اعتذار البحر
كعادتها كل يوم ترتمى فى أحضانه حافية القدمين يغرقها من قبلاته الندية فى صباحات لا تنتهى ولكن اليوم صباح مختلف غير العادة فقد حمل لها رسالة جديدة على موجاته الهادئة ولكن لماذا الان انت هادئ هكذا؟ واين ثورتك العارمة التى سلبتنى الحياة مرتين على حين غرة منى؟
اقتربتُ منه لألتقط الرسالة قبل أن يثور ويجرفها بموجه فهو لا أمان له ! ويرسلها إلى بعيد لا أصل إليه.
بللها بقطراته فنادت الشمس لتأتى إليها مسرعة لتجفف الحرف المتساقط ، وتحميه من ارتجافة البرد التى غلفته بمياه البحر ، تلألأت الحروف من وهج الشمس وجففت دمعاتها المنسابة تخبئ خلفها خيبة رجائى ، ولكنى وضعتها سريعا على الرمال لا أريد أن أقرأ منك أية رسالة ، فمن اى مداد كتبتها ومن أى رسول أتت ؟ هل ما زال يسير بقدميه العارتين يداعب دغدغات مياه صباحك مثلى ؟ وأنتَ الأن تريد صفحى عنك ،فلترسله لى فهو من أريد لا رسالة اعتذار منك ، هل يأبى الخروج ؟ لقد أسرته الجنية بداخلك وعشقت عيونه العسلية مثلى، ألهذا تعتذر أيها الثائر الخادع؟
لم أكّل يوما عن طلبك وطلبه ، لم ترهقنى نظرات الموانئ الساخرة منى، لم انسى كم كنت ثائرا علينا وحلفت أن تفرق بيننا ، لم أعبأ بنظرات السابحين والغارقين فى حبك ، أتيتك مرارا أرتمى بأحضانك ، أتوسل إليك أن تأخذنى إليه فلماذا تأبى؟ أهو الغرور، أم بعد المسافات بيننا ، قل لها يا بحر أن تلقى إلى بجسده فقد اشتقت لضمه ولتمسح بيدك الطيبة على جرحى الغائر الذى لا يندمل إلا برؤياه ، فكما احتضنت جسدة البض بذراعيك الواسعتين ، وخاض معك غمار غياهب الظلمة بداخلك فلتلفظ إلىّ رفاته كى يستريح بين ذراعى الممدودة إليك أو فلتأخذنى إليه فقد سئمت مرواغتك ولن أقبل اعتذارك كل يوم ولن أقرأ رسائلك بعد اليوم ، ورجلاى لم تعد تحتمل الوقوف على شرفة الانتظار وعيونى أصابها سموم عشبك فحجب عنها رؤية براحك وزرقة مياهك.
استقبلت الشمس فى راحتيها، وسارت نحوه تقطع عباب مياهه الزرقاء تغمرها فرحة اللقاء ، كلما توغلت ازداد اشراق وجهها واحمرار خديها ، غمرتها المياه وكادت تصل إلى رأسها ، وفجأة اصطدمت بشئ صلب أفاقت من غفلتها تحسست قدميها ، نظرت إلى أسفل ، لم تصدق اعتذار البحر ، لقد أتى لها برفاته لقد عفت عنه جنية البحر عندما رأت دموعها واصرارها على لقياه الأن تمددت بجانبه احتضنته بقوة ولف البحر ذراعيه وهاج الموج وثارت المياه فاليوم لها وحدها، وحملهما معا نحو مسافات بعيدة دون اعتذار.
مشاركة منتدى
23 آذار (مارس) 2017, 10:36, بقلم سها نيازي أبو رمضان
كلماتك رقيقة وصفتي الاحساس بدقة جميلة ...تحياتي
14 كانون الأول (ديسمبر) 2022, 19:38, بقلم ريناد
لا كني لا عندي نص آو اَي شيً