بَكَيتُ لَدى رَسمٍ بَلِيٍّ وَدارِسِ
وَقُلتُ صَباحَ الخَيرِ يا أُمَّ فارِسِِ
فَإِنَّكِ خَيرُ النّاسِ وَالنّاسُ كُلُّها
تَتوقُ إِلى حُسنِ النِّساءِ الأَوانِسِ
تَغَنّى لَهُنَّ اللَيلُ وَالبَدرُ وَالهَوى
فَفِتنَتُهُ بَينَ اللِحاظِ النَّواعِسِ
كَدُرِّيَةٍ جادَت لَها العَينُ حُرَّةٍ
بِدَمعٍ صَفِيِّ اللَونِ عَذبِ النَفائِسِ
بَياضٌ بِخَدَّيها مُضيءٌ كَأَنَّها
هِيَ النّورُ في يَومٍ بَهِيٍّ وَ شامِسِ
وَكَفٍّ كَما المِسكُ المُصَفّى وَرِيحُهُ
تَحَلَّى بِها كَفي غَضيضِ المَلامِسِ
لَقَد أَدنَفَت نَفسي وَأَعيَت مَسالِكي
مَساعِيَ قَلبٍ مُدلَهِمٍ وَدامِسِ
يُحيطُ بِهِ خَوفٌ وَضَعفٌ وَعِلَّةٌ
تَزُجُّ بِهِ في عاصِفاتِ الهَواجِسِ
وَكانَ مُنى نَفسي أَراكِ حَليلَتي
أَفوزُ مِنَ الدُّنيا بِخَيرِ العَرائِسِ
وَ لَكِنَّني إِلّا الضَّنى ما يَنالُني
وَما فُزتُ إِلّا بِاللَيالي العَوابِسِ
أُقاتِلُ أَسرابَ الأَسى وَيكَأَنَّها
تُطيحُ وَتُردي كَيفَ شاءَت بِحارِسِ
إِذا أَنتَ أَحسَنتَ الغِراسَ فَطِب بِهِ
فَخَيرُ ثِمارِ المَرءِ خَيرُ المَغارِسِ
فَلا تَلُمِ المُشتاقَ إِن كانَ جَهدُهُ
وَفاءٌ بِعَهدِ الحُبِّ لَيسَ بِناكِسِ
يَبوحُ بِذاكَ الشَّوقِ في كُلِّ بُقعَةٍ
وَيَذكُرُهُ دَوماً بِكُلِّ المَجالِسِ
وَيَقتُلُهُ خَوفٌ وَشَكٌّ وَرَيبَةٌ
وَيَصرَعُهُ قَلبٌ كَثيرُ الوَساوِسِِ
فَلا هُوَ مُمنُوعٌ إِذا الخَوفُ شَكَّهُ
وَلا هُوَ بِالخَوّانِ وَالمُتَقاعِسِ
سَلامٌ مِنَ اللَهِ السَّلامِ عَليكُمُ
إِذا صُنتُمُ عَهدي وَكُنتُم أَوانِسي
وَإِن أَنتُمُ خُنتُم فَما عَهدُنا بِكُم
وَلا أَنتُمُ أَهلٌ لِتِلكَ الخَسائِسِ
سَأَجعَلُ حُسنَ الظَّنِ بَيني وَبَينَكُم
وَسَوفَ أُطيلُ الصَّبرَ لَستُ بِيائِسِ