الثلاثاء ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٣
من كتاب للكاتبة عالية مكي

يوميات امرأة في السجن

الحلقة الثانية

"بين أيادي الجلادين"

..ساقتني تلك المرأة معها بواسطة (الكلبشة) برفقة اثنين من الجنود اضافة الى مدير السجن (منصور القحطاني) كان يلتزم الصمت ولم يتحدث بكلمة واحدة، كان يسير الى الإمام ونحن الى الخلف الى ان وصلنا للركن الايسر من الساحة وما زال المكان يلفه الظلام والسكون الى درجة انعدام الرؤية تماما، والجو مشبع بالرطوبة، بينما أخذ الليل يرحل شيئا فشيئا بعد ان تدلت خيوط الفجر،

كان منصور القحطاني يحمل ولاعة صغيرة أخذ يضئ بها الطريق، اتجه بنا نحو بناية متوسطة الحجم ليس بها أي منفذ يطل على الخارج عدا بوابة عريضة صلبة تتكون من قضبان حديدية متلاصقة وجدار سميك من المعدن مغطى بجدار آخر من الصفيح يصعب فتحه، مكثنا قرابة خمس دقائف ننتظر، فتح الباب من قبل اثنين من الجنود احدهما يدعى (عمر) وهو متوسط الطول اسمر اللون ممتلئ الجسم له ذقن صغير كلامه شبيه بصراخ النساء، اذا تلكم ضحك عليه الآخرون.

دخلنا سوية يتقدمنا مدير السجن… اصابتني رعشة شديدة ما كل هذا؟ كدت اختنق في تلك اللحظة من الغبار الكثيف الذي كان يغطي الارض ويتساقط فوق رؤوسنا من الأسقف، الجدران تمتلئ بالهواء الذي نهم باستنشاقه، وحتى ساعات الكهرباء لم اكن لأعرفها جيدا، كل هذا لاحظته، الظلام يغطي كل شيء وكأنه قبو قديم جدا، مد المدير يده ليهم بإشعال أحد الانوار المعتمة، واذا به يمزق الظلمة، المنظر، فقد كانت، الساعات منسوجة مع بعضها بواسطة خيوط العنكبوت وذرات الغبار متراكمة عليها..

…أضيئ نور خافت جدا واذا بممر ضيق طويل يبلغ طوله قرابة ستة امتار ونصف، وبعد ان تقدمنا للأمام بمسافة مترين واذا بممر آخر يقع على الجانب الايمن يبلغ طوله حوالي ثلاثة امتار، وكانت الحشرات تتطاير بين هذا الممر وذاك، والصراصير تزرع الأرض جيئة وذهاباً، الصراصير بكثرة اضافة الى وجود قاعدة سكنية خاصة بالنمل الكبير الذي أخذ يتكوم في كل ناحية، فكلما تقدمنا الى الإمام كلما ازداد كل واحد منا في السعال، وصلنا نهاية الممر واذا بقضبان من الحديد قد احكمت على هيئة باب محكم اغلاقه وبعد محاولة المدير لفتحه، امسكتني تلك المرأة التي كانت معنا منذ الدخول، امرتني برفع يدي الى الأعلى، سألتها لماذا. زجرتني بنظرات حادة (اسكتي.. ايش اتريدي اتقولي) بلهجتها الصحراوية، لهجة قاسية عنقية، لزمت الصمت، أخذت بتفتيش ملابسي فلم تر شيء، انتقلت الى شعري وأخذت تضغط بيدها فوق جسدي لربما اخفي شيئا ولكنها باءت بالفشل ولم تحصل على شيء، أمرتني بنزع حذائي وأخذت تبحث داخله، لكنها وجدته فارغا، قامت بنزع الجوارب من رجلي وبحثت داخلها، ايضا لم تجد شيئا، أخذت تنظر الي نظرات مليئة بالشك والحقد وهي تقول :

(متأكدة ما بتحملي شيء) أجبتها بكل تأكيد، ثم فتحت الكلبشة من يدي وبلمحة خاطفة أطلت على عقارب الساعة واذا بها تشير إلى الخامسة صباحا، فانتزعت الساعة من يدي ومدت يدها الى رأسي فانتزعت جميع المسّاكات الموجودة فيه، واذا بها تدفعني بقوة باتجاه باب حديدي نحو غرفة قد لفها الظلام، مخيفة جدا واغلقت البوابة وذهبت مع مدير السجن والجنود المرافقين، انتابني الخوف الشديد ليس من السجن والجنود المرافقين، انتابني الخوف الشديد ليس من السجن وانما من هذه الغرفة الموحشة حيث كانت عالية الجدران تحوي شقوق عريضة بجوانبها كأنها وهمية الشكل من شدة الغبار والحشرات المتعلقة بها، وكانت أرضها شديدة الانحدار وزواياها منفصلة عن بعضها البعض وكان بين الشقوق قطرات متخمرة من المياه ومتحولة للون الاخضر وبعضها للون الاسود تبث رائحة كريهة في الغرفة، كانت أسراب النمل والحشرات الصغيرة تمثل جمعات جماعات مترسبة وكانت الغرفة فارغة من أي حصير أرضي حيث بدت ساحتها تمثل محطة اتصال لإلتقاء الحشرات فيما بينها وخط اتصال طويل لحلقات النمل المتراصة والتي تمتد من خارج الممر الى داخل الشقوق.

هممت بالجلوس فوق عباءتي بعد ان افترشتها كحصير أخذت أفكر طويلا محتارة في امري ماذا أفعل.. ولكن رغم كل ذلك فأني لا استطيع جمع شتات فكري ولو بفكرة واحدة، كان رأسي يكاد يتفجر من شدة الالم وكانت عيناي تميلان الى الذبول من الاحمرار وشدة النعاس بسبب قلة النوم، كان القلق يأخذ مني مأخذا عظيما والخوف يراودني بين فترة وأخرى من تلك الغرفة... ولكن آه لو تتاح لي فرصة كي أنام ولو لمدة خمس دقائق..

بعد مضي ما يقارب ساعتين سمعت الضجيج يتعالى في الخارج وكأنه صوت المدير يتقدم ولكن الخطوات توحي بأنهم اكثر من شخص واذا بصدى عال تثيره حركة المفاتيح واذا بالأبواب تفتح وبالمدير قد أقبل ومعه تلك المرأة وأربعة من الجنود، فتحوا باب الغرفة نهضت فزعة ماذا يريدون هذه المرة.. لعلي سأعود إلى المنزل وكل ما حصل مجرد خطأ، فليس من المعقول ان تعتقل السلطة امرأة وبطريقة بشعة لربما هناك خطأ، لم يصب تفكيري في هذه اللحظة، فلقد امسكت بي المرأة واخرجتني من الزنزانة متجهة بي عبر الممر، واذا بصوت امرأة يصدر من الداخل حاولت أن ادير وجهي الى الخلف لمعرفة من هناك، رفضت وبشدة صارخة في وجهي ممنوع، بعد ذلك علمت بأن هناك امرأة اخرى في احدى الزنزانات، حيث كان السجن عبارة عن بناية متوسطة الحجم (يطلق عليه عنبر النساء او السجن الخاص بالنساء) يتكون من أربع زنزانات وغرفة واسعة اضافة الى مطبخ وقد تحول الى زنزانة هو الآخر، اضافة إلى ثلاثة حمامات في جهة منعزلة مقابل ثلاث مصبات من المياه لمجموعة من الحنفيات ويحتوي على ممرين أحدهما طويل والآخر قصير..

