مقطع من رواية المرشد
كانت"نبيلة" تحته ككتلة مصمتة من اللحم، لا نفس ولا حركة، كان يأمل أن تتفاعل معه، يُمَني نفسه لو يسمع صراخها أو تأوهها أو حتى أنفاسها، غير أنه لم يكن يسمع سوى الصمت، كتلة من الجليد تحفظ مشاعره دون التلف و تجمدها بأعماقه إلى أن تعود للحياة من جديد في مكان آخر على يد أخريات أكثر دفئا.
كان في قرارة نفسه يحملها وزر ما يقترفه من آثام، هي التي دفعته لذلك، مرارا حاول معها، حدثها، لفت انتباهها.كان حريصا على ألا يجرح مشاعرها، غير أن قناعاتها دائما كانت تنتصر.. في بيت الزوجية هي في محراب عبادة. أعمالها كلها عبادات كما كانت تردد، وتلك العلاقة هي الأخرى عبادة كالصوم والصلاة، لكنها غفلت أن كثيرا من الصائمين لا يجنون من صومهم غير الجوع والعطش، وكثير من المصلين لا يستفيدون منها لأنهم لم يعوا منها شيئا، وهي لم تع شيئا من تلك العلاقة، وكما البعض يؤدي الصلاة حركات دون أن يمس قلبه منها شيئا أو يعي حكمتها كانت تمارس هذه العلاقة مجرد واجب وتؤديه.كان أكثر ما يؤذيه أن تؤدي تلك العبادة وقت مرضها.
كان يتمنع إشفاقا عليها ولأنه لا حاجة له بعلاقة باردة ولا حاجة له بإحساس إضافي بالذنب، لكنه كان يستجيب أمام إصرارها ويفرغ طاقته كما البرق، فتشعر بالرضا بعد أن ضحت و أدت المهمة بنجاح حتى في مرضها.
كان يشفق عليها في كثير من الأحيان، لكن مع كل علاقة آثمة أو حتى نظرة جائعة كان يحملها وزرها، فهي التي دفعته لذلك..
إنه لا يذكر مرة أنها وضعت ماكياجا وتزينت له كباقي النساء، بل أنها لم تكن تقتني أدوات الزينة من الأساس. في بداية حياتهما الزوجية اشترى لها بعضا من تلك الأدوات، غير أنها كانت تجف حزنا من الإهمال، فيشتري لها أخرى لتواجه ذات المصير، كان يتعجب من سيدة لا تستخدم أدوات التجميل، بل لا تعرف كيف تتجمل!، مَلَّ، واجتاحه شعور باليأس، قرر أن يتعامل معها بذات الأسلوب "واجب ويُؤَدى". مرات سأل نفسه: ألا تشعر برغبة حقيقية في تلك العلاقة؟ أليست في حاجة إلى الاستمتاع بدلا من هذه التضحية التي تشعره بالذنب؟ لم يأته الإحساس يوما أنها تحبه، وهو قطعا لا يهيم عشقا فيها، لكن الاستمتاع بتلك العلاقة الغريزية قد لا يتطلب الحب. تجرأ مرة وألمح لها، فقالت: "المهم انت يا حاج، أنا هنا عشانك، لا تشغل بالك بي"، سَكَت، ولم يعد يهتم.