الأربعاء ٢٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥
بقلم حسن عبادي

متنفَّس عبرَ القضبان «148»

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛

تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.

أواكب حرائر الدامون وأصغي لآلامهن وآمالهن وأحلامهن بالحريّة، وأدوّن بعضاً من معاناتهن.

أتصل من بوابة الدامون مباشرة بأهالي من تم قمعهن والاعتداء عليهن، وبعدها بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات؛

وضع حرائر الدامون يزداد إبلاماً ووجعاً من زيارة لأخرى، قمعات متكرّرة وقوات مدجّجة بالسلاح تقتحم الزنازين، ورطوبة قاتلة، وعزل وإهمال طبّي متعمد وحرمان من الخصوصيّة؛

حاولت إيصال معاناتهن وصراخهن لكلّ بقاع العالم عبر "التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين" وناشطين أوروبيين، بعيداً عن الشجب والاستنكار وتحميل المسؤولية وكسر حاجز الصمت؛

وزادت قناعتي أن صمتُنا عارُنا.

عقّبت سهام سلايمي : "وأنا والله يا أستاذ وليد الهودلي كل وقت أترقب أي منشور ينزل ع صفحة الأستاذ حسن حتى نطمن على وضع الأسيرات في ظل هذه الظروف التي لم يسبق لها مثيل في ما تعرضت له السجون من إبادة في حق الأسرى والأسيرات جميعا، الله يتقبل منكم ومنهم يا رب والفرج العاجل: وبارك الله بالأستاذ حسن على كل جهد واجتهاد يقوم به وضغوطات يتعرض لها لأجل أن تتحقق الزيارة و يصل صوت الأسيرات ".

وعقّبت فاطمة جوهر: "وما العيش لا عشت إن لم أكن مخوف الجناب حرام الحمى. اللهم فرجا عاجلا لـ ماسة وزميلاتها من هذا الأسر والهوان ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن خذلنا. لنا الله أعظم ناصر ونصير فإن مع العسر يسرا... إن مع العسر يسرا. عشنا في وهم أكثر من خمسة وسبعين عاما ونحن نقول أمة عربية واحدة ثم عرفنا أنه ما حك جلدك مثل ظفرك. الفرج قريب إن شاء الله نحن شعب الجبارين لم يبق إلا القليل الأمل بالله وحده سبحانه وتعالى.
الأستاذ الذي لم يألُ جهدا، ونذر وقته لوطنه وللقضية، باركه الله وأمده بطول العمر والتوفيق وجزاه خيرا على ما يقوم به من عمل اجتماعي بين الأهالي والأسيرات."

وعقّبت أم رامي السلايمة: "فرج الله كربهن، ولك ألف تحية أستاذنا الفاضل لجهودك الجبارة وإصرارك لزيارتهن رغم كل المضايقات والعقبات التي تتعرض لها دون أجر ولا ثمن، في ظل غياب جميع المحامين لمساندتك. فليشهد التاريخ وسنشهد معه أنك كنت نصيرا لأسيراتنا وأسرانا بعد الله دون مقابل... سيشهد التاريخ وسنشهد معه بمن استغل أهالي الأسرى من المحامين بزيارة أبنائهم مقابل أسعار خياليه دون رحمة. يوما ما سينعم أسرانا وأسيراتنا بالحرية وعساها تكون قريبة بإذن الله ".

وعقبت فردوس خواجة: "كلماتك محمّلة بالألم والصمود، ومليانة دفء إنساني ما بين السطور. كرمل مش مجرد اسم، هي صورة عن جيل بأكمله عم يواجه السجن والقمع، لكنه حامل الأمل رغم كل الألم. إلى كرمل، بنت نعلين وأخت القلب لكل حرّة خلف القضبان، كلماتك وصلت، وصدى صوتك طالع من زنزانة رقم 10 وغامر كل حدود الحديد. دموعك لما حكيتِ عن “سِتك أم خليل” ما كانت لحالها، دمعت عيوننا كلنا، عرفنا عن معاناتك، عن العقاب والبرد والصراصير وحتى الفار اللي أكل أواعيك… بس ولا شيء فيهم قدر يلوّث نقاء روحك، ولا يكسرك. كل آية من القرآن حفظتِها هي سلاح، وكل اسم من الصبايا اللي عم تذكريهم هو وطن صغير من صبر وأمل.

أكيد وصلت سلاماتك، حرفًا حرفاً، ومكتوب واصل من قلبك لكل بيت من عيلتك وكل صاحباتك ناطرين الكوكيز من رفيف إن شالله يحضرولك إياه كرمل، انت مش بس أسيرة، انت راية. مش بس طالبة، انت مدرسة بالصمود. ضلّي قوية، متل اسمك، متل حجارة نعلين، متل كل بنت قررت ما تساوم عكرامتها. كل الحب والحرية إلك، ولكل حرائر الدامون، ومن كل شارع بنعلين أو دير قديس

بجوز ما بعرفك شخصي ولكن انت وكل حرائر الدامون لكُنّ كل الحب ولا يوجد بأيدينا سوى الدعاء لكُنّ وهذا أضعف الايمان. الشكر للمحامي حسن عبادي لإخبارنا عنك وعن زميلاتك".