ما زلنا نواصل السير باتجاه زنزانة صغيرة دفعتني فيها تلك المرأة فرغم صغر حجمها الا انها أفضل من الغرفة الأولى، فالارض مستوية تحوي فراشا واحدا، واذا بالمرأة تخرج ويغلق الجنود باب الزنزانة في وجهي بقوة بعد ان قال أحدهم وهو يتثائب وقد بدا عليه النعاس الشديد بنبرة حادة وصوت ويكفي ما سببتيه لنا من ازعاج في هذه الليلة) قال منصور القحطاني (اذ احتجت ان تذهبي الى الحكام او اردت ان تشربي ماء فهذه هي السجانة سوف تكون في هذه الغرفة مشيرا بيده إلى غرفة واسعة تقع في الجانب الأيسر خلف البوابة الخارجية بمجرد نداء سوف تأتي وتفتح لك الباب واحذري ان تصدر منك أية حركة، خرجوا جميعا ولم تبق الا تلك المرأة، كانت طويلة القامة، حنطية اللون، قوية البنية تتميز بوجود علامة سوداء اسفل عينها اليمنة، سريعة اللهجة الصحراوية المبهمة، أخذت تقذفني بنظراتها الساخرة رافعة رأسها بكل اشمئزاز واستهزاء وهي تضحك وكأنني فريسة ثمينة قد وقعت بيدها، لكني لم اعرها أي اهتمام، حمدت الله كثيرا لنقلي الى هذا المكان… بعدها لجأت الى النوم لكني لم استطع، فهاجس القلق وشبح الخوف ما زال يراودني ما العمل اذن؟ لجأت الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء وتلاوة بعض الآيات القرآنية التي أحفظها، فهدات نفسي واستقرت سريرتي بعد ان بزغ الفجر وحان وقت الصلاة وفور الانتهاء من الصلاة احسست بالنعاس فغفوت على أمل انتظار ما سيحدث في الغد.

(اليوم الأول)

…استيقظت سريعاً صباح ذلك اليوم، فأخذت أمعن النظر في هيئة الغرفة وتشكيلتها، ظننت ان الليل لم ينته بعد وأن النهار قد تأخر، ولكن ليس من المعقول فلقد عفوت ما يقارب ثلاث ساعات بعد اداء فريضة الصلاة، لجأت مسرعة نحو الباب كي أتأكد اكثر حيث لم تكن هناك أية نافذة أستيطع أن اطل منها لمعرفة ما اذا كان الوقت نهاراً أم ما زال ليلاً… أصبحت ابحث عن ثقب صغير من الثقوب الموجودة، واذا بثقب يوازي خرم الابرة قد نفذ منه نور بسيط، تيقنت أن النهار قد أقبل لأن النور ينبعث من البوابة المجاورة المواجهة لزنزانتي باشراق أشعة الشمس المنعكسة..

كان باب الزنزانة مغلقاً بإحكام بقفل حديدي كبير لونه أسود مع سلسلة حديدية طويلة.. تذكرت آخر الكلمات التي نطقها المدير (اذا احتجت الى شيء فاطلبي السجانة).. ولكن بأي اسم.. فقلت يا امرأة.. هي.. يا سجانة واذا بها قد أقبلت أخذت تتكلم معي بخشونة سألتها لماذا تعامليني بهذا الشكل وبهذه القسوة، أجابتني (هل نسيت إش سويت البارح،.. تذكرت موقفاً حدث بيني وبينها في ليلة الأمس، حيث بداية دخولي الى السجن وبعد مرور ما يقارب نصف ساعة وأنا في تلك الغرفة المخيفة واذا بها تأتي وترمي بمكنسة كبيرة في وجهي قائلة (هيا قومي عليش شيء إتسوية بلحال بها المكنسة) امرتني بتنظيف الغرفة إضافة إلى تنظيف جميع حواشي السجن والزنزانات ما عدا الزنزانة المجاورة حذرتني من الاقترب منها لوجود امرأة اخرى هناك. مضيفة الى ذلك إعادة التنظيف مرة أخرى بالماء.. هنا صرخت في وجهها أنا لست شغالة لديكم ومهما عملت فلن ألبيّ لك هذا الأمر.. قالت.. (بتشوفي الويل ان رفضت واتصل بالمدير وأقله) وكذا مرة تعيد جملتها كي يتسنى لي فهم ما تقول (فأخذت تتصل عبر جهاز اتصال كان معلقاً خلف الباب مقابل ساعات الكهرباء، فكانت وظيفته اذا كانت هناك مخالفات من قبل المعتقلات تنقل فوراً عن طريق السجانة عبر هذا الجهاز، اضافة إلى تبادل الأوامر بين مسؤولي السجن والسجانة) فبعد انتهائها من الاتصال حضر المدير إلى السجن مكفهر الوجه، حاد، النبرات خشن الصوت، يتبختر في مشيته، ويستعلي كالطاووس في غروره وغطرسته، عادة ما يصيبه التوتر وسرعة الغضب، فها هو يصب جام غضبه على اولئك الجنود حتى وان كانوا في سن والده فيعاملهم اسوأ المعاملة ويفرض عليهم اشد العقاب ويوجه لهم اشد الاهانات واقذرها، فهاهم يترائون للناظر وسط ساحة السجن الملتهبة بحرارة الشمس أحدهم يزحف على بطنه بدون لباس على ذلك الاسفلت المنصهر وقد اصبح جسمه كالجمر من شدة الحرارة، وآخر قد تستعصي حالته لوقوفه على رجل بدون حراك، وذاك قد منع من شرب الماء طوال أربع وعشرين ساعة في ذلك النهار الحار المشبع بالرطوبة، والكثير الكثير من مساوئ هذه الشخصية، شخصية منصور مرعي القحطاني ومن لا يعرفها، حتى الاطفال الصغار يتمثل لهم شبح ورعب مخيف أثناء رؤيتهم له، فها هم لا يسلمون من زجره وسخريته لهم أثناء زيارتهم لآبائهم داخل السجن، وتراه في أكثر الاحيان قد أسدل يداه خلفه وهو يلوح بالخيزران يمنة ويسرى ضارباً هذا ومبعثراً ذاك وكأنه سعى لاستعباد آخرين في تلبية اوامره بالضرب والشتم والتهديد ونادراً ما يتكلم بأدب واحترام وعادة ما يطلق كلمات قذرة تليق بمستواه كمدير…

ها هو قد أقبل والفاظه تسبقه بالسب والشتم والزجر سألني لماذا لا تطيعي وتنفذي أوامر السجانة.. أجبته.. لو تأتي لي بأكبر رئيس للمباحث في المنطقة لما نفذت لكم هذه الأوامر.. وهل هذا من حسن الضيافة هل تكرمون الضيف في اول زيارة هكذا؟ هنا ازداد غضبه وأخذ يهدد ويتوعد وهو يعدو من الباب خارجاً (نحن نعرف كيف نجعلك مستعدة لتنفيذ الأوامر) صفق الباب خلفه وخرج. ومرت تلك الليلة بخير. ما يقارب الساعة التاسعة صباحاً اذا بالأبواب تطرق من جديد وإذا باثنين من الجنود وامرأة أخرى معهم أتت كي تستبدل الدوام مع السجانة الموجودة وعبر حوار بينهما علمت بوجود سبع سجانّات أخريات يتناوبن الدوام الرسمي خلال أربع وعشرين ساعة يومياً.. بعدها ولّت السجانة (نورا) تاركة وصيتها لرفيقتها عليك بهذه وكانت تشير لي، انتبهي لها جيداً، وخرجت على أن تعود في الأسبوع القادم…

"بداية التحقيق"

…في تمام الساعة السابعة صباحاً من اليوم التالي أحسست بخطوات منتظمة تتقدم باتجاهي ثم بدأت الخطوات بالإسراع، استرقت السمع أدنيت أذني من الباب سمعت أحدهم يقول هل أحضرت (الكلبشة) والآخر يرد عليه بالإيجاب، كانوا ثلاثة من الجنود وكان برتبة عريف ويدعى (عامر) وهو شخصية متكبرة، عالي الصوت وهذه ميزة يعرف بها لدى الجميع فيستطيع الإنسان معرفته وان كان على بعد خمسين متراً او اكثر، مخيف الجسم وله ذقن صغير، رجل خاوي ويحب الإزعاج، فتح الباب بعد ان هزه هزة عنيفة وتقدموا باتجاه زنزانتي وضعوا الكلبشة في يدي وأخرجوني معهم، أثنين من الجنود أحدهم يمشي إلى الأمام والآخر يمشي إلى الخلف إضافة إلى العريف، أما السجانة فقد لزمت يداي بقوة بجانبي حتى لا أتمكن من الأفلات من قبضتها وهي قصيرة القامة، نحيفة الجسم، ترتدي برقعاً اسود اللون واسمها (ظبية) تنتمي إلى قبيلة بني قحطان ويتميز كلامها باللهجة البدوية الحادة.. ما زلنا نواصل السير إلى أن تجاوزنا البناية الخاصة بسجن النساء، مررنا بساحة واسعة جداً كانت مسورة بجدران صلبة حيث يتكون سقفها من أشباك حديدية متراصة في صورة مربعات طولها في عرضها عبارة عن سنتميترات معدودة، خرجنا من الساحة مروراً بممر صغير، باجتيازه دخلنا ساحة كبيرة أخرى كانت تضم مكتب مدير السجن، إضافة إلى أربعة من العنابر التي يتواجد فيها اكثر المعتقلين.. ومن الاتجاه الايمن خلف العنابر وصلنا إلى ساحة اخرى عبر بوابة صغيرة وهذه الساحة تحوي غرف الموظفين، إضافة الى وجود مكاتب المحققين على الجانب الأيسر، تقابل هذه المكاتب غرف خاصة للتعذيب وزج المعتقلين داخلها…

أدخلوني غرفة مجاورة لمكتب التحقيق، وما زال الجنود والسجانة برفقتي، أقبل رجل يرتدي اللباس المدني وأفصح قائلاً انتظروا في هذه الغرفة لحين انتهاء النقيب فهو مشغول الآن… تم انتظارنا ما يقارب خمسة عشر دقيقة بعدها خرجنا سوية تجاه الغرفة الثانية حيث مكتب التحقيق.. بعد طرق الباب واذا بصوت من الداخل يأمرنا بالدخول.. تقدمنا الجندي ونحن الى الخلف واذا بطاولة فخمة تتوسط الغرفة ومكتبة كبيرة خشبية من الجانب الايمن ترتكز في زاوية الغرفة، كانت خاوية لا تحوي إلاّ مجموعة بسيطة من الملفات وبعض المستندات، وخلف الباب وضع جهاز تلفزيون صغير وجهاز فيديو وبعض من اشرطة الفيديو حجم صغير، بالإضافة إلى مقعدين من النوع الفخم كسيتا بالجلد السميك بنية اللون، وكانت في الجانب الأيسر، أما الجانب الأيمن فتوجد بعض الكراسي الخشبية المتناثرة في غير انتظام… وكان على الطاولة تلفونان أحدهما لاستقبال المكالمات الداخلية على نطاق السجن والآخر للمكالمات الخارجية.. ويلتصق بالطاولة مقعد دوار من النوع الفخم، كان المحق جالساً عليه يقابلنا بظهره وبالجانب الخلفي من المقعد، بادرت بالاسلام وبعد هنيئة من الوقت استدار بوجهه ورد السلام، أمر السجانة بفتح الكلبشة من يدي وأمرني بالجلوس على أحد المقاعد المقابلة للمكتب من الجانب الأيمن وجلست السجانة مقابلة لوجهي، والجندي ما زال واقفاً لدى الباب ينتظر الأوامر، أمره بالخروج فرفع يده محاذية لرأسه وضرب برجله الارض أداءً للتحية المعروفة (ضرب سلام) فولىّ خارجاً بعد ان اغلق الباب خلفه، حيث كان الباب المنيوم يكتسي اللون الأبيض ـ كان الجو يعمه الهدوء والصمت يخيم على الجميع اما أنا فقد إزدحم عقلي من كثرة طرح التساؤلات ولكني تركتها صامتة أترقب مسير الوضع، فأخذ يفتح بعض الادراج وسط الطاولة ويغلقها وكأنه يبحث عن شيء واذا به قد اخرج ملفاً وأخذ يكتب فيه، ثم اتصل هاتفياً وكان يصدر لمن يكلمه بعض الأوامر مثل هل كل شيء حسب الاصول، كما امرتك أريد كل شيء يكون جاهزاً وانا سوف اكون مستعداً، اغلق سماعة الهاتف بعدها..

