

وَضَعْنَا الشَّمْسَ مُرْتَكَزَاً مَدَارَا
(من البحر الوافر)
الإهداء: إلى الأستاذ زاحم جهاد مطر المحترم كاتب المقامات المجدد، وقد كتب عني مقامتين رائعتين. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وَضَعْنا الشّمسَ مرتكزاً مداراأبــــتْ إلاّ يهيمُ بها الغَيارىفراحتْ تُشْبعُ الآفـاقَ نوراًوما جحـدتْ يمينـاً أو يسارا!وسارتْ بينَ ديجورٍ وجورٍفشعشعَ عـدلـُها يلـجُ الدًيـاراوقالتْ شيـمتي تأبى ومجدي"سحائبُ ليس تنتظمُ" القفارا(1)فمـدّتْ ترفدُ الصحرا بجــارٍوقد جابتْ جواريها الجـوارا(2)وكانتْ خصْـبة ًضوءًا وماءًفما قحـلتْ ولا غبرتْ غبارالها رأدُ الضحى وأصيلُ شمسٍفمدّتْ في بسيـطتها النواراألا لله يا بغـــــدادُ مجــــــــداًتعثّرَ بيـــنَ تيمـــــورٍ عِثارافهمّـتْ عتمة ٌ تعلو علاهـــاومـا ذاقــت لياليها النهـــارا!ترومُ ســـيادة ً للظلمِ عسْفاًوإنْ رسمتْ على الجيلِ افتقاراوتنهـشُ في لحومِ الفكرِ خسْفاًومَنْ خَصِم العقولَ هفَ انهيارافمــــــا عيش الفتى إلاّ هباءًوما فكرُ الفتـــــــى إلاّ بحارافولّتْ في حشى الأيّامِ صغراًوكلُّ صغيـــرةٍ تلُدُ الصغـــاراألا يا زاحمُ: الدّنــيا توالـــتْيزاحمُ بعضها بعضاً دمــارافكم برجٍ ســــــتزرعُ للبرايـامقامتُكَ الرفيعة ُكي تُـــدارى!وجـــــرأتكَ التـي أدمغتَ فيهانفـاقّ الدّهرِ،هل تجدي شعارا؟فمَن نظرَ الحياةَ بعمرِ فــــردٍأضـلَّ خلـــــــودَ أمّتهِ عَوارافيــــــــأتي غيثهُ غضباً عليهِولا يُبقي ولا يــــذرُ اخضراراإذا مـــــــا النفسُ ما قرّتْ بعينٍفلا ركدتْ ولا قــــرّتْ قراراألا يا زاحمُ: الأشـواقُ عمــــرٌقضينـاهُ اغتراباً واجتــرارافلا جدَّ الجديدُ سـوى جهــــــادٍلنفـــسٍ جُرّعتْ منهُ مراراحللّتُ بموطني أمــــلاً بظــنٍيراودني، زهوتُ بهِ افتخارافرشتُ الأرضَ بعد النأي طوراًأقبّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا"(3)وطوراً ذابَ في نفسي هيـــاجٌيؤجّجني بمــــا أمّـلتُ طارافكمْ من ْ (مريمٍ) خلدتْ بخلدٍولم تألفْ شراراً أو عــــرارا!(4)فحاورها الجبانُ بلغمِ غـــــدرٍومــا ذاقتْ براءتُها الحوارابأيِّ مشيئةٍ جرمَ بْنَ حقـــــــدٍتشتتَ شـــملَ وادينا فجـاراألمْ تكُ (مريمُ الفيحاءِ) يومــاًلفــــاطمةٍ وعائشـــةٍ جوارا ؟!رأيتُ بسـاحتي حجراً لئيمـــــاًيُعدُّ لمثــمرٍ يَهدِ الثمــــاراولمّا زانهُ ســهرُ الليالـــيوشبَّ يـراعُهُ يملي اقتداراأضــــاعوهُ وأيّ فتىً أضاعوالـــــعمركَ والأنامُ تُدكّ ُعـارافللخلدِ البقاءُ لمـــــن تغاضىسيجعلُ أمـــــرَ جاحدهُ اندثـارافغيُّ الجـــــهلِ ســــرٌّ يزدريهِونورُ العلمِ يفضحهُ جـــــهاراومَنْ مـــــــرّتْ تجاربهُ مـراراًولمْ ترشـدْهُ، قلْ عنــهُ حماراومربدنا إذا ما كـــــــــــان غثّاًيثيـرُ بنثرهِ هــــــــــــذا الدوارافلا أرضى بــهِ شرفاً وشــــعراًإذا ما العصــرُ أنجبــــهُ عصاراومَنْ ظـــنَّ العراقَ بلا شــــموعٍستهديهِ، وإنْ خفقـتْ مـرارافـــإنْ جُمِعَ العراقُ بعزم حزمٍيكـــــــــنْ في رافديهِ أعزّ دارافعشـــــــــــــتارٌ ستحييهِ نخيلٌلتســـدلَ فــوقَ هـــــولاكو ستارا !
(1) إشارة وتضمين لبيت أبي العلاء المعري:
فلا هطلتْ عليَّ ولا بأرضي *** سحائبُ ليس تنتظمُ البلادا
(2) بجارٍ: يعني براتب شهري، كان في العصر الأموي والعباسي يطلق على الراتب: الجاري.، وجواري الكنس للشمس وهي: زحل والمشتري وعطارد والمريخ والزهرة، استعارة عن الولايات التابعة للدولة العباسية، أبان ازدهارها.
(3) عجز لبيت مجنون ليلى:
امرّ على الديار ديار ليلى *** اقبل ذا الجدار وذا الجدارا.
(4) (مريم علي) طفلة عراقية، لا يتجاوز عمرها ست سنوات، قتلت ضحية التفجيرات الإرهابية في أحد مساجد الحلة الفيحاء، عرّجت إلى بارئها كملائكة الجنان تشكو لربها ظلم الإنسان الشرير لأخيه الإنسان