كوكب الأمة ومدفع الإسلام
(( كنا أمة واحدة ))
كان لنا من زمان.. قبل ما يزيد عن مائة عام.. كوكب كبير، براق وجميل. ما كان له في الفضاء مثيل أو نظير.. كوكب "الأمة" أسميناه.. بناه لنا الإسلام..
قطعة واحدة من اليابسة، يحيط بها الماء من كل اتجاه.. هكذا كان البناء..
ورغم كونها واحدة فقط، إلا أنها كانت عظيمة الاتساع، وغنية بالخيرات والثروات، فقامت عليها أعظم البلدان. كل بلد كان للكوكب ركنا.. وسببا في استمرار النماء والبقاء..
كانت بلادنا في كل شيء متشابهة.. في كل شيء كانت واحدة.. في الدين.. في اللغة.. في التاريخ.. وحتى في العمران والبناء.. لم تختلف في شيء قط إلا في الأسماء..
هذا اليمن وهذه الشام. هذه مصر وهذا السودان. هذا المغرب وتلك الصومال. هذا الخليج وذاك العراق..
(( اتفاقية سايكس بيكو ))
وفي يوم من الأيام.. في ليلة حالكة السواد.. في التاسع من شهر ماي.. لما كنا جميعا في غفلة نيام..
اقتربت من كوكبنا سفينة سوداء.. على متنها كان الشريران.. الملك سايكس والملك بيكو.. كلاهما من الأعداء..
وكان على مقدمة سفينتهما مدفع ضخم عملاق.. لم نعرف له مثيلا في أسلحة الفضاء..
"ها ها ها" ضحك الشريران..
– سيمزق هذا المدفع كوكب الأمة إلى أجزاء..
وبخمسة قذائف متتالية، شق المدفع أرضنا الواحدة.. إلى قطع صغيرة متناثرة.
إنه مدفع التقسيم. لقد قطع أرضنا شر تقطيع!!
"أطلقوا".. القذيفة الأولى.. أصابت الشام.. انشقت إلى أربع قطع وأجزاء!!
"أطلقوا".. قذيفة ثانية.. انشقت مصر عن السودان!!
"أطلقوا".. أخرى ثالثة.. انشق المغرب والخليج كل منهما إلى سبع قطع وأجزاء!!
"أطلقوا".. وأخرى رابعة.. يالهول الكارثة!! ما عادت أرضنا واحدة!! ما عادت بلادنا متجاورة!! أصبحت في الماء جزرا متفرقة متناثرة..
"أطلقوا".. القذيفة الخامسة.. هذه كانت القاضية!! كل بلد صار كوكبا بعد أن كان جزءا من كوكب واحد وأرض واحدة!!
لقد راحت الأركان.. فما عسى البقاء إذا لم تبق أركان؟! دمر كوكب الأمة..
وظن الشريران أنه انتهى إلى غير رجعة..
(( طالت الفرقة ))
مرت السنون.. انقضت الأشهر والأيام.. مضى أكثر من مائة عام.. ونحن على هذا الحال..
ولكن دوام الحال من المحال. إننا مسلمون.. إننا مؤمنون.. نؤمن بالله الحي القيوم.. إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون..
(( لكننا في يوم سنعود.. أمة واحدة ))
في يوم.. جاءتنا سفينة خضراء، ترفع علما عليه رسم الهلال. يا الله!! لقد ذكرتنا السفينة بعلمنا الواحد أيام زمان..
صاحت السفينة.. صرخت.. نادت: يا أهل الأمة.. يا أهل الأمة.. ما هذا الهوان؟ أبعد أن كنتم كوكبا واحدا ترضون بهذا الحال؟!
عشرون كوكبا؟! أين عزمكم؟ أين إرادتكم؟ أين الإيمان؟
أجبنا: ما عسانا أن نفعل؟ لقد قطعونا إلى أجزاء..
السفينة: عودوا كوكبا واحدا..
قلنا: غير ممكن.. هذا محال!! كيف يعود الذي كان؟!
السفينة: يعيده ثانية الذي بناه.. أنسيتم مدفع الإسلام؟! أسرعوا إليه.. احصلوا عليه.. أطلقوه على كواكبكم ليزول أثر التقسيم.. ألا لن يزيل التقسيم إلا الإسلام..
سألنا: أين هو؟ ألا تدلينا عليه؟
السفينة: إنه هناك في الكوكب الأخضر.. اركبوني آخذكم إليه.. تحتاج الرحلة إلى عشرين من الرواد. أنفذ عندكم الرجال؟!
عندها.. قام من كل كوكب شاب.. قوي العزم مقداد، يملأ قلبه الإيمان..
قالوا بصوت واحد: نحن لهذه المهمة.. نحن من سيحضر مدفع الإسلام.. لا تقلقوا يا أهلنا الأحباب.. سنحضره مهما كانت الصعاب..
فرحنا بهم.. شددنا على أياديهم.. ناديناهم.. لقد عاد إلينا الأمل والرجاء:
– أسرعوا يا أبطال الفضاء.. اركبوا السفينة.. احصلوا على مدفع الإسلام.. أسرعوا.. حتى يعود المجد الذي كان.. ونعود كوكبا واحدا كما كنا زمان..