الخميس ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

استغناءٌ رسميٌّ عن خدماتِ الحزن

محمد وسام بسام رحال

شكراً لدمعي ... ظلَّ قربي حينَ غابَ الكلُّ عنّي
ليلاً فليلاً كانَ يؤنسُني ...
وينسجُ من جراحي ألفَ لحنٍ كي يُغنّي
ويُضمِّدُ الكَدَمَاتِ في روحي ...
ويمسحُ في هدوءٍ كلَّ ماقد ضاعَ منّي
ليلاً فليلاً صرتُ مكتبةً لموسيقا ...
أصفُّ شرائطَ الأنغامِ فوقَ رفوفِ حزني
من صوتِ فيروزٍ إلى وجعِ الأماكنِ كلِّها
وأنا أسافرُ مبحراً دوماً على فُنجانِ بُنِّ
شكراً لحزني كلِّهِ ... ولصبرِهِ
رغمَ المزاجِ الصعبِ ... رغمَ بذاءتي
شكراً على هذا التأنّي
عشرونَ عاماً صاحبي وأخي ...
أحاولُ ان أخونَهُ بالسعادةِ ...
غيرَ أنَّهُ لم يخنّي
شكراً على هذي الصداقةِ والوفاءِ
شكراً لهذا الحزنِ ... يتبعُني كأنّهُ مُخبِرٌ يمشي ورائي
شكراً على عمرٍ قضيناهُ ...
وجرّبنا سويّاً كلَّ أنواعِ الحنينِ ... وكلَّ حالاتِ البكاءِ
مليونَ شكرٍ واصلٍ
لجميعِ من قد ساهموا لأُتِمَّ هذا النصَّ ... كي يعلو أدائي
للراحلينَ بدونِ إنذارٍِ ...
ويظهرُ خلفَهم بحرٌ عظيمٌ من عباراتِ الرِثاءِ
للعابرينَ على شعوري ... دونَ أيِّ تلفُّتٍ
تركوا جروحَ مرورِهمِ في كبريائي
لجميعِ من أهديتُهم ثقةً ...
وأهدوني شعوراً بالغباءِ
لحبيبةٍ مرَّتْ مرورَ الشمسِ في عمري
ومثلَ الشمسِ قد غربت ... وزادت إنطفائي
لحضورِها ... لغيابِها
لوضوحِها ... لضبابِها
لحديثِها ... لثيابِها
لجنونِها ... لعتابِها
لذكائِها ... لغبائِها
لغنائِها ... مازالَ يصدحُ في دمائي
لجفائِها ... لحنانِها
ولقُبلةٍ طُبِعَتْ على فنجانِها
ولشعرِها الممتدِ مثلَ قصيدةٍ تمشي بلا أيِّ انتهاءِ
مليونَ شكرٍ واصلٍ
للموطنِ الأغلى ...
الذي أعطيتُهُ قلبي ... فتاجَرَ في دمائي
للموطنِ الأحلى ...
الذي صادقتُهُ يوماً على كتبِ القراءةِ والطوابِعِ ...
وانتميتُ لهُ ...
وحينَ كبرتُ ضيّعَ لي انتمائي
شكراً كبيراً ...
للشبابيكِ التي سعلَتْ كثيراً ...
من دخانِ سجائري ومشاعري ...
واستحملَتْ سهري ونوباتِ الغباءِ
الآنَ دوري أن أعيشَ كخائنٍ
يا أيُّها الحزنُ الذي صادقتني
أرجوكَ لو صادفتني
غيّرْ طريقَكَ كلَّهُ
فأنا أفتِّشُ ياصديقي عن شفائي

محمد وسام بسام رحال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى