الثلاثاء ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم رينا ميني

حسنٌ جدّاً

منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض ووجد نفسه سيّداً عليها وعلى كلّ ما تحتويه، وهو
يفسد فيها وكلّ ما يقوم به يؤدّي إلى نتيجةٍ واحدة، فناء نفسه بنفسه. وبرأيي فإنّ سبب ذلك
يعود إلى أنّ الإنسان يجهل من هو ويجهل قيمته في هذه الحياة.

بحثت وطالعت كثيراً بصدد معرفة من هو الإنسان، وكان أهمّ ما وجدته ولفتني عند قراءته،
يتلخّص بثلاث آياتٍ في الإصحاح الأوّل والثاني من سفر التكوين. ثلاث جملٍ يعبّر فيها الكاتب
الملهم عن علاقة الحب اللامتناهية بين الله والإنسان، ويصف بأجمل الصور حقيقة الإنسان.

الأية الأولى: "وقال الله: لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا" (تك 21:1)، ذلك يعني أن الله
خلق الإنسان يشبهه بعديد من النواحي، فالصورة تقوم على الإتصال بالأصل، بالإضافة إلى أننا
نرى أن الله حلّ مباشرة في عمله "ونفخ في أنفه نسمة حياة" (تك 7:2). وأيضاً، فإنّ الصورة
الإلهية ترتبط بصفات إنسانية محددة، مثل العقلانية والحريّة والقدرة المطلقة التي خصّ الله بها
الإنسان على كل ما تواجد في الأرض.

الأية الثانية: "ورأى الله جميع ما صنعه حسنٌ جدّاً" (تك 32:1)، فكلّ ما خلقه الله من أرضٍ
وسماء وحيواناتٍ ونباتاتٍ "رآه حسنٌ"، إنما حينما خلق الإنسان "رآه حسنٌ جدّاً"، وهذا يعني
أن الإنسان هو باكورة إبداع الخالق هو أهمّ الخلائق، هو الأساس الذي من أجله تمّ خلق كلّ
ما هو دونه.

الأية الثالثة: "واستراح في اليوم السابع من كلّ عملِه الذي عملَه" (تك 2:2)، بعد أن تفنّن
الخالق في إبداع الجنّة الأرضية، المنزل الآمن لأعظم مخلوقاته، "إستراح" فقد تمّم كل شيء
وسلّم السلطة للإنسان، فالجنّة خُلقت للإنسان لا العكس.

في النهاية، وباختصار شديد، إن الإنسان هو انعكاس لصورة الله غير المدرك، هو
انعكاس لتلك المحبة الأزلية التي لا تشوبها شائبة، هو انعكاس لكل ما هو صافٍ ونقيّ وجميل.
فهل يا تُرى يتعقّل يوماً ويدعو جميع من وما على الأرض إلى الحياة؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى