الثلاثاء ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤
بقلم محمد تقي جون

هلوسات شعرية

لا يوجد شاعر وأديب في العالم لم يكتب هلوسات. فالمصادر تذكر ان ابا نواس وأبا العتاهية وباقين كانوا يهلوسون بالأشعار على موائد الخمر، بينما كان عمر الخيام يهلوس على مائدة الخمر شعرا مختلفا هو (رباعياته) العظيمة. وكثيرا ما كانت اليزابيث الاولى تطلب من شكسبير مسرحيات للتسلية ليست غير هلوسات عظيمة لا يقدر عليها غير شكسبير.

فالهلوسات منها ما هو جدي ومنها ما هو هزلي، ومنها ما يكتب تحت سكرات اليأس أو الالم أو الحزن وغيرها.

فبعد رمضان الكريم من لدن الرحيم الكريم، اذ عادة ما يضطرب السكري بسبب تغير أوقات وطبيعة الاكل، نهضت وانا أجمع كل أسباب ودواعي الهلوسة وضاقت الدنيا وتداعت النهايات وشارفت الخواتيم، فوجدتني أمسك القلم وهو كثور لا يثبت له ظهر، او مقلة غاضب لا تهدأ. لقد كان القلم دواء كل الم وشفاء كل سقم، فركبته فطار بي بلا هدي الى معارج الواقع والفكر الشاسع فرأيت مجالي ومحاني ومناحي لا تتاح للعين المجرة والعقول المتجردة. هذه بعض ما بقي في الذاكرة وأثبته القلم فلا أؤاخذ عليها ولا ألام فيها.

(1)

استمر زُعطوط يجلد (ذُبابَسِد). و(ذُبابَسِد) في الحقيقة (أسد) ذبَّنه الحظ فعومل (ذبابة)، ولأنه في الأصل أسد فان المِذبَّة التي يضربه زُعطوط بها لا تقتله ولا تؤذيه، ولكنه مع ذلك كان يصيح في كل مرة (آخ) ليس من الوجع بل من (الحظ سز). وأخيرا نُسي اسمه المنفصل المفصَّل عليه (أسد) وصار ينادى باسمه المتداخل الدخيل عليه (ذُبابَسِد).

(2)

حين يحيط أكثر من عدو بك، ويتعاون غير واحد عليك، عليك أن تستسلم، وتلك منتهى البطولة والاراحة من هم لا مفر منه. وان هان الاعداء الذي حاطوا وتعاونوا وقلَّ شأنهم كما قال لوركا العظيم (لانهم أربعة فقد استسلم)، ففي كل الاحوال هم أربعة وأنت واحد. فكيف وهم أقوى أربعة في الكون: الحزن والقلق واليأس والألم!! وأمامك أمثلة كبيرة في الاستسلام: قيصر الروم وآل كامبريو وأنت! أنت يجب أن تكون أعظمهم استسلاما وهزيمة!! فاستسلم وارقد بسلام.

(3)

لا تكتبوا (المرحوم) فوق قبري
بل اكتبوا (المحروم) طول عمري
أعلل النفس بيوم وغدٍ
والعمر يمضي لا يعي أو يدري
الله يخلقنا ويفنينا
وهو المقدّر ما سيعطينا
فإذا فقدتَ أعزَّ أمنية
فالله لم يخلق أمانينا

(4)

كان عليَّ أن أكتب لامية ثالثة للشعر بعد لامية العرب للشنفرى ولامية العجم للطغرائي. وقررتُ أن أسميها (لامية جون) على اسم جدي. وجون يقرأ عربياً بمعنى (الأسود والابيض) وكرديا بمعنى (الروح) وانجليزيا بمعنى (يحيى). وصرتُ أبحث عن موضوع للاميتي. ولسوء الحظ زرت صديقا طلق زوجته توا فاقترح عليَّ أن أجعل اللامية في ذم المرأة وأقنعني بذلك فكان. لا تنظروا الى موضوع اللامية فهو غير مقصود وقابل للتأويل، بل انظروا الى اللامية عموما، وأسألكم الدعم والدعاء.

لامية جون

ذكرُ النساء مللُ
وأمرهنَّ جَللُ
ترى الفتاة حلوة
يطفح منها النبُلُ
مضيئة.. مثل شعاع الشمس اذ يشتعلُ
ملهمة.. المبدعون في رؤاها عملوا
ملكة.. الناس والدنيا لديها خَوَلُ
وتشتهى كما يَلذُّ ويَطيبُ المأكلُ
حتى اذا تزوجت
أطلَّ منها طنطلُ
وماتت الانثى بها
وفجأة تسترجلُ
ولم يعد جمالها
وحسنها يُحتملُ
وصار حمقاً حبها
ولم تعد تستأهِلُ
فيا بُنيَّ لا تسلني مرةً امرأةً وأقبلُ
كل الذين سبقوك زوّجوا قد فشلوا
فقل لمن تزوجوا
معركة قد دخلوا
ليس بها ناج سوى
من أسروا أو قُتلوا
وأسعد الرجال من
طلقوا أو تأرملوا
وعالم المرأة كهفٌ مرعبٌ مستوحلُ
جمالها قشرٌ وفي الأعماق شيءٌ مُذهلُ
نحنُ الرجال أفضلُ
من النسا وأجملُ
هنَّ صحارى بلقعٌ
ونحنُ سهلٌ جبلُ
وأعزبُ الرجال أغناهم وفعلا رَجُلُ
ومحصنٌ مثل الحصان ركبوا أو نزلوا
وهنَّ يقبضن ونحن دونهنَّ نعملُ
كأننا في ذاك سلكُ كهرباءٍ موصلُ
وانما الاشعار الاحلى بها والاكملُ
لاميَّة العُرب ولاميّة العُجْم .. وهذي الأفضلُ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى