إبداعٌ سوري جديد بانامل كردية
( أبيض – أسود ) هو عنوان الفيلم السينمائي السوري القصير ( الكرتوني) الجديد المعتمد على تقنية الماكس ( ثلاثية الأبعاد) وهي من التجارب الحديثة والجديدة في مجال الرسوم ثلاثية الأبعاد عن المستوى السوري وباللهجة المحلية الشامية إذ عرض الفيلم في 30 /3 / 2006 على مسرح المدينة الجامعية بدمشق وفي لقاء مع بعض الحاضرين للفيلم
أفادت الآنسة ندى عبدالرحمن طالبة صيدلة بأننها شعرت بالفخر من كون العمل معمولا كله بأنامل وابداعات الشباب وبهذا المستوى وأشارت الى قصة الفيلم الذي يحمل بصمة واضحة في نبذ العنصرية والتمييز والطبقية .
كما أثنت الآنسة جيان عجو " طالبة ترجمة " بأن العمل على الرغم من اعتماده لغة الحركة والحيوانات إلا أنها اوصلت رسالتها بكل شفافية ووضوح وخاصة بتوظيف عالم الاسماك الصافي والنقي في الفيلم ووجهت اللوم للمعنيين عن هكذا ابداعات لرفدهم بالامكانات والدعم اللازم وتوفير ما يحتاجه شبابنا لأنهم صراحة اكثر قوة ومقدرة مما نتصورهم عليه وشكرت مخرج العمل ومحرك الصور ودرجة دقة الصور والمستوى العالي للصوت وموائمتها للسرد الشفاهي البسيط وبلغة سلسة .
الشاب اسماعيل رسول " مدرس " اوضح نقطة مهمة ألا وهوالهدف من الفيلم وتوجيهه رسالة للكبار بضرورة الابتعاد عن العنصرية واقصاء الآخرين المختلفين لونيا وفكريا وإن العمل ناسب حتى الصغار ايضا بتناوله المسائل الكبرى بطرح بسيط من عوالم البحر
وكما سيتم عرضه لاحقا في عدة دور وصالات سورية وعربية أخرى
يتناول الفيلم قصة سمكة سوداء تعاني من التمييز من لدن السمكات الأخرى البيضاء اللون , تبدأ بروح عميقة إذ الهبوط إلى القاع بصورة موحية غارقة في أنين الموج وصخب البحر تأخذك كلمات " كحول السمكة السوداء " نحو الجهات المختلفة إلى أن يلتقي بـ " دانا " صديقته السمكة البيضاء التي وسّعت البحر أمام ناظريه ووسّعت مداركه و فضاءاته و روح الدعابة التي تسيطر على كحول لإضحاك صديقته بحركات بهلوانية متقنة ولعبه ونفخه للهواء الصاعد والفقاعات
ليجدا نظرة اسماك بيضاء أخرى يكرّهانه بلونه وينّعتانه
بـ (تضرب بها اللون ) بينما تحاول صديقته " دانا " التخفيف عنه دائما وتزداد إشتعالاته وتراكمات الغضب بداخله عندما يرى انعكاس لونه في المرآة التي اكتشفتها دانا بالقرب من سفينة غارقة في القاع , عندها يكره نفسه ويعيب اسمه " كحول "ومن اسماه والآن أدرك سبب تسميته به ,
ويهرب حينها من هذا الواقع ويختبئ في مغارة تلائم لونه اكثر بعيدا عن مجتمع السمك الأبيض
عندها تنتصر إرادة المساواة على التمييز والعنصرية عندما تخبره " دانا " بعد أن أخرجته من حالته تلك بحقيقة الظل الذي تعكسه رمال القاع من لون رمادي موحد انعكاس النور الذي يتخلل البحر على جسديهما لينعكس جسدا بلون واحد على رمل القاع
عندها يبتسمان معا ويدرك حقيقة الأمر ويسموان بجسدهما نحو فضاء وشمس واحدة وينتهي الفيلم بعد أن يظهر لوناهما موحدا , و أوصلت الرسالة التي يريد المخرج والكاتب إيصالها للقارئ العبارة التي ضمتها اللقطة الأخيرة من الفيلم
لظلالنا لون واحد .. لأرواحنا لون واحد
وعند سؤال المخرج والرسام الشاب الكردي الفنان عبدالعزيز عثمان الحاصل على الإجازة في كلية الفنون الجميلة اختصاص اتصالات بصرية عن العمل وتجربته الأولى
أفاد بأن إتمام العمل استغرق فترة سنة كاملة من الجهد المتواصل , إذ بلغ تقريبا عدد الصور التي استخدمها ثمانية آلاف صورة تقريبا إضافة إلى أن تقنية ماكس ثلاثي الأبعاد تستلزم أجهزة عالية المواصفات وهذه الأجهزة غير متوفرة , مما يعيق سرعة هكذا أعمال وكذلك الكوادر التي تعمل على هذه التقنية وهكذا برامج معدودين وخاصة في مجال التحريك الصوري وأفلام الكرتون
لقطة لكحول مع دانا وحوار الود
مع شكري للكاتب وجهوده وكل من ساهم في هذا العمل
وعن إخراجه للعمل قال : تقريبا حاولت أن تتكلم الصورة بنفسها كأبطال للعمل كالظل والمرآة والعتمة أو الظلمة وخروج السمكتين إلى النور وتشابه لونهما للدلالة على الإنسان يرقى بفكره عن التمييز والعنصرية إذ الألوان تتساوى وبعدها لا نميز بين الأبيض و الأسود , عملت على السمك كشخصيات حوارية لهذا العمل تقصدت العمل بهذه المخلوقات البسيطة والجميلة كي تعطي درسا للإنسان بضرورة إلغاء كافة حالات التمييز العنصري والعرقي والقومي
(( السمكة دانا وهي تبتسم لكحول في لحظة ود وتعبير عن ألفة رغم تنافر لونيهما الظاهر ))
وبخصوص اعتماد اللهجة السورية " الشامية " في الفيلم فكان لكونها قليلة الاستعمال في الرسوم المتحركة وهي لهجة أثبتت خارجيا حضورها الدرامي من خلال المسلسلات بأنها لهجة سلسة تلائم حتى بساطة الأطفال.
وعلى الرغم من توجه العمل للكبار فقد لوحظ تعلق للصغار الواضح به أيضا
من حيث الصورة الجميلة والحركة اللافتة و الموسيقا الأخاذة .
فالفكرة والدراما في العمل أخذت شكلها المنطقي البسيط بسلاسة , إذ الأسماك كانت تمارس براءتها لعباً و تتحاور حتى جاءت الأسماك الأخرى ( العنصرية ) البيضاء لتظهر اشمئزازها من اللون في مجتمع الأسماك البيضاء
وهنا تكمن حبكة وفكرة العمل فكرة المرآة نفسها أعطت دفقا بان المرء الرائي نفسه يجد نفسه نكرة في مجتمع يرفضونه وهو تعبير عن حقيقة الشخص نفسه .
جدير ذكره بأن العمل :
فكرة وسيناريو وحوار سلام حسن
وإنتاج مؤسسة سما للثقافة والفنون
وأداء الأصوات حسام الشاه وروعة الخطيب
الإعداد الموسيقي محمد آل رشي
الرسوم والتحريك والإخراج عبدالعزيز عثمان
مدة الفيلم خمسة دقائق كما تم عرضه مؤخرا في تظاهرة ومهرجان شبابلك الثقافي الاول في دمشق في 12/12/2006 حيث لاقى حفاوة وإشادة واضحة بمستوى الفيلم إذ عرض في دار الأوبرا في مكتبة الأسد