ونحن ما زلنا على هامش الانتظار.. بعدها ضغط أحد الاجراس الموجودة من الجانب الأيسر خلف المكتب واذا بجندي قد أقبل وأدى نفس التحية فطلب منه احضار (دلة القهوة( وبعد خروج الجندي سألني عن اسمي فأجبته فأخذ يسألني عن حالي وصحتي وبكل استهزاء وسخرية قالها "عساك مرتاحة هنا!! لقد نورتي المكان، من زمان ونحن ننتظر قدومك، حصل لنا الشرف بزيارتك اليوم.. هذه الفرصة تمنيناها وها هي اليوم تتحقق فأرجوا ان لا نكون قد سببنا لك أي ازعاج المهم ان تكوني مرتاحة في الغرفة الجديدة، أخذ يهز رأسه رافعاً حاجبيه الى الأعلى شامخاً بأنفه.. هه.. لا بد ان تكوني مرتاحة فهي غرفة على الكيف (يقصد الزنزانة) أجبته حمداً لله على كل حال.. توجه لفتح أحد الادراج في مكتبه واخرج ملفاً أصفر اللون فتح الصفحة الأولى وضرب به بقوة في وجهين فوق المكتب ورمى امامي بقلم ازرق طويل كان مخططاً باللون الأسود والاصفر وأمرني بالكتابة، أخذ يردد اسمي لعدة مرات ثم اخذ يخط الاسئلة وسط الملف وقبل ان يسلمني إياها للاجابة عليها لا بد من الاجابة عليها شفهياً ـ فمرة أخرى سألني عن اسمي.
 ما اسمك؟
ـ عالية مكي.
 كم عدد افراد عائلتك؟
 احد عشر(11).
 من الكبير في الأسرة؟
ـ افراد الأسرة كلهم صغار ما عدى انا الكبيرة.
 انت الكبيرة اذن!؟
ـ نعم.
 كم عدد اقربائك؟ عدديهم فرداً فرداً وبالخصوص اعمامك اذكري أسمائهم بالكامل؟
بعد ان عدّدت مجموعة من اقاربي اجبته ليس لدى اعمام
 ألديك أخوال من هم؟ اذكري اسمائهم بالكامل؟
ـ ليس لدي اخوال.

وكان الملف يتردد بين ايدينا هو يأخذه لكتابة السؤال بقلم اسود عريض وانا بدوري استرد الملف للإجابة على اسئلته بالازرق حيث أمرني بالتوقيع فور الانتهاء من الاجابة على كل سؤال، أخذ الملف وكأنه يكتب شيئاً، وبعد ان سلمني الملف للتوقيع فقط بدون إجابة على أية سؤال، اتضح بأنني أمضيت لإغلاق المحضر حيث كتب أنه في تمام الساعة كذا…. تم أغلاق المحضر…..
مع حضور السجانة فلانة……. التوقيع……

واذا به يضغط زراً على اثره حضر إثنان من الجنود ومعهم الكلبشة ثم وضعها في يدي وأعادوني الى الزنزانة مرة أخرى. كان ذلك في يوم الأربعاء والذي يصادف آخر يوم عمل حيث يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع تعطي الإجازة الرسمية لموظفي الدوائر الحكومية.
قضيت هذين اليومين بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر بانتظار جلسة التحقيق المقبلة وبلهفة شديدة لمعرفة السبب في اعتقالي…

في صبيحة يوم السبت في تمام العاشرة، طرق الباب وفتحت الزنزانة واقتادوني مرة أخرى الى حيث المكتب وفي نفس الوقت اقتادوا زميلتي التي كانت في الزنزانة المجاورة، وضع القيد في يدي وسرنا باتجاه المكتب، أعطي المحقق اشارة بوصولنا فسمح لنا بالدخول واذا به منكفأً على مقعده واضعاً ساعديه فوق المكتب وكفّاه محاذيان لوجهه وكان يتلاعب بالقلم بين اصابعه، وقد وضع ملفاً أصفر امامه اضافة الى ورقة بيضاء صغيرة، لم أنتبه سوى لمجموعة من النقاط والارقام الموجودة فيها، واذا به يلقي بابتسامة عريضة وقبل ان يسمح لنا بالجلوس رحب بنا قائلاً باستهزاء أهلاً وسهلاً!! لماذا واقفين تفضلا بالجلوس، جلست بجانب السجانة لفترة معينة على اثرها رنّ جرس الهاتف، رفع السماعة للرد عليها وفوراً اغلقها بدون ان يتكلم وكأنه ينتظر إشارة معينة، نظر الى الورقة الصغيرة التي امامه وأبدى ابتسامه استهزاء وأخذ يكرر وهو يهز رأسه (اهلاً وسهلاً) نظر لي بعدها وقال اهلاً وسهلاً.. بالشيخة، كيف الحال يا شيخة ام وائل يا طالبة العلوم الدينية، فوجئت معرفته لكنيتي، وتملكني الذعر من هول المفاجأة واحسست بالدم يسري في عروقي بسرعة، بدأت علامة الارتباط تهزني.. كادت أحاسيس ان تخونني حاولت ان استعيد ثقتي.. بالله سبحانه وتعالى هدأت نفسي بعد قليل.

هامت يده اللئيمة لتضغط على زر صغير على اثره حضر أحد الجنود، إنتهزت فرصة كلامه وإصدار اوامره للجندي فنقلت الى حيث أمرني بالجلوس طلب من الجندي إحضار الشاي والقهوة وفور خروجه أخذ المحقق يسترسل في ترتيب كوفيته واذا به يرمي بقلم في وجهي قدم الملف وفتح المحضر وبدأ بالسؤال..
يا طالبة العلوم.. ما هي المدن التي قمت بزيارتها داخل المملكة وفي أي تاريخ؟

ـ زرت مكة والمدينة للعمرة ولا اتذكر التاريخ.
ألم تذهبي الى مكان آخر فقط للعمرة؟..
 نعم.
ما هي البلدان او الدول التي قمت بزيارتها خارج المملكة وفي أي تاريخ؟
ـ لم ازر مكان خارج المملكة ما عدا مصر فقط ولا اتذكر التاريخ فقد كان قبل ثلاث سنوات تقريباً.
 هل انت متأكدة فقط الى مصر؟
ـ نعم.
 يا ام مهتدي يا طالبة العلوم ـ متى ذهبت الى الدراسة الدينية في الخارج ومن الذي شجعك على ذلك؟
ـ يا ألهي لا مفر ولا هروب فاسمي موجود لديهم ولديهم علم كذلك بمسألة ذهابي الى الدراسة فلا داعي للنكران…
 ثم ذهابي قبل سنتين تقريباً ولا أحد شجعني على ذلك.
 بأي وسيلة سافرت الى الدراسة؟ ومن الذي كان معك؟
ـ سافرت بالسيارة وكنت برفقة جدّتي.
 هل أنت متأكدة مما تقولين؟
ـ كل التأكيد كما اني متأكدة من وجودك هنا.
ارجو ان لا تكذبي فكل شيء مصرح لدينا وكل المعلومات التي تخصك موجودة وافهمى جيداً انه لا داعي للكذب، فالكذب حبله قصير فاعترفي بالحقيقة قبل ان تندمي؟
ـ ما اقوله لكم هو الحقيقة وليس عندي زيادة.
 أنا اعلم انك كذابة فقولي الصدق وخليك صريحة مع التحقيق.
ـ أنا لا اكذب وكل ما اقوله هو الصدق.
 هنا طرق الجندي الباب قادماً بالشاي والقهوة، بعد ان سكب فنجانه من الشاي قال المحقق هل تشربين شيئاً أجبته بالنفي، خرج الجندي بعدها وأخذ يواصل اسئلته..
 من كان برفقتك في السيارة وانت تغادرين البلاد؟
 لا يوجد أي شخص معي اثناء مغادرتي للبلاد ولم اكن برفقة احد.

