فأعيدي لي سِيرةَ الليالي التي |
ما غابتْ فيها عن هَوانا أقمــارُ |
وأعيدي أحلامي في طلْعِ بسمتِها |
ونظرةً تَنسابُ من صَفوِها الأسرارُ |
ودمعةً في ذكراي إنْ كُنتُ ذا ذكرى |
وليلةً قَضَيناها كما قَضى السُـــمَّارُ |
وتَذكِّري أنني مازلتُ أنا كما أنا |
أنا الشاعرُ و أنتِ غِنوةٌ وقيِثــارُ |
جِئتُكِ والأشواقُ لا تزالُ تحملُنـي |
وتُغني قافيتي من حُسنِكِ الأطيار |
وأنّكِ التي ذاقتْ رحيقَ فرائــدي |
وانتشى العبيرَ من عَبقِها العُطّارُ |
ولكمْ شكتْ النجومُ حنينَ قصائدي |
حتى الحنين من حنيني إليكِ يُغارُ |
وتَذكِّـري يا مُدللةَ القوافي غِنــوةً |
كنَّا سمعناها ونبضُ القلبِ أشعارُ |
وكم إذا نأتْ عن اللقاءِ خُطوتي |
يُعانقُ الليلَ من سُهدهِ نهـــارُ |
وإذا ما دَنَتْ بعدَ النوى لُقيةٌ |
قلتِ : البعدُ نــارٌ واللقاءُ نــارُ |
وتُحــــرقُ أشـواقَ البعـادِ نظرةٌ |
فللهِ ما غرَّكِ و ما شاءتْ الأقدارُ ! |
كُنتِ إذا رأيتِ في عيني شِكوةً |
تَبكي عيناكِ و تتبدلُ الأدوارُ |
وإنْ عدّني صرفُ الزمانِ و الجوى |
كانت عيناكِ لصرفِ الزمانِ سِتارُ |
فلتحكي الأيام عن ما كانَ بيننا |
فليسَ لكعبةِ الحبِ بعدَنــا زُوّارُ |
وتَذكِّري أنني مازلتُ أنا كما أنا |
رغمَ الصدِّ شاعرُ السلوانِ مغوارُ |
فاروي حدائقَ الشــعرِ عني إنمـــا |
إليكِ دمائي إنْ جَفّتْ لديكِ أنهارُ |
لو غنى للهـوى قيسٌ وغنى بشّارُ |
أو استنارَ الشعراءُ بدمعي وأناروا |
فلن يُكتَبَ في هواكِ مِثْلُ قافيتي |
فلولاكِ لا شــعراً ولا حــرفاً يُثَارُ |
يا من أضاع الأماني في جهـــلٍ |
لقدْ أغرقَ الشراعَ من جهلِهِ بَحَّارُ |