

ضياعٌ في ازدحامٍ خريفي
كَدَمْعِكَ تَنْثَنِيْ
ياأيُّها الثَّاوي بَعِيْدَاً
تَقْتَفِيْ طَيْفَاً مِنَ الذِّكْرَى وَتَعْدُوْ فِيْ شِتَاءاتِ
الشُّهُوْرِ
غَرِيْبٌ أيُّها البَاكِيَْ بَعِيْدَاً!
كَيْفَ كَفَّنْتَ المآقِيْ بامْتِحَانَاتِ اللياليْ
واشْتِهَاءاتِ العُبُورِ؟
غَرِيْبٌ!!
كَيْفَ تَنْكَأ جُرْحَكَ المدفونَ فِيْ حُمَّى السِّنِيْنِ كَتَائِبٌ مِنْ
نايِ صمتٍ
في ترانيمِ العصورِ؟
غَرِيْبٌ...
لَيْسَ مِثْلَكَ غَيْرُ طَيْفٍ مِنْ خيالٍ
أو ندىً من ياسمينٍ
أوْ نسيمٌ من غديرِ
فَدَيدَنُكَ الحَنِينُ
وَصَمْتُكَ الذِّكْرَى
وظِلُّكَ ماثِلاً بَيْنَ المآقِيْ...والسُّطُوْرِ
***
وَحِيْدَاً تَكْتَرِيْ وَرَقَ الفُصُوْلِ
تُنَفِّضُ الجَمْرَ الدَّفِيْنَ بِدَمْعَةِ الذِّكْرى
وَتَخْدِشُكَ ارْتِعَاشاتُ الرَّمَادْ
فَمَا فَعَلَتْ شِتَاءاتُ الطُّفُوْلَةِ فِيْ مَحَاصِيْلِ السِّنِينْ؟
قَيْوْدُكَ تَصْطَلِيْ الحُمَّى عَلَى فُرُشِ الصَّقِيْعِ
وَتَصْلُبُ العُصْفُوْر إذْ يَعْلُوْ لِسَقْفِ الليْلِ فِيْ قَبْرِ
الذُّهُولْ
فَمَا ترَكَتْ دُمُوعُ الشَّمْسِ فِيْ خَلَجَاتِ جَفْنِ السَّاقِيَة؟
هَلْ ألْجَمَتْ أحْلامُكَ السَّمْرَاءُ قَوْسَاً من فَضاءَاتِ الشِّتاءْ؟
أتَحْزَنُ أيُّها الثَّاويْ على سفحِ الشرودْ؟
أتَذْرِفُ عُمْرَكَ المُمْتَدَّ مِلْحاً بَيْنَ أمْوَاجِ الليالِيْ؟
هَلْ تَرَكْتَ الوَجْهَ تَمْضَغُهُ الفُصُوْلُ وَيَسْتَبِيْهِ النَّحْلُ
فِيْ
حُلُمِ الرَّبِيعْ؟
كَأنَّكَ أيُّهَا البَاكيْ خَرِيْفٌ تَعْبَثُ العَبَرَاتُ فِيْ أغْصَانِهِ
مِنْ
بَعْدِ أنْ عَرَّتْ أنَامِلَ بَرْدِهَا ذِكْرَى الرُّجُوعْ
كَأنَّكَ مِرْجَلٌ
أوَّاهُ كَمْ رَقَصَتْ عَلَى أجْفَانِهِ كَفُّ الرِّيَاحِ
وَكَمْ سَبَتْ أحْلامَهُ الظَّمْأى لِجَذْوَةِ هَمْسَةٍ تُشْفِيْ
غِلالَتَهُ
وَتُطْفِئُ فِيْهِ أنَّاتِ الهُجُوعْ
***
صَحَوْتَ لِتَنْفُضَ الأجْفَانَ مِنْ جَمْرِ الليَالِيْ
تَحْتَسِيْ شهْدَ الصَّبَاحِ
وتغمرَ الأفقَ البعيدَ
فَوَلِّ طَرْفَكَ شَطْرَ دَرْبِكَ صَحْوَةً
وانْسَ الرُّجُوعْ
فَإنَّكَ إذْ غَدَوْتَ عَلَى طُقُوْسِكَ -بَعْدَ غَفْوٍ- لَمْ تَجِدْهَا..
إنَّهَا كانَتْ دُمُوعْ!!!