هكذا واخذ يكرر نفس الاسئلة ولكن باسلوب آخر، اراد ايقاعي في المصيدة.. ولكن هيهات له ذلك.
كانت الاجابات لا تتغير. بعدها صرخ في وجهي كذابة، انا لست مقتنعاً باي اجابة من اجاباتك فكلها كذب واقول لك واردّد الكذب حبله قصير فيا ويلك ان كتبت غير الصدق، فمن الافضل ان تتجاوبي معنا.. رغم معرفتي بأنك كذابة مئة في المئة والا لماذا توقفت اكيداً تفكري في كذبة جديدة..
 قلت لك انا لا اكذب فالكذب ليس من عادتنا.
 قال: خليك انسانة محترمة وتجاوبي مع كل سؤال والا سوف تعضّين اصابعك ندماً، ثم اخذ يتمتم ببعض الكلمات.. فتارة اسمع له وتارة افكر.. هل استمر معه ام لا. احترت في امري ولم اكن أفكر إلاّ في الله (إلهي عظم البلاء وبرح الخفاء وانكشف الغطاء وانقطع الرجاء وضاقت الارض ومنعت السماء فإليك المشتكى وانت المستعان وعليك المعول في الشدة والرخاء اسألك بحق محمد وأهل بيته ان تفرج همي وتكشف كربي وغمي وترحمني برحمتك يا ارحم الراحمين..) رددت هذه الكلمات الرائعة فاندفعت همة وعزماً لمواصلة التحقيق وبدأت بالإجابة واردّد له أنا لا أكذب، أخذ يكرر كذابة وانا متأكد ولا كلمة واحدة دخلت في رأسي من الكلمات التي ذكرتها فقولي الصدق، أخذ يعلو صوته بالصراخ لا تكذبي أتفهمي أخذ ينظر الي بنظرات حادة وهو يشمر عن ساعديه ـ دفع مقعدة بقوة وقف شامخاً بمنكبية وضرب ضربة قوية بيده فوق الطاولة حيث ارعبتني تلك الضربة، ولمدة دقيقتين وهو ينظر لي بنظراته الحادة والشر يتطاير منها.. الم اقل لك انك تكذبين ثم أخذ (مهشة ذباب) كانت موجودة فوق المكتب لونها وردي أخذ يضرب بها فوق رأسي وهو يقول (انت كالذبابة اعترفي والا سأقطّعك بالضرب كما اقطّع الذبابة بهذه واذا به يقلب المهشة ويضرب بقاعدتها بكل قواه فوق رأسي وهو يردّد لا تكذبي انت كذابة.. متى ستقولين الصدق، التزمت الصمت واذا بضربه يزداد اكثر فاكثر فشعرت بأن رأسي يكاد يتفجر من شدة الألم، صرخت في وجهه الا تخاف الله، الا تستحي من الله تمد يدك على امرأة وتضربها لقد قلت لكم ما عندي وحسب، فاسألوني أجاوبكم ماذا تريدون غير ذلك؟ هدا قليلاً وتوقف عن الضرب ونظر الي نظرة استحقار وفاجأني بضربة عنيفة فوق رأسي صارخاً نريد الصدق وان تقولي الحقيقة هنا نزلت رحمة الله علي اذ رنّ جرس الهاتف، رمى بالمهشة فوق المكتب وأخذ يتحدث بالهاتف.

إنشغلت بالتفكير في هذا الاسلوب الحقير الذي يستخدمه كل محقق مع كل معتقل او سجين للنيل من شخصيته والعمل على تحطيمها بالسب والشتم وعبر اللفاظ القذرة، سواء ذبابة، او حشرة، او جرثومة وما شابه ذلك، فقيمة الانسان امامهم لا تعادل شيء تعادل ذبابة لا تساوي ذرة في الحياة، هكذا يريدون لكل معتقل ان يحولوه الى شخص جبانٍ متقاعس عن العمل والتحرك في سبيل مبدئه وعقيدته، حيث يجعلونه صفراً على الشمال، فهذا هو مبتغاهم وأدُ المجاهدين وهم أحياء.

ما زال هذا الذئب يتحدث والغضب يسيطر على كل كيانه بعد ان جلس على مقعده وزفر بعمق وختم مكالمته بقوله: لا أحد يكلمني أنا مشغول الآن.. قطع المكالمة واخذ ينظر الي وهو يلهث كالكلب بدأ يهددني قائلاً سأجعلك تأكلين حذاءك لحين تعترفي، صفعني بالملف طالباً مني التوقيع لانهاء المحضر والذهاب الى الزنزانة.

دلفت الى العنبر الخاص بسجن النساء وليتني لم اذهب لأرى ذلك الشبح المخيف والوجه المرعب (سارة وما أدراك ما سارة) نعم هي سارة الخالدي امرأة طويلة القامة، ضخمة الجثة كالفيل شديدة السواد، صوتها رخيم وضخم جداً مصحوباً بالخشونة ملامح وجهها حادة وقاسية، من شدة سوادها لا يرى منها الا بريق عينيها وبياض أسنانها فيما تنهال بالسب والشتم وهي من العبيد حيث تلقب من قبل السجانات بالصاعقة، بصدى كلمة واحدة تخرج منها تكاد تحطم الجدران، وتهز الاسقف وهي تزبد وترعد، توجهت الى زنزانتي وانا ادعوا الله سبحانه وتعالى ان ينهى ذلك اليوم حتى يحين موعد انتهاء دوام هذه السجانة فلقد كانت تعاملنا أسوء معاملة، وكانت تستخدم القوة والعنف لإخافتنا ولعلّ هذا جعلنا نستجيب نسبياً لأوامرها، فقد كانت تحاصرنا اثناء ذهابنا الحمام ولا تصرح لنا بدخول الحمام سوى مرة واحدة خلال أربع وعشرين ساعة ويا ويلنا ان طلبنا منها الحمام للمرة الثانية، فإننا لا نسلم من لسانها، كانت تقيدنا في جميع تصرفاتنا سواء في النوم او الجلوس ففي تمام الساعة الثامنة ليلاً لا بد ان تلجأ الى النوم، وفي تمام الخامسة صباحاً لا بد ان تستيقظ، وحتى الذهاب الى شرب الماء تحدده لنا بوقت، قضيت تلك الليلة وأنا اضرب أخماساً في اسداس لشراسة السجانة من جهة ولحرارة جلسات التحقيق من جهة أخرى، جلست افكر طوال الليل في اسئلتهم الموجهة الي وبماذا سأجيبهم، فكرت بعمق في اساليبهم وكيفية مقاومتها، توجهت الى الله في تلك اللحظات (الهي يا ملجأ الهاربين ويا ملاذ اللائذين اليك لذت وبك اعوذ فاستنقذني من كيد هؤلاء الشياطين كما استنقذت موسى من كيد فرعون وافتح لي أبواب رحمتك وامنن عليّ بلطفك يا أكرم الاكرمين). واذا بي أهرع مسرعة تجاه الباب بعد ان سمعت صوت سارة يهز العنبر (انت تسمعي لو بتستهبلي هيا..) استعدي للذهاب الى التحقيق، ما هي الا لحظات واذا بالمفتاح يدور في قفل الباب حيث أقبل جنديان معهما سجانة، توجهنا سوية الى المكتب ولكن المحقق لم يكن موجوداً وانتظرنا قرابة عشر دقائق حينما قدم المحقق وبيده مجموعة من الملفات وضعها بأدراج مكتبه واخرج الملف الخاص بالتحقيق وبدأ بالاسئلة بعد ان فتح المحضر..

 ما هي المدة التي قضيتها خارج المملكة؟ وفي أي وقت تم سفرك للدراسة الدينية؟
ـ المدة التي قضيتها تعادل سنتين ونصف وتم سفري للدراسة الدينية في يوم الجمعة في تمام الساعة التاسعة صباحاً.
من الذي رافقك الى الدراسة؟
ـ لم يرافقني احد.
فور وصولك لطلب الدراسة الى أين تم اتجاهك وفي أي مكان تم سكنك؟
 فور وصولي اتجهت الى المدرسة وتم مسكني هناك.
…بينما نحن في غمار الحديث واذا بعايض القحطاني قد اقبل، سحب الملف من يدي وأخذ يقرأ ما فيه واذا به ينظر الى المحقق ويتفجر من شدة الضحك، قال عايض لا تجعلها تستهبل، تراها بدأت تلعب من أول ما شرفت عندي في المكتب (مكتب القطيف) قالها باستهزاء موصحيح يا طالبة العلوم..
 لماذا اخترت الدراسة خارج المملكة؟ واذا كانت حجتك الدراسة الدينية فنحن في المملكة لدينا مدارس وندرس علوم دينية فلماذا اخترتها خارج المملكة؟
ـ تم اختياري للدراسة الدينية خارج المملكة لعدة أمور منها..
1 ـ دراسة العلوم الدينية الاصيلة والبحث عن الثقافة الإسلامية العريقة.
2 ـ الغرض من سفري لدراسة المذهب الجعفري.
قال بكل اعتزاز نحن في مدارسنا ندرس المذهب الجعفري وائمتكم هي نفس ائمتنا ولا تنسي أنك بقولك هذا تفرقين بين الشيعة والسنة؟

انا لا افرق وانما أوضح لك السبب في ذهابي لطلب الدراسة الدينية واذا به قد ثارت اعصابه وهو يردّد ائمتكم هي ائمتنا ومن ثم أخذ يضرب الطاولة بيديه وهو يردّد نحن لا نفرق لا فرق في ذلك لا فرق في ذلك اتفهمي؟؟؟
اجبته بقولي اذا كنت صادقا فيما تقول فاذكر لي اسماء الائمة واحداً تلو الآخر مع ذكر تاريخ ولادة كل واحد وتاريخ وفاته.. ما هي الا لحظات حتى ثارت ثائرته بشدة.. صرخ وهو يحملق في وجهي يا قليلة الادب هذا ليس حديثنا فقد خرجنا من الموضوع..

بعدها تنفس الصعداء وهدأ من روعه وأخذ يواصل.
 لماذا اخترت هذه المدرسة الدينية رغم ان هناك مدارس كثيرة فما الهدف من ذهابك لهذه المدرسة بالذات؟
ـ تم ذهابي لهذه المدرسة لأنها تضم جميع العلوم الدينية والعلوم الحياتية وكل ما هو في صالح الإنسان سواء في الدنيا والآخرة.
 ما هي الجنسيات الموجودة معك في المدرسة؟
ـ يوجد معنا من لبنان، والعراق، والسعودية ـ
 من هم السعوديات الموجودات معك؟ اذكري اسمائهن، مناطقهن مكان تواجدهن حالياً؟
ـ انا فقط سعودية الجنسية، اسمي عالية، منطقتي صفوى مكان تواجدي حالياً السجن.
 صرخ في وجهي أتستهزئين بنا..
 أنا لا استهزئ.
 بل تسخري بالحكومة.
 لا اسخر من أحد وانما أجيبك على سؤالك.
 قال: الظاهر بتستعبطي وهو يهز رأسه.. وواصل التحقيق.
من هم الأفراد الذين تم تعرّفك عليهم؟ اذكري اسمائهم؟
ـ لم أتعرف بأحد.
 كذابة..
 انا لا اكذب.. فهميّ كان الدراسة والمذاكرة وليس لدي وقت للتعارف سحب القلم من يدي واخذ يحملق بي قائلاً.. مهما ذكرت وقلت انا لن اصدق، وهذه كتاباتك انا متأكد منها كل التأكيد كلها كذب في كذب توجّه يضرب الطاولة بشدة وكأنه يريد ايذائي… بدوري دعوت الله سبحانه وتعالى ان لا أتعرض لسوء، كنت جالسة وكانت اعصابي غير مستقرة

