لعنات الإنسانيّة
دموع العالم تهطل بسخاء على أطفال وأمهات العالم في حادثة أو حدث ما، وتنطلق المجموعات البشريّة انطلاقة ملؤها الرّأفة والشّفقة عليهم والتّضامن معهم ومساندتهم، وتخسر المطابع آلاف أوراق الاستنكار والاستهجان، وتتقاذف اللعنات من شاشات الفضائيات والقنوات المرئية والمسموعة الأخرى وهذا أمر جيّد وإيجابيّ بالنسبة للأحداث والحوادث المعلنة ولكنّ الأمر السّلبيّ والمدان هو أنّهم يستثنوننا من كلّ ذلك إذا تقاذفت علينا شظايا هذه الحوادث والنّوائب وكأنّنا عالم قائم بذاته مضاد لهذا العالم أو مستثنى من الحياة الهانئة الهادئة، أو كأنّنا نحن من خلقنا ونخلق مسبّبات ودوافع شرور العالم ونكبات الوجود، بل ويسارعون إلى تراشق قبلات التّهاني والمباركات فيما بينهم وكأنّهم ضمنوا فردوس الدّنيا لمن يؤمن بهذه الفردوس فقط وجنان الآخرة لمن يحلم بالعالمين الدّنيوي والاخروي معاً.
أطفالنا، أمهاتنا، آباؤنا شبّاننا وشاباتنا محرومون من الفرح والابتسامات كحرمان العبد من الحرّية في غابر الأزمان، وإن طالبوا بها يُحاصَرون باتهامات لم تحبل بها أرحام قواميس اللغات حتى الآن في الوقت الذي نتوجّه فيه إلى هذا العالم الجامد ونحن نردّد باحتراق:
كلّ لعنات الكائنات لا تكفيكم أيّها المجرّدون من الإنسانيّة.
أعيدوا إلينا مسبّبات وجودنا لتنقذوا الوجود من لعنات الإنسانية الحقة.