الأميرة الوحيدة
كانت الأميرة سندس تعيش في قصرٍ كبير على أطراف الغابة، وكانت الأميرة تشعر بالوحدة لأنها ليس لها أخ ولا أخت، لهذا كانت تحب التجولَ في الغابة وترى صغار الحيوانات وتداعبها، كانت الغزالةُ الصغيرة تقفز في جميع الأرجاء في سعادة كلما رأت الأميرةَ قادمة، وكذلك كان القرد الصغير والفيل الصغير وكل مَنْ يصادف الأميرة من الحيوانات.
كان الملك والملكة يخشون على الأميرة كلما ذهبت للغابة وحدها بدون الحراس، وفي أحد الأيام أصرت الأميرة على التجول ليلا في الغابة، ولم يستطع أحد من القصر أن يقنعَ الأميرةَ ألا تخرج من القصر في هذا الوقت، فقد كان الشعور بالوحدة يسيطر عليها ويجعلها تبكي، فقررت أن تخرجَ من القصر عسى أن تتسلى بمداعبة الحيوانات.
عندما خرجت الأميرةُ من القصر شعرت بحركةٍ غريبة في الغابة، ولكنها لم تعبأْ لشيء، وقررت أن تكملَ طريقَها رغم تحذير الحراس لها، ورغبتهم في عودتها، وبعد عدة كيلومترات من السير على الأقدام تعب الحراس وجلسوا على صخرةٍ ضخمة بجوار البحيرة، وطلبوا من الأميرة أن تجلس بجوارهم، لكن الأميرة انبهرت بمنظر السماء الصافية التي تضيئها النجوم ويزينها القمر وقررت أن تكمل التجول وحدها.
وفجأةً سمعت الأميرة صوتا يهمس...سندس...سندس، فتعجبت الأميرة وبحثت عن مصدر الصوت، فظهرت ساحرةٌ شريرة تريد أن تخطفَ الأميرة، وأخذت تشدها بعنف من شعرها الطويل، صرخت الأميرةُ بأعلى صوت:
.أنقذوني...أنقذوني.
ولكن للأسف لم يسمعها أحد لأنها قد ابتعدت كثيرا عن الحراس، لكن الغزالة الصغيرة انتبهت إلى الخطر الذي تتعرض له الأميرة فانطلقت بسرعةِ البرق إلى الحراس، وحاولت أن تخبرهم بما يحدث لكنهم لم يفهموها.
انطلقت الغزالة إلى الحيوانات وأخبرتهم بما يحدث لكن الوقت كان قد تأخر حين اجتمع الحيوانات كي ينقذوا الأميرةَ، فلقد خطفتها الساحرة وحبستها في كهفٍ مظلم على أطرافِ الغابة، كانت الحيوانات تبكي وتبحث في كل شبرٍ من الغابة بلا فائدة.
حين انتبه الحراس لما يحدث شعروا أن خطبا ما قد حدث، وظلوا يبحثون عن الأميرة التي اختفت تماما، فعادوا إلى القصر، وأخبروا الملك والملكة باختفاءِ الأميرة في ظروف غامضة، أجهشت الملكةُ بالبكاء، وخشيت على وحيدتها، ولكن الملك هدّأ من روعها...
اطمئني سنجدها بإذن الله.
وفي فجر اليوم التالي انطلق المنادي في المملكة يعلن مكافأةً ضخمة لمن يعيد الأميرةَ سندس إلى والديها، وكثرت الإشاعات عن سبب اختفاءِ الأميرة، فقال بعضُ الناس أن الحيوانات المفترسة انقضّت على الأميرة وأكلتها، وقال البعضُ أن الأميرة هربت من المملكة.
مرت سبعةُ أيامٍ كاملة كأنها سبع سنوات حزينة على جميع أفراد المملكة من بشر وشجر وحجر، حتى الحيوانات كانت تبكي من أجل الأميرة، ثم جاء شابٌ وسيم إلى القصر، وطلب أن يقابلَ الملك في أمرٍ عاجل، فأذن له الملك بلقائه وهو يتمنى أن يكون قد أتى بخبرٍ عن سندس.
.مرحبا بك أيها الشاب، وجهك يبشر بالخير، ما اسمك؟
.مرحبا بك أيها الملك، اسمي سالم.
.هل تعرف شيئا عن سندس؟
.لستُ متأكدا سيدي الملك.
.ما معنى هذا؟
.لقد كنتُ مستلقيا في الغابة بعدما أنهكني البحثَ عن الأميرة فسمعتُ صوتا يهمس في أذني، ولم أجد أحدا حولي...
.وبماذا أخبرك الصوت؟
أخبرني أن مَنْ يريد أن ينقذَ الأميرة عليه أن يُحضرَ كلَ كنوزِ المملكة ويضعها على سطحِ القصر...
وهنا أمر الملك بوضعِ التيجان والجواهر وكل ما له قيمة فوق سطح القصر، وتطوّع أهل المملكة بتقديم كلّ ما يملكون من أجل أميرتهم الحبيبة، وفجأة ظهر طائرٌ أسود يحوم فوق سطح القصر وجمع كل الكنوز واختفى.
شعر سالم بالخطر، فانطلق بسرعةِ الريح يبحث في أرجاءِ الغابة عن الأميرة، فرأى صخرةً تتحرك أمام الكهف، ورأى الطائرَ الأسود يتحول إلى عجوزٍ شمطاء، تدفعُ الصخرة أمام الكهف لتغلَقه ثم اختفت.
عاد الشاب إلى القصرِ مسرعا، وأخبر الجميعَ بما حدث، فاندفع أفرادُ المملكة كالسيل متوجهين إلى الكهف، وتعاون الجميع لكي يحركوا الصخرة بعيدا عن باب الكهف، وهنا ظهرت الأميرة سندس في حالة إعياءٍ شديد، فحملها القوم إلى القصرِ، وأخبرهم سالم أنه يستطيع علاجَ الأميرة.
مكث سالم عدة أيام في القصر يعتني بالأميرة، حتى استردت عافيتها، واستأذن الملكَ أن يعودَ إلى بيتِه، ولكن الملك رفض ذلك...
وهل ستعود إلى بيتك لتعيش وحيدا، لقد سألتُ عنك وعرفت أنك تعيش وحيدا بعد وفاة والديك، ولهذا أريدك أن تعيشَ معنا.
ولكن سيدي الملك...
ستتزوج الأميرة سندس.
وأعلنت المملكة انطلاق الاحتفالات في جميع أنحاء المملكة، وتم زفاف الأميرة سندس على الطبيب سالم، وعاش الجميعُ في سعادة، وشاركت حيوانات الغابة في الاحتفالات التي استمرت شهرا كاملا.
= انتهت =