رياح الشرق
بين شوارع الحي الهادىء كان اليل يتسلل ببطىء الى المنازل ليبعث في الجو سكونا ينوب عن صخب يوم ربيعي مشمس تصارعت ساعاته و تسابقت احداثه ليموت كما ماتت ايام من قبله في ذاكرة رزنامة الزمن...
استقبل الغروب على حافة شرفة الغرفة –كما افعل غالبا- امتع ناظري بمننظر الغروب الساحر
كيف لتلك الشمس التي تربعت عرش السماء لساعات طويلة ان تنسحب خجولة ضعيفة وراء الجبال ...
لطالما ذكرتني الشمس بالأنسان يلد ثم يصبح شابا وفي النهاية يغرب كما تغرب الشمس وينطفىء نوره ...لله في خلقه شؤون..
في كل يوم عند الغروب اسافر وافكاري الى احداث اليوم الذي استهلكت ساعاته سلبا وايجابا واحاول ان اعدل في مجرى الأحداث رغم اني ادرك يقينا ان المرء لايكتب القدر بخط يده وانما القدر هو من يكتب الأنسان ...تذكرت درس التاريخ اليوم كان الأستاذ يكلمنا عن الثورة الجزائرية هذه الثورة التي اخالني حفظت احداثها عن ظهر قلب من كثر دراستنا لها في كل طور من اطوار التعليم .كان الأستاذ يذكر التواريخ بعناية و يصحح ان اخطىء احدنا و كانه وبخطئه سيرتكب جريمة في حق التاريخ .كثيرا ما كنت اتساءل هل للمؤرخين نفس دقة الأستاذ ؟ ام اننا مجبرون على تقبل وحفظ ما ارخوه سواءا كان دقيقا ام لا ..اتذكر مباشرة المسرحية التي قدمت لي استاذة التربية الفنية نصها اليوم .فمع اقتراب الأحتفال بيوم العلم –السادس عشر من افريل- تكثر الأنشطة الثقافية وانا من هواتها .
لم اعترض البتة بل على العكس كان التمثيل احد اهم هواياتي ماجمل الوقوف على الخشبة احس ساعتها انني امثل الملايين من الناس احس ان الأحداث بيدي اغير فيها كيفما اشاء ووقتما اشاء احس بالبطولية ولو لدقائق معدودة هذه البطولية التي انعدمت في زمنا احس انني ومن مكاني ازور كل الأمكنة واعيش كل الأزمنة ... بعد انتحار الشمس من طرف السماء لم يعد لوجودي في شرفة الغرفة اهمية فرحت انسحب الى الغرفة ثم استلقيت على فراشي وغرقت من جديد في التفكير..