اختراع الشعر

(1)
سأكتبُ عن جسدي
لأن كتابته
تُلهبُ عقولَ الحداثيين
– وأشياءً أُخرى-
سأصفُ بدقَّةٍ جغرافيةَ الشاماتِ
التي تطلُ كنجومٍ سوداء في فضاءِ جِلدي الأبيضْ
سأروي قصةَ الليلِ
عندَ صهيلِ الرغبة
في جسدِ عذراء في الثلاثين
لم تعرف
طعمَ القبلةِ الأولى
سأتحسسُ الأسرارَ
في ظلامِ الغرفةِ؛
حتى يومضَ
– في وجه السطور-
أحمرُ وجنتيّ
سأقول:
"أتجردُ الآنَ من ملابسي وأتركُ الأمرَ للهواء.."
وأضَحّي بأسبوعٍ كاملٍ في حضنِ نزلات البردِ
من أجلِ عيونِ القصيدةْ
– أظنُّ أنني سأفكرُ في حَذفِها كما يليق بشاعرة
يُربِكُها الخروجُ عن الإطارْ-
سأحشرُ أسماءَ مارينا تسفيتايبفا وفرجينيا وولف وسيلفيا بلاث،
في سطرٍ واحد
سأصير مثلَهنَّ يومًا
– كَتَبْنَ الشعرَ حتى آخرِ نفسٍ
وترَكْنَ الحياةَ وعلى شفاههن كلام
وقطرةُ دمٍ متجلطة.

(2)
أُراقبُ العالمَ من نافذةِ الفيس بوك
تنظرُ عيني البؤسَ الذي يتجول عاريًا في الصورِ والفيديوهات
وفي الخلفيةِ أستمعُ الى أغنيةٍ صاخبة
لأنظمَ الضوضاءَ في عقلي
يسألُ صديقٌ على صفحته الخاصة
– ماذا ستفعلُ إذا انتهى العالم غدًا؟
أفكر ..
كيف أواجه النهايةَ وليس في يدي سوى قلم
ماذا بَعد انتهاءِ الحياةِ إذن؟
آدمٌ جديد وحواءٌ جديدة!
ربما نَحْنُ للمرة الثانية
بذاكرةٍ بيضاء
ربما كُنّا بالفعلِ وعُدنا
كَي نُعيدَ تمثيلَ السيناريو
حتى نصلَ إلى نهاية مثالية
تُرضي السماء

(3)
أباركُ الحبَ /الألمَ/ الحزنَ /انتفاخات العينِ في الصباحِ
إثرَ بكاءِ الليلِ/ النومَ المُتقطّعَ/ الامتلاءَ/ النقاطَ التي تتوكأُ عليها الجملٌ المبتورة/ السفرَ فوق جناح الكلمة/ اللا عودة/ الظلامَ وأكثر ...
فالشِعر يختبئ دائما هناك

(4)
أدين
الفقر/ الجوعَ/ وقلةَ الحيلة
يدَ أبٍ فارغةً لطالما وعدتْ باللعبةِ والبونبون
البردَ والسقفَ الخائنَ عند نزول المطر
خيانةَ الطبيعة وخيانات الحكوماتِ
وأشياء أخرى..
يفرُّ منها الشعرُ خائفًا ومُرتعدًا

(5)
كأنني أركض منذُ الأبد
أتداعى في التقاط النَفَسِ الذي يبدو بعيدًا
– لماذا أرى جهازَ الاستنشاقِ شاعريًا إلى هذه الدرجة-
تومض الكلمات وتنطفئ أمامي
كأن لها رئة تتنفس
تتكور السطور.. تدور حول نفسها
تتلاحم الحروف
يتطاير المعنى في أ شـ لـ ا ء ممزقة
ثم..
ينتهي
كل شيء.
كيف سأتخلص من هذه الفوضى
دون أن أتورط مرة أخرى في دفع قصيدة
إلى الانتحار.