

الشاعر صلاح فتح الباب ونبض الألم
الشعر موهبة وعطية من الله تعالى والشاعر ضمير الأمة وصاحب مشاعر راقية وأحاسيس مرهفة وهنا نتوقف مع الشاعر صلاح فتح الباب الذي اشتد عليه الألم فدخل على إثره العناية المركز بمستشفى النيل بالمؤسسة الكائنة بشبرا الخيمة التي ولد وعاش في بيت من بيوتها .
ودع القلم الشاعر صلاح فتح الباب قبل أن يودعنا هو فعندما أشتد عليه الألم أراد أن يكتب لتوعية الناس بشأن الانتخابات البرلمانية ولكن لم يتمكن من الإمساك بالقلم ولذا هطلت دموعه في مشهد مؤثر وهنا قال محمد ابنه : قل ماتريده وأنا سوف أكتب .. وماهى إلا أيام قليلة وصعدت روح الشاعر صلاح فتح الباب إلى بارئها وكانت نتيجة الحائط تشير إلى صباح يوم الجمعة 20 نوفمبر 2015 م .
عرفت الشاعر صلاح فتح الباب منذ أكثر من 35 سنة وكان قريب المسكن والقلب والعقل ، كان يحرص على أداء الصلوات في مواقيتها ويفرح لكل نجاح ويعشق الوطن .. يفرح لأفراحه ويحزن لأحزانه ونظرا لقربي منه كان يبوح في جلساته معي بمكنون ذاته فعندما توفى ابنه كتب قصيدة بعنوان ( ذكرى الأربعين ) وعندما قرأها أثناء جلسته معي بكى .. وتقول كلمات القصيدة :
مبقتشأحب الدنيا بعد رحيلكوالعين بتبكي بس مش ناسياكلو كان بإيدي كنت رحت معاكلكن إرادة ربنا فوق كل شىءوالسهم ياابني ..صفى دمي على الطريقخبر الوفاة كان صعبخلى العقل طارمن يومها تاهت بسمتيوالهم لافف مشنقتهحوالين رقبتي ليل نهارمعرفتش أمتى ..لحظة التنفيذ هتيجي ؟اللى اعرفه إني ..سجين الصبر من لحظة وفاتكواللي اجهله ..هوه السؤال المشكلةياهل ترى ...أنت اللي ميت ولا أنا؟أنت اللي عايش ولا أنا ؟نفس السؤال ..اللى بيعمل في المشاعر بلبلهإزاي هاأعيش ؟واللي انتهى مبيبتديشيافجر نايم جوه بحر من الدموعالنجم راح من غير رجوعوأنا جوه ليل الصبر ميت بالحياعايش بموتتلفحني نار الذكرياتأشفي غليلي بالصوريتفجر البركان في قلبييعصر الهم اللى غارز في الضلوعياحلم أبعد م الرجوععمال تراوض في ليه ؟دنا ناسي نفسي كنت إيه ؟أنا كنت عايزك في المحنستري وغطاياأنا كنت شايلك للزمنرمز لصباياأنا كنت بنسج لك علم من دم قلبيساعة ماأناضل ترفعه وتمشي وراياكنت بدمع لما تفرحكنت برجف لما تنجحكان تمللي رد فعليلغز يعكس كل آيةياربيع العمر .. ضاع العمرمن ساعة غيابكفوق جبال الصبر ماشيابكي وأتمنى ترابكبلقى نفسي جوه نفسيبنسى نفسي ويا نفسيوأما بتغرب يرجعني الآدانترتجف روحي وبشعر بالآمانوافتكر كل اللي قلتهوإحنا ماشيين في الجنازةالدوام لله وحدهوالخلود لله وحدهتبرد النار اللي قايده بين وريديوأمسك المصحف في إيديبعد ماأتوضأ وأمسك سبحتي .
