والثقافة الرقمية. وهي تدق ناقوس الخطر، وتحمل تحذيرات من المستقبل، وأغلبها ينحو إلى تحميل الأنثروبولوجيا اليوم، إلى جانب الثقافة، رسالةَ المشكلات الآنية والمستقبلية التي تحيط بالإنسان المعاصر. لأن مصدر الخطر اليوم ليس "الغريب" المتربص، ولا الظواهر الطبيعية غير الرحيمة، بل المخاطر تقنية أساسا وثقافية ضرورة؛ بعد تمكن الآلة من حاضر الإنسان ومستقبله، ومشاركته ذكاءه وذاكرته وسائر أحواله، لتقذف به في مهاوي المماثلة والنمطية واللامعنى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى