الثلاثاء ٨ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم زياد شليوط

نبوءات الثورة في الشعر المصري

أحمد فؤاد نجم
مارد رفض وانتفض
زلزل عروش العار

هذا ما تنبأ به الشاعر «الخارج على القانون» والمتمرد أحمد فؤاد نجم قبل أكثر من ثلاثين عاما ويتحقق اليوم، وربما يكون نجم أكثر شاعر مصري عبر عما يحس به الشعب البسيط المسحوق، حيث كان ملتصقا بالطبقات الفقيرة والمسحوقة والتي تشكل الغالبية الساحقة من الشعب المصري، فعكس ما يفكر به الشعب في شعره، وكثيرا ما وصلنا هذا الشعر عبر صوت وألحان الفنان الشيخ إمام زميل ورفيق نجم، وقد تلقينا تلك الأشعار والأغاني بفرحة أيام الدراسة في الجامعة، حيث اتفقت مع مشاعرنا ومع الحراك السياسي آنذاك، وان بدت بعض تلك الأشعار أيامها أمنيات أو مشاعر جميلة تزرع الأمل في النفوس، لكنها اليوم ومع اندلاع ثورة الغضب المصرية تبدو تلك الأشعار وكأنها تنطلق اليوم من جديد وتعكس حقيقة ما يجري في الشارع المصري وتصف لنا الواقع الحالي.

وتعكس قصيدة «هما مين» حقيقة الصراع ما بين الشعب والطغمة الحاكمة، حيث تصور وبسخرية لاذعة الفوارق بين الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة، حيث يفتتحها الشاعر بوصف الحال وكأنه حال مصر اليوم:

هما مين واحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزّر فزّر شغّل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين" ص748

ويواصل نجم عقد المقارنة بين الطرفين، بين من يمسك ويسيطر على مقدرات البلاد والمراكز الحساسة فيها، وبين من يعمل ويعرق ويخدم دون مقابل ودون كرامة الى أن يصل الى نهاية القصيدة التي تصف نهاية الصراع ومن سيفوز فيه في النهاية والتي تعكس موقف الشاعر وصدق رؤيته:

حادي يا بادي يا عبد الهادي
يا للي عليك قصد الغنوا دي
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا يا هما في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا
حيغلب مين" ص754

والمعنى واضح وهو يتحقق اليوم في الثورة على الحكام الفاسدين وأصحاب رأس المال والملاكين الكبار في مصر. وكان أحمد فؤاد نجم قد حذر من طول الصمت الذي يغط فيه الشعب المصري:

" أيها المواطنون
أيها المواطنات
مصر من طول السكات
بتناديكم
تسمعون؟" ص110

ويتابع في قصيدة "اصحي يا مصر" بالدعوة للخروج عن الصمت والنهوض من النوم لتحرير الوطن من مستغلي خيراته وناهبي أمواله:

" اصحي يا مصر
اصحي يا مصر
هزي هلالك
هاتي النصر
كوني يا مصر وعيشي يا مصر
مدي ايديكي
وطولي العصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر" ص311-312

حيث يحث العامل على الصحوة لأن جهده يحصده " الحرامية" والفلاح يمتص جهده "السمسار" ويصف الجندي على أنه الابن المخلص للوطن والذي سيحرر البلاد من الاستعباد فهو ابن الشعب وهو حامي الشعب، ألم يستنجد أبناء الشعب بالجنود واستدعوهم ورحبوا بهم في الشوارع والميادين في ثورتهم الأخيرة؟ وكأن نجم يقول بلسانهم:

" اصحى يا جندي ودق الكعب
حرّر مصر وطهّر مصر
اصحي وكوني وعيشي يا مصر" ص317

ففي قصيدة "شيد قصورك" يسخر من الحاكم الفاسد والطاغي الذي يشيد قصوره من كد وعمل الناس ويفتح السجون لهم ويطلق أعوانه والمستفيدين من النظام بكلمات لاذعة تصور ما شهده بالضبط "ميدان التحرير":

"شيد قصورك ع المزارع
من كدنا وعمل ادينا
والخمارات جنب المصانع
والسجن مطرح الجنينة
واطلق كلابك
في الشوارع
واقفل زنازينك
علينا"

فهذا ما فعله الحاكم "المخلوع" حسني مبارك الذي أطلق "كلابه" لينهشوا أبناء الشعب المنتفضين، لكن عندما يتحد العمال والفلاحون والطلاب تقوم الثورة التي ستنتصر حتما على أنظمة الطغيان والديكتاتورية:
" والتقينا

عمال وفلاحين
وطلبة
دقت ساعتنا
وابتدينا
نسلك طريق
ما لهش راجع
والنصر قرّب من عنينا
النصر أقرب
من ادينا" 609-613

أليس هذا ما حدث في الأيام الأخيرة ويجري اليوم في مصر؟ ونحن بانتظار النصر المنشود.

أحمد فؤاد نجم

* الأشعار مأخوذة من "ديوان أحمد فؤاد نجم" الأعمال الكاملة في جزأين، طبعة أولى 1986نبوءات


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى