| ألا للشام شوقِيْ لا يُحدُّ |
ففي نسماتها للروح وِرْدُ |
| أتيتكِ يا شآمُ وليس عندي |
سوى قلبي وضيفُكِ لا يُردُّ |
| أُعاقِرُ سطوة الإعياءِ وجداً |
ويوغِلُ في النحيب القلبُ كَمْد |
| بقايا غُربتي في الوجه صارت |
مَعَالِمُ لَوْعَتيْ وَلَهُ تَخُدُّ |
| فَلاسْمَك يا شآم على شفاهي |
كأنغامٍ تُغنّى وهو فْرد |
| أَحِنّ إليك مثل الطفل دوماً |
إلى أمٍّ تهدهدهُ وتَحْدو |
| فيا لهفَ الفؤادِ إلى لُقاها |
متى رَحْلُ المودةِ قد يُشدّ؟ |
| فلا يروي الفؤادَ سِقاءُ قومٍ |
سوى بردى فذا للقلبِ بَرْد |
| لَيرْسو مركبي في كل مَرسى |
ولا يرويهِ غيرُ الشامِ وِرْد |
| فما لمراكبي شطٌ لِتَرْسو |
ولا رُبّانها للبينِ جَلْد |
| فلا بغدادُ أمستْ لي ملاذاً |
ولا وَجَـدَ الدواءَ القلبُ بعدُ |
| ولا غيدُ الرياضِ مَلَكْنَ قلبي |
ولا سَلَبَتْ لُبابَ الصّبّ نَجْد |
| ولو جاءت حسانُ الكونِ تَتْرى |
لما استهوى فؤادي عنكِ حَشْد |
| فلا فاقتْ بلادُ السّنْدِ حُسْناً |
ولا بجمالها فاقَتْكِ هِنْد |
| ولو غَنّتْ طُيورُ الشوقِ دهْرا |
لما طرِبَتْ لغيرِ الشّامِ تشدو |
| فكمْ أهدى لك الأقمارُ شعراً |
وكم أرْدى الكواكبَ منكِ خدُّ |
| تُجدّلُ للشآمِ الشمسُ صُبْحاً |
جدائلَها ويروي الحُسْنَ قدّ |
| تجولُ بخاطري الآهاتِ وجْداً |
وتضطربُ الجوارحُ إذ تَرُدّ |
| فدمعي عن لساني باتَ يروي |
من الأعماقِ لهفاً يَسْتَمِدّ |
| وودي للحبيبة مثلُ نهرٍ |
وشِعري زورق العاشِقِ يغدو |
| حَزِِنْتُ لأنني أَبْحَرْتُ عنها |
وأدْرَكْتُ الضنى واليمُّ مَدّ |
| فؤادي يا دمشقُ غدا رَهيفاً |
رقيقَ القلبِ من يهواكِ يغْدو |
| شآمُ العِزِّ كَمْ باغٍٍ رماها |
بسهمِِ الغَدْرِ، كان لهُ يُرَدُّ |
| وكمْ طاغٍ أرادَ بها مُراداً |
بِثَوْبِ الذُلّ يَرْفُلُ ثُمّ يَعْدو |
| فلاسَلِمَتْ أيادٍ باتَ فيها |
نوايا الغَدْرِ نحوكِ قَدْ تُمَدّ |
| فشامُ العز مثوى الفاتحين |
وحاملةُ الرماحِ بها تَشُدّ |
| رسولُ الله خيرُ الخَلْقِ أَثْنى |
عليكِ الخيرَ للأَزْمانِ خُلْدُ |
| فَلَوْ ما أنتِ يا فيحاءُ رُكناً |
لدينِ اللهِ والأنوارُ تبدو |
| لما أعطاكِ رَبُّ العَرْشِ فَضْلاً |
فأرضُ الشامِ يوم الحَشْرِ مَهْد |