"بدّي هدايا عيد ميلادي "

زرت ظُهر الخميس 21.08.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي ثانيةً (بعد أن انتهيت من لقاء كافّة أسيرات الدامون باستثناء الغزيّات – موضوع زيارتهنّ قيد البحث) بالأسيرة ماسة عمار حسن غزال (مواليد 16.08.2002)، جامعيّة، خرّيجة علاقات عامّة واتصال، من نابلس.

حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 10 (كرمل، بشرى قواريق، تسنيم عودة، سماح صوف/ حجاوي، عائشة عساف/ أسيرة جديدة، شهد دراوشة (بتعلّمنا عبري) وميسر هديبات) وباقي الأسيرات.

الوضع في سجن الدامون يزداد سوءاً، قمعات متكرّرة/ 8 قمعات خلال شهر آب (كانت أسيرة مع حلقات، طلّعوها من الغرفة، زتّوا الشال، 4 سجانين وضابط، فكّوا الحلق بالقوة وصار الدم ينزل من ذنيها)، مدافشة كلّ الوقت، الأكل بشبّعش، ضرب وصراخ كلّ الوقت، البنات بناموش من وجع القمعة، والحوبش (الممرض) بقول فش أدوية. حبّ حرارة كل الصبايا، بعطونا حبّة حساسة واحدة "قسّموها أنت الثمانية ع بعض"، فات فار ع الغرفة، أبو بريص هاجم القسم، مليان حشرات، 3 صبايا بناموا ع الأرض. أكلنا دوح (عقاب/ مخالفة) جابت قشّاطة للحمّام، القمعات مؤذية، كلّها تمادي، اليماز دخل الغرف بالسلاح، على ضوّ البارودة. غيارات قليلة وبنشحد الأواعي شحدة، واليانس بدون تنورة.

طلبت إيصال رسائل مؤثرة للعائلة، "بس أطلع جيبولي طوق ورد وزبطولي غرفتي"، ماما "شعري طولان، البنات مكيّفات عليه، بدي تتعلّمي تجدليلي شعري"، وأخوتها، ولحليمة "حلمت فيك كثير، كل البنات بسلموا عليك ونفسهم يتعرّفوا عليك"، وماسة (مبروك مشروع التخرج)، وبتول.

وكذلك رسائل طمأنة لأهالي الأسيرات.

حين افترقنا همست لي "بدّي هدايا عيد ميلادي".

"سِتّي أم خليل: خلّيك قويّة وبدون عياط"

بعد لقائي بماسة، التقيت ثانيةً بالأسيرة كرمل محمد شاكر الخواجا (مواليد 23.01.2004)، جامعيّة، طالبة سنة رابعة إدارة عامة في جامعة بير زيت، من نعلين/ رام الله.

طمأنتها بدايةً على الأهل وحين ذكرت لها جدّتها أم خليل وصورها قبالة ماكينة الخياطة دمعت عيناها...
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 10 (بشرى قواريق/ مكيّفة على لقب عروس الدامون، تسنيم عودة، ماسة غزال، عائشة عساف/ أسيرة جديدة، سماح صوف/ حجاوي، شهد دراوشة وميسر هديبات) وباقي الأسيرات.

بدأت بإيصال رسائل الصبايا لأهاليهن، لا يوخذنا الوقت ع حد قولها؛ لين مسك، سالي صدقة، هناء حماد، ميسون مشارقة، شيماء أبو غالي، سماح صوف/ حجاوي، ميسر هديبات، عائشة عساف، منى عنبتاوي، سيرين، تسنيم عودة، وأسيل حماد.

حدّثتني عن وضع الدامون المأساوي والقمعات المتكرّرة ع الطالع والنازل، طلّعت طواحين عقل وفش علاج، في الغرفة فار كبير أكل أواعيها، مليان صراصير وحشرات. بطلع (خوليا) مش كثير، وعدد أيام العقاب أكثر من عدد أيام الفورة.
أكيد ماسة حكتلك عن عقاب القشّاطة.

بتبارك لإمها بالغسّالة، بدها كنافة وقطايف وكعك العيد، سلام خاص لإخوتها محمود ومحمد ولوسين
طلبت إيصال سلاماتها لستّها "خلّيك قويّة وبدون عياط"، وأبوها "حفظت سورة الرحمن، الواقعة، الحشر، السجدة، الدخان ويس وبلشت بالبقرة. وخالها خليل ومرته، وخالها رمزي (حضّر حالك، كلّ صبايا الدامون جايات ع العرس)، خالتها أريج وأبو زكي، خالتها سعاد.

وأختها حيفا وزوجها (فرجوا غسان صورتي ع شان ما ينساني)، أختها يافا وزوجها، أخوها طارق ومرته (ديروا بالكم على آدم وشاكر).

سلام لصاحباتها دانيا، سوار، شيماء، ميساء، جنين، رند دلو، دنيا البرغوثي، تيما، وعد وعهد صبار، عهد بنت خالتي (سلمي على بنات صفّي ندين وسيرين وندى ووسام ونغم النعلاوية وتبارك لندين وندى بالتخرج)، وسناء دقة، وأم شجاع، وسلام خاص لمقبولة.

شو مع التسجيل للفصل الأول بالجامعة؟

بتبارك لزينة بالحجاب وبعرس أخوها.
حين افترقنا همست: "صاحباتي؛ بس أطلع جيبولي كوكيز رفيف".

تحرّرت كرمل من الأسر يوم الخميس: 30 أكتوبر 2025

الحريّة لجميع أسرى الحريّة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى