الخميس ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤
بقلم عصام بغدادي

بغـداديــا

في اليوم التاسع من نيسان عام 2303.
في الساعة التاسعة صباحا كانت الحشود المنظمة تنتظر في الساحة المركزية الكبرى وسط العاصمة " بغداديا " بصمت للاستماع إلى خطاب من رئيس دولة " عراقلاند " للموطنين ، حين حضر بمركبته الفضائية المدورة لتهبط عموديا بلا أدنى ضجيج في المكان المخصص لها.. سار الرئيس نحو المنصة يتبعه نائبه ووزير دفاعه ودون أي حرس شخصى له.

توقف عند المنصة وتطلع إلى الجماهير الملتفة حول المنصة وإلى عدسات الكاميرات والنقل التلفزيونى للفضاء الدولي والكوني ثم باشر بسرعة خطابه:

أنا جورجي البغدادى- رئيسكم المنتخب
أحيكم جميعاً وأود إعلامكم أن الجهود الدولية المبذولة لنزع أسلحة الدمار الشامل في الولايات المتحدة قد باءت بالفشل حيث قامت الأخيرة بطرد المفتشيين الدوليين من أراضيها ومنعهم من مواصلة أعمالهم وقد نجحنا بفضل حق الفيتو من إبطال مشروع قرار تقدمت به بعض دول إوروبا لإلغاء قرار فرض العقوبات الاقتصادية التى استطعنا فرضها على الولايات المتحدة منذ ما ينيف عن 13 عاما مضت. نظراً لقيامها بغزو واحتلال وضم دولة المكسيك المجاورة لها دون وجه حق. واليوم استطاعت قواتنا الجوية والبحرية بعد حصار شامل من التقدم باتجاه العاصمة واشنطن حيث فر الديكتاتور حاكمها الذى استولى على السلطة منذ 35 سنة مضت.

إن هدفنا واضح في إنقاذ الشعب الأميريكى من تعسف الديكتاتور ومن تهديده لدول الجوار.

نحن نفعل ذلك ردا للجميل التاريخى حينما أنقذتنا الولايات المتحدة من سلطة الديكتاتور صدام حسين قبل 300 عاماً وساهمت في تطوير بلدنا حتى صار العراقلاند القوة الوحيدة في العالم بعد انهيار الصين وتقهقرها.

حدقوا إلى الشاشات المحيطة بكم لتتمتعوا بمنظر إسقاط تمثال الديكتاتور الذى أقامه بدلا من نصب الحرية الأمريكي الشهير ..وأرجو أن تدققوا كذلك في صور الحكام وأعوانه الخمسة والخمسين الذين تبدو ملامح الشر والإجرام واضحة في محياهم.

لقد اتهمتنا دول العالم بأننا كنا وراء قيام سلطة الدكتاتور وتزويده بالأسلحة الفتاكة وبانتهاك حقوق الإنسان في بلده ولكننا كنا نعتقد أنه يستحق أن يكون رجلنا في القارة الأمريكية لكننا بتسامجنا معه أعتقد أننا نكرر تسامح تشمبرلين مع هتلر قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية ، لكننا سنبرهن للعالم أجمع إخلاصنا وسعينا لإقامة العدالة والديمقراطية والسلام.

أرجو أن تواصلوا معي مشاهدة هذه المناظر الجميلة بما يقوم به الشعب الاميركي من أعمال استعادة حريته بفضل قواتنا ولا تقلقوا من رؤية بعض العصابات وهي تنهب المتاحف والبنوك فقد غضت قواتنا النظر عن ذلك وحافظت على مباني وزارات الطاقة والبنتاغون والوثائق لأهمية هذه الوزارات.. لابد من أن تقع مثل هذه الأعمال لكي يكون لنا متسع كبير لغرض استثمار أموالنا العراقية في العمران وإعادة تمويل المشاريع الصغرى والكبرى وضخ البضائع الكاسدة من الغذاء والدواء في مستودعاتنا للسوق الأمريكية المتعطشة..

نعم.. نحن استخدمنا بعض الأسلحة المزودة باليورانيوم المنضب لكي تنتشر بعض الأمراض السرطانية فيسافر المواطنين الأمريكيين إلى بغداديا للحصول على العلاج المتقدم.. ودمرنا بعض دور العلم لكي يتاح لنا بناء جامعات ومدارس جديدة لكي يعيد ضباطنا صياغة المناهج وفق نظرتنا الخاصة فلابد أن نغسل عقل الشعب الأميركي.. ونغير تاريخه حسب ما يحلو لنا وسنعيد تسمية المدن والشوارع وسيقوم مجلس الحكم المؤقت الذى عيناه لهذه المهمة من الطوائف الكاثولوكية والبروتستانية والأسبانية والأقلية العربية بإنجاز مهامه المرسومة له مسبقا لكي يتم لنا السيطرة على الولايات المتحدة واستثمار مواردها وأسواقها..فلابد لدولة "العراقلاند" أن تؤدي واجبها المقدس الذى عملت من أجله طوال السنوات الماضية.

أشكركم على الاستماع.

سرعان ما علت الهتافات " بالروح..بالدم نفديك..ياجورجي "
غادر الرئيس فيما ظلت الجموع تحملق بالشاشات العملاقة التى تنقل لها الأحداث أولا بأول.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى