مصْعَد الحياة
الحياة بما تحمل من متاعب، والأسواق بما تثيره من عواصف الأسعار والزيادات المتكاثرة، والمواطن يسيّر مصروفه ذات اليمين وذات الشمال.
فذات الشمال تخيفه الأسعار، وذات اليمين تلونه لوحات المواد التموينية وأرقامها الخلبية.
يدندنُ مع مصروفه وأمواله القليلة معادلات الشراء والبيع وآليات الصرف الضرورية والضرورية جداً، بعيداً لسنوات ضوئية عن كماليات الحياة وترفها.
تتبقَّع أيامه بالسواد يوماً تلو الآخر، وقوافل الأفكار تستولي على صحراء جيبه، ورمال مصروفه القليلة، تسحبه هنا وهناك
لكن لا مفر!
فلن تفيده آلته الحاسبة، ولا الهندسات الموجهة والحيل التي تفكر بها زوجته.
يولول كأنثى بجانب زوجته، وكذا يفعلُ الأولاد، على راتبهم الميت في الأسبوع الأول ليبدؤوا رحلة البحث عن لقمة العيش، ولقيمات سد الرمق، فالأب والأم يسعيان لتوفير القليل، والأولاد بُحرَمون مما يحتاجونه حياتياً كأطفال، فالحياة أحياناً تكون أشرس من أي حيوان ضارٍ يتربص بنا.
يستيقظُ صباحا ليصبّح على شمس العمل، وسحب الهمّة، يحاول المستحيل في صراعه مع لقمته المرجوة وأمل بقائه، بحثاً، ومحاولة، ولكن!
فثوب الحياة المرقّع بالحاجة والطلب، والذي يحيل المرء والمواطن هنا إلى نموذج للراكب في مصعد الحياة الهابط به دائماً، والآخرون يشاركونه ماراتون البحث، وخط النهاية لقمة مغمسة بالدم والعرق.
فالمكان الصحي هو المكان الذي تنتفي فيه شروط العوز والفاقة، لذا يبقى المواطن في بحثه الدؤوب عن لقمته، ريثما تصعد به الحياة ومصعدها نحو الأعلى.