

صلاةٌ في محرابِ الوطن
يا مَن تُناديني من خلفِ ضبابِ المسافات،
يا مَن تسكنُ صمتي،
كترتيلةٍ لم يكتمل نغمُها،
أما آنَ لقلبكَ أن يعترف؟
أما آنَ للسلامِ أن يُزهر
في عروقِ هذا الوطنِ المذبوح؟
أنا لا أكتبُ شعرًا،
بل أُصلي…
أُصلي لظلِّكَ الذي ما زال
يلتحفُ بقاياي،
لحبٍّ اعتنقَ الغياب
ولم يتركْ لي غيرَ وجعي يتوضأُ بالحنين.
أُصلي…
لأمٍّ خبأت أولادَها في جرنِ القمح،
وظلّت تُنشد:
"الخبزُ لنا… والسلامُ للغد".
أُصلي لكلِّ يدٍ زُرعتْ شجرة،
ولم تقطفْ سوى الحنين.
سلامٌ،
سلامٌ على من هُزِموا
ولم يبيعوا صلواتهم،
على من عانقوا الموتَ بأناشيدَ الفجر
وظلّت أياديهم تكتبُ:
"لن نغادر".
يا حبيبي…
أيها البعيدُ القريب،
أعاتبكَ لا لأنكَ غبت،
بل لأنك لم تُنذر قلبي قبل الغياب.
أما كنتَ تعرفُ
أنّ العتابَ صلاةُ العاشقين؟
وأنّ الحبَّ
وطنٌ من لا جغرافيا له؟
أنا الحبُّ حين يغتسلُ بالدمع،
أنا الوجعُ حين يتوضأُ بالحرف.
أنا الصوفيّةُ في عشقها،
تتبعُ ظلَّ اللهِ
في ضوءِ الجرح.
خذني إليك كما أنت،
لا شرطَ إلا أن تكون:
سلامًا لا يُخون،
حبًّا لا يخذل،
وطنًا لا يُباع،
وفراقًا لا يُنسي،
ووجعًا لا يُقصيني عن ذاتي.
وإن سألوا عني،
فقُل لهم:
هي امرأةٌ
تُصلّي كلَّ مساءٍ
في محرابِ الوطن،
وتنتظرُ أن يُستجاب…