الثلاثاء ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٥
بقلم صالح مهدي محمد

الحُلْمُ الجَميلُ

ها أنا
أراكِ،
فتضطرب في رأسي العناصر:
الماء يتذكّر شكله في يدك،
والهواء يتعثّر بكلمةٍ لم تقوليها،
والوقتُ،
ذلك العابر ببطءٍ من تحت مسامّاتي،
يتوقّف ليعدّل نبضه
على إيقاع مشيتك.

أقتربُ منكِ،
فأشعر أنّ العالم يصعد دفعةً واحدة،
كأنّ كلّ ما هو ساكنٌ
كان ينتظر هذا الاحتكاك الخفيف
بين روحي وجسدي.

يا لدهشةِ اللمس حين يمرّ على صدري!
كيف تتساقط الذكريات القديمة
كقشورِ ضوءٍ لم يعد يصلح للحرائق،
وكيف تنبثق لغةٌ جديدة
من طرف أصابعك،
لا تشبه حروف البشر،
بل تشبه ارتجافَ وردةٍ
حين تتعلّم النطق للمرة الأولى.

أقول لكِ:
«اقتربي…»
فيجري الضوء بيننا
مثل نهرٍ صغيرٍ يبحث عن ممرٍّ أوسع،
وتعلو في داخلي
قُبّةٌ من نبضٍ صافٍ
تضيء كلّما لامس صوتُك
أحد أسراري.

أحبكِ،
لكن ليس بالطريقة التي يتعلّمها العشّاق،
بل بالطريقة التي ينهض بها جبلٌ قديم
حين يسمع اسمَه بعد قرونٍ من الصمت،
وبالطريقة التي تعرف بها النار
أنّ عليها أن تعود،
حين تشمّ رائحةَ أصابعي.

أحبكِ،
كأنني أكتب العالم من جديد،
وتكون السماء أقرب،
وأعيد ترتيب المسافات،
كي يصبح الطريق إليك
أقصر من أن يُسمّى طريقًا.

وحين تبتسمين،
أشعر أن الليل
يتخلّى عن ظلمته
ويتبعكِ،
كما يتبع النسيمُ
غمامةً خفيفة
تشبه حلمًا
لم يجرؤ أحدٌ على تأويله.

ابقَي…
فوجودكِ هنا
ليس حضورًا فحسب،
بل صعودٌ هائلٌ
لما كنت أظنه قلبًا،
فاتضح أنه
سماءٌ قابلةٌ للاتّساع
كلّما نطقتِ اسمي
بصوتكِ الذي يشبه
يقظةَ العاشق
من أجمل حلمٍ في عمره.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى