الاثنين ٣ آب (أغسطس) ٢٠٢٠
بقلم عبد المجيد الغيلي

لا تزال غصوننا خَضرا

نَعَمْ، لا زالتِ الذَِكرَى
تَبُثُّ الصورةَ الأخْرَى
فلمْ ينشأْ لها ثانٍ
جرتْ في مُقْلتي سِحْرا
رأيتُكِ بنتَ عِشرينٍ
على السَّجّادةِ الحَمْرا
بقيتِ كما عهدتُكِ، لمْ
تزالي طِفلتي الصُّغْرَى
تُفيضينَ الحياةَ، وتُطْلِعين بِلَيلِها الفَجرَ
تَـمُرُّ بنا السِّنون، ولا
تزالُ غُصونُنا خَضْرا
فمهما مرّتِ السنواتُ،
يَبْقَى عُمرُنا شَهْرا
ومهما مرّتِ الأيامُ،
يَبقَى شَهرُنا بَدْرا
وبِنتي سوفَ تَكْبُرُنا
وتُصبحُ قبلَنا الكُبْرَى
وأنتِ، كما عرفتُكِ، لمْ
تزالي طِفلتي الصّغْرَى
حياتي دُونَها صِفرٌ،
جَفافٌ، كُلُّها صَحْرا
زرعتِ بضَفّتَيها الخَصْبَ والإشراقَ والزّهْرَ
بنيتِ بها المدائنَ، لمْ
يُشَيّدْ مثلَها كِسرَى
فتجعلُ بِئرَنا بَحْراً
وتجعلُ كوخَنا قَصْرا
وتَزرعُ في الفؤاد يَداً
تَصُدُّ كتيبةَ العُسْرَى
إذا ما أثْقلتْ ظَهْري
تُقَدّمُ دُونيَ الصّدْرَ
تُداوِي الجُرْحَ، تَـمْسَحُهُ
وتَرْفعُ رايةَ البُشْرَى
حَبيبي، مَا أقولُ؟ وقدْ
مَلأتِ حياتَنا نَهْرا
تَدَفّقَ في نواحيها،
ولمْ يتركْ بها شِبْرا
نَسَجْتِ تُرابَها زَهْراً،
سَكَبْتِ بزَهرِها العِطْرَ
بَنيتِ سماءَها حُبًّا،
وحَلّقْنا بها صَقْرا
إذا وَقفتْ مَراكبُنا
صَنعتِ لمركبي جِسِرا
حَديثُكِ حينما يَجْرِي
فَفِيَّ نَهارَه أَجْرَى
وبَدْرُكِ عندما يَسْرِي
فَبَينَ جَوانِحي أَسْرَى
فمِنكِ العِطرُ مُنسكبٌ،
ومِنّي أسْكُبُ الحِبْرَ
ورُوحُكِ حينَ تَسْحرُني
فأَسكُبُ فِتْنَتي شِعْرا
فشَطْرٌ مِنكِ مصنوعٌ،
وأَنْسَخُ مِثلَه شَطْرا
بِدُونِكِ لمْ يَكنُ قَلمي
لِيَكتبَ في الهَوَى سَطْرا
يَليقُ القَولَ فِيكِ إذا
أقولُ الشّعْرَ أوْ نَثْرا
لِساني مُذْ جَريتِ بِهِ،
عليكِ جَعَلتُهُ حِكْرا
وقَلبي مُذْ دَخلتِ به
فَوَحدَكِ نِلْتِهِ قَصْرا
إذا فَتّشتُ في التاريخِ، مَنْ يَحْيا، ومَنْ مَرّا
فإنَّ القلبَ مَعمورٌ
ومُمتلئٌ بها فَخْرا
سأشكُرُ مَا حَيِيتُ، وإنْ
أَمُتْ سَأُخَلّدُ الشُّكْرَ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى