

سنة أولى موت
مر عام بالتمام والكمال على قيام التجربة الإسلامية في غزة،وقد صدقت فيه توقعات وخابت توقعات..!!
فالعام بما حمل مضاعفا من آلام الحقد الأخوي وشظف الحصار ودموع القصف ومعاناة الشموع ووداع مئات الضحايا ومرارة الممارسات والملاحقات ونكايات الظالم بالمظلوم وانقسام القاسم والمقسوم..الخ الخ.!!
كان عاما مشبعا بالدم والقبح والبغض والجراح..ثقيل الوطأة جدا على المعسرين دون الموسرين باعتراف العميان قبل المبصرين ويغض النظر عما إذا كنا من المتحمسين أو كنا من المتفتحين..!!
عام لا تزال فيه والحمد لله حماس بخير وكذلك فتح بعافية بينما الوطن يبدو كقطعة جبن لا صاحب لها يقضمها القط العبري باستمرار على شكل مستوطنات أو أراض مصادرة لحساب الجدار.!!
الحمد لله الذي سلم للقضية عباسا وهنية وأمثالهما من الهمم العلية..حتى لو تحول الوطن ببركة تناحرهما إلى حقيبة او خيمة أو حتى بطانية.فالزعامات النادرة في زمن الطوائف لا تعوض.!!
في البدء قالت توقعات المنتصرين: أن الغيث سيهطل ببركة النصر والتمكين ورقا أحضر وسيعم العدل بعد الفساد على الجميع إلى درجة لن نسمع فيها عن دابة تتعثر في طريق وستنتقل التجربة الربانية إلى الشرف رغم انف أمريكا وإسرائيل ليصبح الوطن كله متخما بالمن والغسل وكأنه جنة الله على الأرض..!!
و في البدء أيضا قالت توقعات المنهزمين: أن ما جرى لن تصمت عليه إسرائيل أياما أو أسابيع وسنقوم بإعادة احتلال غزة وإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة السلاطين إلى سلطناتهم خاصة وان الحكام الجدد لن يستطيعوا إدارة الأمور في ظل استمرار الحصار فهم قليلو قدرة وخبرة.!!
لقد أثبتت فاتورة عام مضى.. أن توقعات الأغبياء المنتصرين والمنهزمين على السواء خابت بما يستوجب إعادة النظر من الجميع قيل ان يضيع ما تبقى من القطيع.!!
فحماس أثبتت بما لا بدع مجالا للشك أنها أقوى مما اعتقد البعض ويعتقد وينابيعها أكثر وأغزر مما يعلم وأنها بعنادها وعتادها تعرف جيدا ما خططت وتخطط له منذ سنوات،وما لدى أمرائها من غايات أكبر من أن تلجم لاعتقادهم الراسخ أنهم إنما ينفذون مشيئة الله لذا فمن الطبيعي أن تبقى في المكان إلى الآن رابضة وعلى مقاليد غزة قابضة..!!
ولكنها أي حماس لم توافقها الرياح الدولية كما كانت تظن ولم تكن تتخيل أن تسوء الأمور إلى هذه الدرجة فقد كانت تتصور أنها بالحسم ستروض فتح وتجبرها على القبول بالواقع الجديد وبالتالي تبعدها من الصدارة إلى الوزارة وان لم تفلح فستفوز على الأقل بغزة حية أو ميتة..!!
و با لمقابل فان إسرائيل لم تحتل غزة كما اعتقد البعض الحالم، واكتفت بعمليات الصيد والقنص.. لأنها المستفيد الأول مما حدث،فغزة المنسلخة عن الضفة هى وضع أكثر من مثالي بالنسبة لها ولن تقوم إسرائيل والحال كهذه باجتياح غزة..بل ستسعى إلى تهدئة أو تجميد لوضع وطن ممزق وشعب في حالة موت سريري!!
من المؤسف أننا ربما ونحن لا ندري من فرط ضغط الرغبة والاندفاع نخدم أغراض أعداءنا ونخدمها أكثر بأنانياتنا وبعنادنا وشروطنا التعجيزية على بعضنا البعض..!!
والسؤال.
هل سيسامحنا التاريخ والأجيال القادمة على تجاربنا الفاشلة واجتهاداتنا القاتلة التي أضاعت من كرامتنا الوطنية وأحلام أطفالنا وروابي وطننا الكثير الكثير..؟!!
ثم..ألا يكفينا عام طويل مرير انهزمنا فيه جميعا أمام شهواتنا وطموحاتنا المتناقضة..؟!!
ثم..ألسنا بجاحة إلى يوم أو بعض يوم ننتصر فيه على أنفسنا ونواجه بشجاعة حقيقة خطيئة شاركنا فيها جميعا وتجرنا جرا في نفقها الأشد ظلمة نحو عام آخر..؟!!