الفارس
ما زلتُ أبصر بعض حُسنكِ في السما
بل في الثلوج وفي المروج وكلَّما
هـبَّ الـنسيم وجـدت عـطركَ آتيا
قـد كان عـطـركِ في غيابكِ بلْسَما
أتـُرى بعثتِ ببعـض روحـك جَـذوةً
قـد أشعـلتْ نارا بـقلبي والـدِّما
مـازلتُ أحلمُ كـل ليلٍ بـاللقـى
أوأن وجـهـكَ فـي صـبـاحٍ أقـْدَمـا
آمالُ نفسي لـم تـزل فـي داخلي
تـرجـو لـقـاء ذاتَ يـومٍ بـعدمـا
جلست طـويلا في الدياجر تـشتكي
ألـمَ الـفـراقِ وتستـغيث الأنـجُما
يا هـذه إني أحـبكِ فاعلمـي
أنـّي بـحـبـك أسـتطـيبُ الـعلْقَما
مازلتُ أسمعُ بعض صوتكِ هامسا
هـذا فـؤادي ثـم روحـي خـُذهـمـا
قد كان وصلكِ لي حياةً وانتهتْ
مـن بـعد عـينـكِ كـل شيـئٍ أُعْدِما
وتـَبَلْبَلَتْ روحـي فليس تـُطيعني
وتـمـردتْ أنـّى لـها أن تـَفـهمـا
ولقـد عصتني كـُلَّما قلتُ اهـدئي
ثـارتْ وبـاتـَتْ في كيانـي أرقـما
ولـقد رَمـتني والسهـام قواتلٌ
كيـف النجاةُ لكي أفرَّ وأسْلـَما
ولقد ظننتُ القـلبَ حقًا ناصري
وإذا بـه كان الأشــد تـَهجـُّما
لولا الوعود بأن اراكِ وجدتني
تحـتَ التراب وقد ذُبِحـتُ تَألُّما
ولقـد حسبتُ الـحب يرحـم أهلهُ
وإذا بـه يقتـاتُ منّا الأعْـظُما
يا هـذه إن لم تعودي أيـقني
موتا أموتُ غدا على أيْديْهِما
لا لا تظنـي أنَّ عـقلي مـُنجدي
بل إنَّ عقلي فـي رحـيلك أظلما
وتـركتني وأنا عليلٌ بالهوى
وتـركتِ لي جـسدا بناركِ أُضـرِما
إن الزمان قضى ببينِ أحبةٍ
أتـُراه أَبـغضَ أن نُحـب ونُغرما
كم من جنودٍ كان يرسل خلفنا
ليفـرقـونا هـل كـلانا أجْرمـا
إني سألتُ الليل عـنكِ فلم يُجـبْ
لـكنه إذ مـرَّ قـُربـي هـَمْهَمـا
وسـألتُ نور الـفجر حينَ رأيتـهُ
لـكنـه قـد قـال شيئا مُبهـمـا
وجـعـلتُ أسـأل كـل مـُزنٍ عـابر ٍ
لـكنـه أيـضـا بـشيئ تـَمتمـا
حتـى الندى يا حلوتي ضلَّ الهدى
حتـى الورود سـألتهـا مُتوسمـا
لكنهم صـمتوا جـميعا مِثـلما
صمت الضعيف ومـا اسـتطاع تَكلُّمـا
أو ربـما قد كان عـهدا مُبرمـا
يـا ويـل قلبي مـن لقتلي أَبرمـا
مازلتُ أذكـر كـيف قَلبكِ رقَّ لـي
بـل كيـف ثـغركِ حـينَ ذاك تَبسمـا
ما زلـت أذكـر كـل وردٍ أحـمرٍ
فـي وجـنتيك وقـد تـَفتح أو نَمـا
بـل ما أزال على ضـياك مسافرا
وأعـدُّ شـمسًا ما أزال وأنجـمـا
ما زلت أحـلم أن أراكِ غَدًا معي
فـمَنِ الـذي هُـو َمانِعي أنْ أحْلُمـا
ولقـد رسـمتكِ فـي فـؤادي لوحةً
هـل يمنعونـي حـُلوتي أنْ أرسُـمـا
ولـأمـلأنَّ بحبـكِ اليـوم الـفضا
ولـأجـهـرنَّ أمامـهـمْ مـُتـرنـمـا
ولـأعـبثـنَّ بـكـلِ ليـلٍ هـادئٍ
وسأظلـمُ الفجـر الـذي قـد أقدمـا
ولـأقطعنَّ علـى الغيـوم دروبها
حـتى يعـود الأمـر أمـرًا مـُحكمـا
ولأجعلـنَّ الكـونَ يـَنطـقُ مُرغمـا
مـن أيـن جـاءَ بـمكـرهِ وتعلَّمـا
مازلـتُ أخـفي في كياني فارسـا
من أجل عينـك سـافكا كـلَّ الدِّمـا
ولـقـد طُـعنتُ بألفِ سـيفٍ صـارمٍ
كـي تـَشهدي كـيف الـحبيبُ تقدَّمـا
جـَبلا عَنيدًا ما أزال فـإنْ بـَدتْ
عـينـاك دُكَّ لأجـلهـا مُستسلـما