لم تكن في مكانها ولكني تظاهرت بالهدوء، إشتد عضبه اكثر، كانت عيناي تحملقان بكأس الشاي الموجود فوق الطاولة والبخار يتصاعد من فوهته، توقعت أن يصفعني به، واذا بالضرب أخذ ينهال فوق رأسي بقوة بواسطة مسطرة سميكة من الزجاج الابيض أخذ يضربني فوق رأسي وانا التزم الصمت. قتله صمتي فازداد ضربه لي بحافة المسطرة وبكل قواه العضلية وهو يردّد يا قليلة الأدب يا كذابة، يا رافضة، يا عنيدة، استمر في الضرب لمدة نصف ساعة تقريباً وهو يقول لا تنكري، قولي الصدق بينما هو يضربني تذكرت مقولة للعلامة المجاهد السيد هادي المدرسي ـ حفظه الله ـ (المرأة بطبيعتها عنيدة وليكن على المرأة ممارسة عنادها اكثر من الطاغوت) واذا بي قد انقلبت الاشياء أمامي، الطاولة، المقاعد، الأرض كل شيء اصبح بالعكس، إسودت الدنيا في عيني، فقدت القدرة على التركيز لكني ما زلت اتقيد بالصمت.. كان الشيطان وقتها يراودني بين فترة وأخرى للاعتراف! إعترفي ولا داعي لكل ذلك، فليس بعيداً ان يصفعك بكوب الشاي ولربما ينزع حجابك… لا ترين ثورته وهمجيته، الا ترين غضبه؟ اعترفي، قولي ما لديك ـ تساءلت بداخلي هل أقدم على الاعتراف ام لا، فقد يؤذيني اكثر، واذا بصرخات قوية قادمة باتجاهها الينا من الغرفة المقابلة، كانت لأحد الشباب وكأنه قد انهار من شدة التعذيب استنكرت الأمر في البداية وظننت ان هذه الصرخات مفتعلة لتخويفي ولكن بلمحة سريعة كالبرق الخاطف ركزت بصري الى الخلف حينما دخل احد المدنيين ليقدم بعض الاوراق الى المحقق فقد ترك الباب مفتوحاً خلفه واذا بي ألمح شاباً يتوسط اثنين من الجنود وهو يئن ويستغيث ولكن من المجيب؟؟؟ افزعني شكله كان وجهه محمراً والدماء تشخب من رأسه وقد عملت على تغيير ملامح وجهه، وتحول ثوبه الابيض إلى أحمر وكأنه مرقع، وكانت رجلاه شديدتا الاحمرار كالجمر الملتهب، وكان الجنود يجرونه على الارض بقوة وسياطهم والسنتهم تكيل له السب والشتم، إنتبه المحقق، وبنبرةً زجر أمر السجانة بغلق الباب.

أحزنني منظر ذلك الشاب، هممت بالتفكير في مصيره هنيئة لربما التحق أنا به ويكون مصيري مثله وألاقي ما لاقاه، انهالت مني الدموع كقطرات الندى المتلاحقة وانا أسبح في رحاب الخالق (الهي انت معي وتعلم بكل شيء يا من لا يسبق علمه شيء عبدك بين يديك يسألك ويدعوك يا مجيب دعوة المضطرين فلا تخيب رجائي" كانت لحظة تذلل وخشوع ورجاء، قرأت بعدها فاتحة الكتاب على اثرها استقرت نفسي وهدأت سريرتي، فزعت بعدها على اثر الصوت الصادر من اغلاق الباب بعد خروج ذلك الرجل.

قال المحقق والآن ستعترفي ام لا.. ام تريدين وجبة دسمة احلى من الوجبة التي نلتها..
أجبته بصوت مبحوح من أثر تساقط الدموع، حيث أخذت الآلآم تعصف برأسي، الا تخاف الله فكل ما عندي ذكرته لكم.

قال: انت تكذبين، أنا اعلم انك مخادعة كذابة، منافقة.
صدقني قلت لكم كل ما عندي وانا صادقة فيما أقول، بعدها لزمت الصمت..

أكملي لماذا توقفت فلا تحاولي خلق قصص وتأليفات جديدة فأنا اعلم بأنك كذابة واقوالك هذه ليست صحيحة، واذا بصوته يعلو صارخاً.. لعينة انت لعينة بعدك تكذبين هذه آخر مرة احذرك فيها وواصل تحقيقه ـ قائلاً.
ما هي التبرعات التي قدمتها سواء مالية أو عينية وانت خارج البلاد وكم هو مقدار المبلغ الذي دفعته؟
ـ لم أقدم اية تبرعات وبالتالي ماذا تقصد بعينية؟
 عينية.. قال ذهب، ملابس، اجهزة مثلاً وما شابهها؟
ـ لم اسلم شيء سوى مبلغ بسيط من المال قدره خمسمائة ريال(500)سعودي.
 هذا ليس معقول ومن الذي طلب منك التبرعات ولماذا؟
ـ التي طلبت مني التبرعات هي احدى المسؤولات في المدرسة وهي التي سلمتها المبلغ.
 لماذا طلب منك هذه التبرعات؟
ـ طلب مني ذلك لشراء بعض الحاجيات كسجادات صلاة ومصاحف لأحد المساجد.
 هنا زجرني بقوة ما هذا الخط؟ زي الزفت حسني خطك والا…
(حيث منذ بداية دخولي السجن وانا اتعمد الكتابة باليد اليسرى؟
 من الذي اوصلك من الخارج الى البلاد؟ وعبر أية وسيلة؟
ـ وصلت الى البلاد عن طريق أحد الحملداريين واسمه (ابو علي). وكان ذلك بالسيارة عبر الطريق البري.
صرخ في وجهي، احترمي نفسك ولآخرة مرة.. ها.. لا تفكري بأننا اغبياء فنحن فاهمينك وفاهمين اسلوبك يا قليلة الادب، صفعني بالملف. أجيبي على السؤال بصدق؟..
 ما هي البلدان التي مررت بها اثناء نزولك البلاد؟ اذكري المراكز الحدودية التي مررت بها في الطريق؟
ـ ماذا تقصد هنا؟ لم افهم السؤال؟
 السوال واضح ولا يحتاج إعادة.
ـ ايضا لا يحتاج ان اجيب عليه لأنني لم أفهمه.
أخذ ينظر الي ينظرات حادة وانا اضحك (خلف الغطاء) فاضطر الى اعادة السؤال وقال البلدان التي مررت بها يعني مثل الكويت، الخفجي، دولة أخرى هكذا؟
ـ لم نمر بأية دولة، فورا تم اتجاهنا للبلاد وقد مررنا بمركز واحد وهو (الحديثة).
 قال: رايح اطابق اقوالك بالمعلومات التي لدينا وياويلك ان اصبحت كذابة.. قالها بكل عنجهية وبلاهة (رايح اتذوقي المر داخل الزنزانة وبتعرفي من هو أنا).
ايصير خير..
اقفل المحضر، وأمرني بالامضاء عليه ومن ثم عدت إلى الزنزانة.


