اتفاقية التبادل الحر مع المغرب
إن أول تساؤل يتبادر إلى الذهن فيما يتعلق باتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية هو ما الذي ستجنيه أمريكا من هذه الاتفاقية؟؟
وفي هذا الصدد تجب الإشارة إلى أن المرشح الديمقراطي جون كيري قد جعل من هذه الاتفاقية إحدى النقط الجوهرية في حملته الانتخابية.
يبدو أن ما تتوخاه أمريكا من هذه الاتفاقية، ليس هو فتح مجال سوق جديدة، باعتبار أن السوق المغربي يمثل ما يناهز 11 مليار دولار سنويا من الواردات، إنهم يطلعون إلى أبعد من ذلك بكثير، إذ أن نظرتهم لا تنحصر في المغرب أو شمال إفريقيا أو المغرب العربي، ولكن نظرتهم تهم المغرب العربي والشرقي الأوسط معا، وبالتالي فإن المغرب، في هذا الإطار، لا يشكل إلا حلقة واحدة من السلسلة، سلسلة الاتفاقات من هذا النوع والتي ستكون، حسب التخطيط الأمريكي جاهز للتطبيق والدخول لحيز أرض الواقع بحلول سنة 2013 على امتداد الوطن العربي من الخليج إلى المحيط الأطلسي. فهناك جملة من الدول العربية تنتظر توقيع مثل هذه الاتفاقية، فهناك البحرين والعربية السعودية ومصر وتونس والكويت وقطر، بل هناك منها من وقعت وصادقت على الاتفاق.
وفي هذا الإطار، واعتبارا لموقعة ووثير سيرة نحو التطور، يمكن للمغرب أن يلعب دور النموذج لباقي الدول وهذا ما تسعى إلى تحقيقه الولايات المتحدة الأمريكية حاليا.
وانطلاقا من هذه الرؤية يمكن كشف ارتباط الاتفاق المغربي الأمريكي بمشروع الشرق الأوسط الكبير.
ولقد تطلب هذا الاتفاق 8 جولات من المفاوضات، كانت أخرها في 22 فبراير 2004 بواشنطن. إذ بعد 10 أيام من المناقشات والاجتماعات الماراثونية حصل الاتفاق بين الطرفين بعد ما يناهز سنة ونيف من المشاورات والأخذ والرد.
ويعتقد البعض أن الاتفاقية مازالت رهينة، بشكل أو بآخر، بالانتخابات الأمريكية ونتائجها.
لاسيما وأن المرشح الديموقراطي جون كيري عمل على تأسيس حملته الانتخابية على إشكالية لا مركزة التشغيل وهي الأطروحة التي تناهض بوضوح اتفاقيات التبادل الحل وتتعارض معها. ولعل هذا يعتبر من الأسباب التي دفعت إدارة بوش إلى التسريع في وتيرة حصول الاتفاق بين المغرب وأمريكا، وفي فتح المفاوضات مع دول أخرى في نفس الاتجاه.إذن، المغرب أصبح منذ 2 مارس 2004 البلد العربي المسلم الثاني الذي وقع اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد الأردن. والمغرب في نظر الأمريكيين يمثل سوقا في طور النمو يقع في ملتقى قارات أروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، وهو يستورد حاليا ما يناهز 11 مليار دولار من البضائع سنويا، من ضمنها 475 مليون دولار تقريبا من صادرات أمريكا نحو المغرب سنويا ( لاسيما المعدات وبعض المنتوجات الفلاحية ). إلا أن الأمريكيين يعتقدون أن قطاعي النسيج والأدوية سيشكلان أبرز الميادين للتعامل التجاري بين البلدين مستقبلا.
ومن المعلوم أن الرئيس بوش أعلن منذ شهر مايو 2003 رغبة إدارته في إحداث منطقة للتبادل الحر بالشرق الأوسط في أفق 2013.وذلك بهدف تمتين العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، وذلك بالتدريج أخذا بعين الاعتبار خصوصيات ودرجة وثيرة النمو في كل بلد.
ولتسهيل سيرورة تفعيل الإصلاحات الرامية إلى تحرير المبادلات الثنائية ارتأت الولايات المتحدة توقيع اتفاقيات إطار خاصة بالتجارة والاستثمار، على غرار ما حدث مع اليمن والكويت والسعودية ومصر وتونس وبالنسبة للبلدان الأكثر استعداد يمكن أن توقع الولايات المتحدة معها اتفاقية التبادل الحر، وهذا ما وقع مع المغرب. و البحرين، جنوب إفريقيا ونامبيا وبوسطوانا واللوزوطو وسوازيلندا. كما أن واشنطن عازمة على مباشرة مفاوضات لنفس الغرض مع تايلاند وكولومبيا والبيرو وايكوتور وبوليفيا وباناما.
إن الاتفاق المغربي الأمريكي الأخير يدخل ضمن الاستراتيجية الأمريكية الهادفة إلى إحداث منطقة التبادل الحر بمنطقة الشرق الاوسط في أفق 2013. وفي هذا الإطار سبق وأن أبرمت اتفاقيات مع إسرائيل ومع الأردن، والمفاوضات جارية بالنسبة للبحرين.وبخصوص المغرب اعتمد الاتفاق على منهجية اللائحة السلبية، أي أن المغرب عليه اعتماد اتفاق قطاع الخدمات ما عدا بالنسبة للحالات المنصوص على حمايتها والمحددة مسبقا.