الخميس ٢ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

إيناس العباسي وأرشيف الأعمى

الدستور - عمر ابو الهيجاء

الشاعرة التونسية إيناس العباسي من الاصوات الشعرية التي استطاعت لفت الانتباه اليها من خلال اعمالها المتميزة وحفر اسمها على خريطة الشعر العربي ، حيث اصدرت: "اسرار الريح" عام 2004 وصدر لها مؤخرا عن دار شرقيات عملها الشعري الجديد "أرشيف الأعمى" ، ولها مخطوط ثالث بعنوان" شغف الخسارات". الدستور التقت الشاعرة العباسي وحاورتها حول تجربتها الشعرية وعملها الجديد وحول قضايا الشعر والنقد والمشهد الشعري النسوي في تونس.

 لكل شاعر وشاعرة احتراقات أولى متى لسعتك جمار القصيدة؟

 أحرقتني جمرة قصيدتي الأولى "نشيد ميارى" منذ سنوات نص تشكل في ليلة واحدة ، لوحة متكاملة الصور ومتعالقة الكلمات. كانت جمرتي البكر التي ورطتني في الكتابة وأحرقتني بنار الشعر.
 ماذا عن المشهد الشعري النسوي في تونس وهل هناك ثمة قصيدة نسوية إن جاز التعبير تواكب الشعر الذكوري؟
 حسب اعتقادي لا يجوز تصنيف الكتابة والابداع عامة بالنسوية او الذكورية فالفن انساني ولا يمكن اسره تحت سقف التصنيفات. ومثلما لامس الرجل في كتابته غياهب المرأة فعلت هي كذلك في كتاباتها. أنا لا أحب التصنيفات ، أهم شيء هو النص أو القصيدة.
بالنسبة للمشهد الشعري التونسي برزت في السنوات الأخيرة أصوات كثيرة كالشاعرة جميلة الماجري ، وآمال موسى ، وراضية الرياحي. وهي أصوات ساهمت جنبا إلى جنب مع أصوات الشعراء في اثراء المشهد الشعري.
 كتبت قصيدة التفعيلة ومن ثم انحزت إلى قصيدة النثر لماذا لم تنشري القصائد الموزونة؟
 لأنها واكبت خطواتي الأولى ولم تعد تعبر عما أريد قوله. ثم كان توجهي لقصيدة النثر في ما بعد طبيعيا بما أن قصيدة النثر قادرة على احتواء التكثيف الشعري دون أن تُستنزف في عملية البحث عن الوزن والايقاع وهي تختزل تعريف الشاعر شارل بودليرللشعر: "جوهر الشعر هو المضي في الاتجاه المضاد". بالإضافة إلى أن قصيدة النثر تنفتح على كل الفنون و الابداعات الانسانية ، فهي تنهل من السينما وسريالية الفن التشكيلي والمسرح ، مؤخرا في الساحة الثقافية الأوروبية توجهوا لمسرحة الشعر بحيث تجسد القصيدة مسرحيا مع خلفية موسيقية تتلاءم مع روح النص.

 في "أسرار الريح" و"أرشيف الأعمى" يلاحظ القارئ انك مسكونة بالبوح الداخلي ، وارهاصات الأنثى ، أين أنت من الاشتباك بالهم اليومي والانساني؟
 من المؤكد ان من بين مهام الكتابة مقاربة اليومي والانساني. في ديواني الأول "أسرار الريح" كانت قصائدي تستمد روحها من الهم العربي مع الارتواء من تاريخنا العربي الثري. بالنسبة لديوان "أرشيف الأعمى" حاولت أن أرصد مواضيع انسانية بحيث تكون روح القصيدة انسانية خالصة وليست عربية او مغاربية و حسب ، مثل قصائد: لقيط ، بانوراما ، صورة ثلاثية الأبعاد.
اعتقد أن أكثر المواضيع المغوية في الكتابة هي المواضيع المهمشة والتي يعد الاشتغال عليها تحديا في حد ذاته ، فأن تكتب مثلا عن قطعة الخبز اليابسة التي تسقط من يد طفل جائع ، ي بركة ماء متسخة وكيف ينحني و يلتقطها ، أن تكتب هذا شعريا بأقل كلمات ممكنة مبتعدا عن التقريرية أعتقد ان هذه هي اللذة القصوى للكتابة.
 يقال بان النقد لم يواكب التجربة الإبداعية ، هل أنصفك النقد؟
 أعتقد أن النقد اكتفى بالاهتمام بالنصوص المكرسة عربيا أو التي نجحت من سنوات بعيدة دون السعي وراء اكتشاف النصوص الجديدة... وهو في كثير من الأحيان نقد مبني على المجاملة عكس ما تتطلبه المسألة النقدية من موضوعية وتوغل في أعماق النص. بالنسبة لي لم ينصف النقد مجموعتي الشعرية الأولى ، وهذا طبيعي ومتوقع في ظل السائد ، يتعرض له أي اسم جديد سواء في الشعر أو السرد. بالنسبة لـ"أرشيف الأعمى" قاربته بعض الدراسات النقدية ، لكن صراحة لا يمثل النقد بالنسبة لي ضرورة حيوية فعلاقتي هي أساسا بالقارئ الذي أعتبره أهم ناقد للمبدع ، فمهمة الشاعر: الكتابة و المضي باتجاه القصائد التي لم يكتبها بعد.
 برأيك القصيدة العربية هل استطاعت أن تتماشى مع ما هو قائم في المشهد الشعري وإذا وصل المبدع لذروة الإبداع هل عليه أن يتنحى جانبا و يتكئ على موروثه الشعري؟
 برأيي أن القصيدة العربية في صحة جيدة و المشهد الشعري العربي عامة ثري بأصوات شعرية متعددة ، مختلفة ، ومتميزة.
وهذا الاختلاف هو الذي يخلق فردية كل مبدع و يثري المشهد في نفس الوقت. وإذا وصل أي مبدع إلى ذروته ، ومن ثم اكتشف أنه لم يعد لديه ما يقدمه فمن المفروض والطبيعي أن يتوقف ، إذا ما أفلس شعريا فلماذا يستمر في تكرار نفسه و تشويه ارثه الشعري الجميل؟.

الدستور - عمر ابو الهيجاء

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى