

صليبٌ في وادي (عبقرْ)
مهداة إلى الذات الشاعرة!
رَجِعَتْ أَشْعَارِي يَا (عَبْقَرْ) | مِنْ ذَاكَ البُرْكَانِ الأَحْمَرْ | |||
رَجِعَتْ تَتَنَفَّسُ مِنْ رُوْحِي | بَلْ تَأْكُلُ مِنْ جَسَدِي الأَسْمَرْ | |||
رَجِعَتْ كَالنَّارِ لَهَا أُكُلٌ | تَتَنَكَّرُ حَتَّى لا تُنْكَرْ | |||
بَلْ تُحْرِقُ أَعْصَابِي تَرَفَاً | وَتُصَلِّي عِشْقَاً للكَوْثَرْ | |||
وَتُصَوِّرُ أَوْطَانَاً وَرُبَا | وَتُغَنِّي للجَبَلِ الأَخْضَرْ | |||
رَجِعَتْ أَشْعَارِي، لا تَقْلَقْ | هَا نَحْنُ إِذَا مِتْنَا نَكْبَرْ! | |||
في العُمْرِ المَاضِي قَدْ هَدَأَتْ | وَاليَوْمَ كَثَائِرَةٍ تُحْضَرْ | |||
أَشْعَارِي كَالوَطَنِ السَّامِي | في الأَمْسِ بَكَتْ، وَغَدَاً تَثْأَرْ | |||
وَأَنَا يَا (عَبْقَرُ) في سِجْنِي | أَخْشَى قُضْبَانَاً لا تُكْسَرْ | |||
وَأَنَا يَا (عَبْقَرُ) في وَطَنِي | وَالكَوْنَ غَدَا سِجْنَاً أَكْبَرْ! | |||
لا أَسْرِقُ مِنْ أَحَدٍ خُبْزَاً | لا أَسْلُبُ بَيْتَاً أَوْ عَنْبَرْ | |||
لا أَنْهَبُ أَرْضَاً أَوْ شَعْبَاً | لا أَقْتُلُ طِفْلاً في المَعْبَرْ | |||
وَأَنَا لَمْ أُجْرِمْ يَا وَطَنِي | فَالحُبُّ يُرَاوِدُ مَنْ أَزْهَرْ | |||
لَكِنَّ فُؤَادِي مُحْتَجَزٌ | في حِصْنٍ أَوْ حَتَّى مَخْفَرْ! | |||
أَقْلامُ العَالَمِ تَطْلُبُهُ | وَتُرِيْدُهُ أَوْرَاقُ الدَّفْتَرْ | |||
وَالأَرْضُ تَرُوْمُ مَحَاسِنَهُ | فَالحُزْنُ بِلا قَلْبِي يَظْهَرْ | |||
وَاللَّحْنُ سَيَصْرُخُ لَوْ هَدَأَتْ | كَلِمَاتُ الشِّعْرِ، وَقَدْ يَنْهَرْ | |||
لَوْ كُنْتُ بِلا وَطَنٍ أَبَدَاً | مَا كُنْتُ سَأَنْسَى مَا يُذْكَرْ | |||
فَأَنَا يَا عَبْقَرُ في وَطَنِي | مَطْرُوْدٌ أُدْعَى المُسْتَعْمَرْ! | |||
الْجُرْحُ السَّابِقُ أَعْدَمَنِي | وَدَمِي يَسْقِي بَلَدِي الأَصْفَرْ | |||
وَغَرَامِي يُزْرَعُ في أَرْضِي | وَالشَّوْقُ سَيَنْبُتُ كَالزَّعْتَرْ | |||
وَالجُرْحُ القَادِمُ يَأْخُذُنِي | وَعَنَاقِيْدُ المَوْتِ الأَحْمَرْ | |||
أَحْسَسْتُ بِأَرْضِي تَطْلُبُنِي | بِصَلِيْبٍ يُنْصَبُ لا يُكْسَرْ | |||
فَهُرِعْتُ إِلى أَرْضِي أَبْكِي | وَإِذَا بِصَلِيْبِي قَدْ كَبَّرْ! | |||
مَصْلُوْبٌ يُسْكِرُنِي أَلَمِي | وَصَلِيْبِي في وَادِي عَبْقَرْ | |||
وَحَلاوَةُ عِشْقِي تَغْمُرُنِي | وَيُهَاجِمُنِي طَعْمُ السُّكَّرْ | |||
أَبْيَاتُ الشِّعْرِ تُرَاوِدُنِي | وَحَبِيْبَةُ شِعْرِي تُسْتَحْضَرْ | |||
لَكِنَّ فُؤَادِي لَمْ يَقْبَلْ | شَغَفَاً خَلَقَ الحُزْنَ الأَكْبَرْ | |||
فَبَكَى وَاسْتَسْلَمَ مُنْتَظِرَاً | وَسَمَا وَاسْتَبْسَلَ كَالعَسْكَرْ | |||
ثُمَّ انْقَلَبَتْ كُلُّ الدُّنْيَا | فَإِذَا غَضِبَتْ أَرْضِي أَدْبَرْ | |||
مَا ذَنْبُ فُؤَادِي لَوْ كَثُرَتْ | آلامُ بِلادِي لَمْ تُدْحَرْ؟ | |||
مَا ذَنْبُ فُؤَادِي إِنْ كَبُرَتْ | آثَامُ وِدَادِي في المِجْهَرْ؟ | |||
فَلِمَ صَلَبُوا قَلَمِي؟ وَلِمَ | نَادُوا بِالحُزْنِ عَلَى المِنْبَرْ؟ | |||
وَلِمَ جَعَلُوا جَسَدِي حَطَبَاً؟ | وَلِمَ سَرَقَتْ رُوْحِيْ الكَوْثَرْ؟ | |||
فَأَنَا لَمْ أُجْرِمْ يَا وَطَنِي | إِنِّي أَتَنَفَّسُ لا أَكْثَرْ! |