أذكر أيضا أن الشاعر صلاح فتح الباب أرتبط بصداقة مخلصة مع الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي رئيس تحرير جريدة الحياة بل وتزوج عصام شقيقه من ابنة الشاعر صلاح فتح الباب وكان أيضا من اعز أصدقائي وتوفى في ريعان شبابه وعندما توفى الكاتب الصحفي محمد عمر الشطبي يوم الثلاثاء 5 مارس 2013 كتب الشاعر صلاح فتح الباب :
شمس الخميلة انطفت ولا عدش فيها ورودوالبهجة فيها اختفت ولا عمرهاش هتعودمن فوق جبال الأسى أنا والألم واقفينترسم تاريخك هرم ياأبو الكرم والجودسهم الفراق انطلق صابني بدون ماأوعىوسقاني مر الأسى .. دمعة ورا دمعةوقفت تايه وأنا بدفن أعز الناسوالشمس مستغربة بتبص لي بلوعةشفت الغروب وقتها واقف على الأبوابوالليل بيغزل لنا على قدنا أتوابياصبر اللى ابتدى مرك يدوينيالشوك تعبني ولاكنتش عامل له حسابمين اللي هيوديني بعدك وأنا مجروحيانبع كله صفا ياكنز كان مفتوحأنا كنت لما اشتكي ألقاك تواسينيوزاي هطيق الألم بعدك ياروح الروحمش كل من يعرفك كان للجميل فاكرولا كل من تعرفه بعدك هيتعاشرلو كان بإيدي أرجع عشرتك تانيوافديك بعمري ياصاحبي ده الفراق غادرجسر الحياة اتبنى واللى بناه صاحبيهمشي عليه للأبد وهخلد الشطبيبالفكر .. بالمعرفة .. بالفلسفة هبنيهوهطفي نارك بولادك كل مايفيض بيبدعي لإله السما والعرش ليل ونهارتنزل عليك رحمته وتكون مع الأبرارمن يوم فراقك وأنا طيفك مفارقنيشوكل ماأتذكرك تجري الدموع أنهارياللي الفؤاد انطوى بعدك ومش هلقاهقلبي عليك انكوى وإزاي ماضيك أنساهأنا مهما طال الزمن هفضل على عهدكوأما يحين الأجل .. يبقى الدوام لله .
الشاعر صلاح فتح الباب برغم أشعاره الكثيرة إلا إن شعره لم يأخذ حقه في النشر من قبل الجهات المعنية ولأنه كان عفيف النفس لم يطرق الأبواب ولذا طالت غيبوبة من بيدهم قرار الطبع والنشر ولذلك قمت مع أخي وصديقي العزيز الشاعر والناقد رفعت المرصفي في عام 2010 بمبادرة طبع أول ديوان للشاعر صلاح فتح الباب وهو أحضان الصمت ضمن سلسلة كتاب صالون رفعت المرصفي الذي تأسس في شهر يناير عام 2003 ويعقد ندوته في الخميس الأول من كل شهر ومن خلال الصالون تعرف الشاعر على رواده وارتبط بهم وارتبطوا به ونجد ذلك في القصيدة التي كتبها الزجال عبد الشكور ضرار عمدة رواد الصالون عندما علم بنبأ وفاة الشاعر صلاح فتح الباب حيث قال :
بكيفي أيدي القلم مارضيش يطاوعنييكتب سطور العزا ـ ولا حتي يسمعني"صلاح يا فتح الباب" آهين وآه يالليمن كتر حزني عليك قلبي بيوجعنيشغلتني بصُحْبِتَك وتركتني يا صلاحأبكي علي فرقتك والقلب كله جراحبكيت عليك بالدّما ياصاحبي يا فنانلكن فراقك قدر ـ في الجنه عيش وارتاحصلاح يافتح الباب , ياريتني ما قابلْتكولا كنت يوم شوفْتِني ولا كنت انا شُوفْتكتَرَك رحيلك أثرفي النفس ــ والأحزانحاوطتني من فُرْقتك ـ ياريتني ماعرفتكلآهو كان لقانا وداع ياصحبي م الأوِّلوالودّ بيننا انقطع ـــ ياريته كان طوِّللكن ده حكم القدر ومالهشي طبعا ردّمعقوله عقل النفر ينساك ويتحوِّل؟؟صلاح يافتح الباب ـ فيك العزا ـ ح يْطُولوآهو " رفعت المرصفي" صاحب الصالون بيقولإنك يافتح الباب راح تبقي وياناومحال في يوم تتنسي ؟ آهو ده اللي مش معقول؟؟
يا صلاح يافتح الباب.