مشاركة منتدى

  • عزيزتي يتبين لي من حديثك أنك (رافضيه)وذهبتي الى دوله لم تذكري أسمها لادري هو حياء أم تستر أم أن مذهب الرافضية يعتبر شيء مشين وهذا هو الأقرب الى الصحيح فإذا كنت كذلك فلس لمن ترك أهل السنة والجماعتي الا أسواء من هذه المعاملة ( وأسئل الله أن يهدي كل من ضل الطريق المستقيم ويرد كل رافضي الى السنة السوية ) وشــــكرا

    عرض مباشر : أحمد

    • شتيمة الاخرين ليست عادة المسلمين الحقيقيين ولكنها سياسة التافهين الذين يتسترون بالدين
      ياايها المتحاملين على عالية مكي
      كل مواطن مسلم له الحق في ممارسة شعائره كما يراها تقربه من الله
      وليس كما تراها حضرتك
      فمن هو الذي جعلك ناطقا باسم المسلمين وحكما عليهم
      اتق الله يا رجل وحسن الفاظك فلله وحده حق محاسبة الناس وليس انت دع الخلق للخالق

    • اذا كانت رافضية تستحق كل هذا !!!!!!!

      فانت ماذا تستحق؟؟؟؟؟؟؟

      اريد الاجابة منك

      فلقد عطيت نفسك الحق في ان تحاسب وتقاضي ومن الرافضية اهنئها بانها رافضية.

      هل تعلم لماذا ؟!!!!!!

      لانها رفضت الظلم والعدوان .

      اما اذا كان مذهب الرافضية مشين بنظرك فانت قد اخطات

      فتبا لك ولحكمك

      انا السنة والجماعة ولا احكم بما حكمت عليهم .

      انهم على التوحيد وليسوا مكا تتوهم انت

      عذرا للرافضية من هذا الشخص

      فلكم كل الاحترام والتقدير

      عرض مباشر : يوميات امراة في سجو...

    • بسم الله الرجمن الرحيم والصلاة والسلام علي اشرف الخلق اجمعين سيدنا محمد عليه وصحبة وال بيته اشرف الصلاة والتسليم اما بعد ما الذي يحدث الان وباي دين يدين ال سعود بحق الله انا لا اعرف اهو دين محمد فانا لم اسمع ان رسول الله قد ضرب امراة او سب امراة طوال حياته الا عندما رجم الزانية وقطع يد السارقة فهل كانت هذه المراة سارقة او زانية حاشا لله ثم تقول هي رافضية وماذا تعني رافضيى هل هي قامت بقتل اهل السنة هل هي تقول لا اله الا الله ام لا وانت انظرروا بانفسكم الي اهل السنة هنا في مصر والله لا يعلمون تبع اي فرقة هم لو قلت لاحدهم انك رافضي لانك من مصر وهذا مذهب مصر لصدقك وظل علي اعتقاده هذا طوال عمره تقول لي رافضية فانا اسل لم اسمع ان كلبا من كلاب الشرطة السعودية فعل هذا بمسيحية فلماذا يفعل بمن توحد الله لا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله واقول للسيدة عالية والله انني لمن اهل السنة ولكم تمنيت ان اجد من نساء السنية فقط 10 امثالك ولله درك وان نصر الله قريب واعلمي ايتها الاخت الغالية ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم وانني اقدم العذر لانه والله ان الذي حدث لكي هو في رقابنا نحن المسلمين سنية ام رافضة سنسال عنه يوم القيامة امام الله ونرجو منكي ان تسامحينا في هذا
      يا ضيعة الاسلام في اوطانه ضاقت به وباهله الافاق
      واما بالنسبة لكلاب الحكومات اقصد جنود الفراعنة فهؤلاء نذر الله العلي القدير في نحورهم وكفي به نصيرا
      محمد خاطر
      ارض الكنانة
      مصر

    • انت غبي يلا ولا بتستغبي هو كده انت يا اما حمار يا اما خنزير من خنازير القصر بتاع ال سعود انا مش عارف حاجة غير كده في دين مين يا ابن الغبي تعامل من تقول لا اله الا الله بهذه الطريقة بينما تقبل اقدام الامريكية النصرانية يا ايها الحمار يا من كرمك الله بالعيش في ارض الحجاز اتقي الله اسئلك هذه تقرا القران اليس كذلك اما المسيحية في بلادكم فتقرا الانجيل ايهما افضل يا اخا الشيطان وهل تقبل ان يحدث هذا لامك وهي في بلاد شيعة مثل ايران ايها الكلب اتقي الله فان الله لم يامر المسلمين بمعاملة النساء هكذا وان كانوا غير موحدين مثل التي تقول بان الله هو المسيح يا حمار علي فكرة انا من اهل السنية وليس فقط وانما من انصار السنة في مصر واتحداك انك تلاقي واحد عندنا في مصر في جماعتنا يقبل بكلامك هذا اتعرف ان فك امراة مسلمة كهذه هو في حد ذاته جهاد كالجهاد تمام في فلسطين والعراق بص خليك انت في فضايحك يا سعودي لما بتيجي مصر هنا بنشوف فضايحكم فلو كان الشيعة كلهم زيها انا موافق ان الحكم في السعودية يكون شيعي مع اني من اهل السنة شوف يلا فضايحكم في امريكا وبيروت والقاهرة واوروبا كلها وبعد كده اتكلم عن الشرفاء يا حمار يا غبي والله لا اعرف كيف تقابل الله وقد حملت نفسك مالا يطيقة بشر من هذا الغباء يلا ربنا يهديك

  • انتِ رافضية حقيرة ، وتستحقين الموت يا نجسه .

    عرض مباشر : عادل

    • لا ادري هل هو تخلف منك او عميان لا خير فيه

      انا من اهل الجماعة والسنة

      الرافضية كما تدي انت هم اخوان لنا في الدين وهم على التوحيد

      لي عقل لك

      عذرا منا اهل الجماعة والسنة لهذه الاخت من هذا انه ليس منا.

    • الاخت صاحبة القصه سوى كانت رافضيه او سنيه اوتعتنق اي مذهب او ديانه فلا يحق لاشراف الدين الاسلامي وحماه المجتمع من عسكر وسجانات وسجانين معاملتها بالسوء اما ان يدعوها لما هو صواب او ( لكم دينكم ولي دين ) وفي بلد كالسعوديه يظهرون لنا عصبيتهم بما يعود سلباً على مذهبهم ويؤخذ عليهم نسأل الله لهم ولها ولناالهدايه

    • يأخي قبل أي أهانات ما سألة نفسك أن هذه مراء مثلا أو أنسان و أذا أنت تدعي أنك من أهل الجماعه و السنه فأهل السنه مو هذي كلامهم صحيح أحنه نختلف معا الشيعه في العقيده لكن ليس من حق أي شخص سب أو شتم شخص يختلف معاه في العقيده أحنه السنه نقتدي بالنبي و آل بيته الطاهرين و أصحابه،
      و أذا تقول أن الشيعه كفار ما عتقد أنهم أشد كفر من قريش أقل شي أنهم يشهدون أن لا آله لأ الله و أنا محمد رسول الله.

      أود أقولك يا أخي تحله بأخلق الرسول و آل بيته الطاهرين و أصحابه الكرام.

      شكرا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى