

إنَّها باريس
إلى نور م.
1-وَاسْتَقْبَلَتْنِيكُنْتُ أَخْلِقُ أَلْفَ عُذْرٍ كَيْ أَرَاهَا سَاعَةًهِيَ قِبْلَتِي مُنْذُ الْتَقَيْتُ بِهَا عَلَى أَبْوَابِ (بَارِيْسَ) العَتِيْقَةِوَقْتَهَا كَانَتْ تُغَنِّي لانْحِنَاءِ (الشَّانْزَلِيْزِيهْ) قُرْبَ وَجْهِ (دِمَشْقَ)تَلْبَسُ سِحْرَهَا الشَّرْقِيَّ مِثْلَ يَمَامَةٍهَجَرَتْ تَقَالِيْدَ اليَمَامْ!(عَلْيَاءُ) بَعْضُ جَزَائِرٍ سَكَنَتْ هُنَاكَتَعَمَّدَتْ مُنْذُ الوِلادَةِ مِنْ مِيَاهِ (السِّيْنِ)وَاخْتَنَقَتْ بِتَارِيْخٍ يُلامْوَتَوَاصَلَتْ مَعَ مَنْ تُحِبُّ بِسِرِّهَابِاللَّحْنِ وَالرَّقْصِ المُقَدَّسِ في رُؤَى (إِشْبِيْلِيَا)بِأَنِيْنِ ذَاكِرَةٍ تُمَزِّقُ نَفْسَهَا حِيْنَ انْعِدَامْ!نَظَرَتْ مِنَ الشِّقِّ الخَفِيِّ بِبَابِهَا"هَذَا أَنَا!"فَتَحَتْ وَفي فَمِهَا ابْتِسَامَةُ طِفْلَةٍ"(عَلْيَاءُ).. مَا سِرُّ السُّهَادِ؟ تَكَلَّمِي"قَالَتْ لِتُخْفِيَ سِرَّهَا:"(بَارِيْسُ) تَرْقُصُ.. لا تَنَامْ"!2-كَانَتْ تُحَدِّثُنِي عَنِ الوَطَنِ المُقَدَّسِ مَرَّةًقَالَتْ: "هُنَاكَ بِدَايَتِيفي بُرْجِ (إِيْڤِلَ) حِيْنَ كُنْتُ صَغِيْرَةًأَمْسَكْتُ عُوْدِيَ وَابْتَدَأْتُ أُدَاعِبُ الأَوْتَارَيَصْحَبُنِي انْبِهَارِي مِنْ مُعَانَقَةِ الكَمَانْكُنَّا صِغَارَاً حِيْنَهَاكُنَّا نَظُنُّ بِأَنَّ ذَاكِرَةً سَتُوْلَدُ مِنْ تَلاقِي العَاشِقَيْنِبِأَنَّ أَوْطَانَاً تُرَفْرِفُ قُرْبَنَاوَبِأَنَّنا رُوْحَا الزَّمَانْ!كُنَّا صِغَارَاً حِيْنَهَاأَنْسَاقُ خَلْفَ تَوَحُّدِي المَاضِيوَخَلْفَ عَلاقَتِي بـ(الدُّونْ جُوَانْ)!أَوْ خَلْفَ مُعْضِلَةِ التَّأَقْلُمِ وَقْتَ سَافَرْتُ انْتِحَارَاًعَنْ مَقَاعِدِ وِحْدَتِي!وَقْتَ الْتَقَيْنَا فَوْقَ وَجْهِ سَفِيْنَةٍ تَعْرَى ارْتِحَالاًفي بِحَارِ الوِجْهَةِ العَمْيَاءِأَذْكُرُهَا، كَمَا لَوْ أنَّهَا مَرَّتْ ثَوَانْفَرَسَوْتُ حِيْنَ تَمَزَّقَتْ أَصْوَاتُنَا، كَيْ أُعْلِنَ التَّوْقِيْتَبِدْءَاً مِنْ جُنُوْنِيوَاخْتَفَتْ مُدُنُ التَّقَوْقُعِ وَالقِيَانْ!وَالآنَ، هَا (بَارِيْسُ) تُنْشِدُ قِصَّتِيْ(بَارِيْسُ) تُنْشِدُ لِلزَّماَنْ"!3-(عَلْيَاءُ) بِنْتٌ تُشْبِهُ الغَجَرَ الَّذِيْنَ تَوَضَّؤُوا مِنْ كُلِّ نَبْعٍ شَاحِبٍمِنْ مَاءَ (زَمْزَمَ) في الحِجَازِ، وَمِنْ هُدُوْءِ (الغَانْجِ)مِنْ (ڤِيكْتُوْرِيَا)مِنْ مَنْبَعِ (العَاصِي)، وَمِنْ (أَمَزُوْنِ) أَمْرِيْكَا، وَمِنْكُلِّ انْحِدَارٍ في جِبَالِ (الأَلْبِ) قَدْ صَنَعَتْ وَطَنْ!(عَلْيَاءُ) يُشْبِهُهَا الزَّمَنْ(عَلْيَاءُ) مِثْلُ تَوَجُّعِيلَكِنَّهَا أَحْلَى قَلِيْلاً مِنْهُمَا(عَلْيَاءُ) ذَاكِرَةُ المُدُنْ!هِيَ مِنْ أُصُوْلٍ - رُبَّمَا - عَرَبِيَّةٍلَكَنَاتُهَا السَّبْعُ الغَرِيْبَةُ تَسْتَحِيْلُ لِنُوْتَةٍ أُوْلىبِسِيمْفُوْنِيَّةِ الأَدْغَالِتَعْزِفُهَا عَلَى مَرْأَى عَصَافِيْرِ الجِوَارْوَبِصَوْتِهَا النَّايَاتُ تَخْتَزِنُ الرُؤَىفَتُحِيْلُهَا اسْمَاً يَنْطَوِي فِيْهِ المَدَارْ!كَانَتْ تُغَنِّي لانْحِنَاءِ القِبْلَتَيْنِ لَهَا، لِبَعْضِهِمَا، لِكُلِّ مَدِيْنَةٍ سَجَدَتْ لآلِهَةِ التَّحَدِّيفَاسْتَفَاقَتْ في صَبَاحَاتِ الشِّتَاءِ حَزِيْنَةً:"يَا أيُّهَا المَاضُوْنَ نَحْوَ هِدَايَتِي الكُبْرَى وَنَحْوَ نهَايَةِ الذِّكْرَىأَنَا اسْمُ العِشْقِ في كُتُبِ البِدَايَةِ وَاسْمُ زَهْرِ شَقَائِقِ النُّعْمَانِوَاسْمُ مَدِيْنَتِي الأُوْلى الَّتِي اهْتَرَأَتْعَلَى وَشَكِ الغُبَارْ!أَنَا ذِكْرَيَاتُكَ وَانْعِتَاقُ حُرُوْفِ شِعْرِكَغَابَةُ الأَطْيَافِ، دَائِرَةُ التَّمَرُّدِ وَانْكِسَارُكَوَجْهُكَ المَتْرُوْكُ عِنْدَ عَشِيْقَةٍ أُخْرَى.. وَكَأْسُ سَذَاجَةٍ!"كَانَتْ تُغَنِّي لِي، فَحَاصَرَهَا التَّقَشُّفُ في بَسَاطَةِ حَرْفِهَافي لَيْلِهَا المَنْسُوْجِ أَشْرِعَةً لِفُلْكِ الشَّمْسِ، أُغْنِيَتِي انْتَهَتْ:"(بَارِيْسُ) آلِهَةُ النَّهَارْ"!4-مَا زِلْتُ لا أَدْرِي لِمَاذَا تَرْتَدِي كُلُّ النِّسَاءِ بَرَاءَةَ الأَفْعَى!لِمَاذَا تَرْتَدِي (عَلْيَاءُ) خَارِطَةَ الرُّكُوْنِ إِلى الأَلَمْ!مَا زِلْتُ لا أَدْرِي حُدُوْدَ الخَوْفِ مِنْ شَغَفِيهِيَ اقْتَادَتْ فُؤَادِيْ نَحْوَهَا سِرَّاًوَأَعْلَنَتِ التَّفَجُّرَ، وَالتَّشَظِّيَوَالتَّنَحِّيَ عَنْ مَقَاعِدِ مَسْرَحِيعَنْ كُلِّ شَطْرٍ رَاقَهُ أَنْ يَجْعَلَ الأَلْوَانَ قَافِيَةً يُجَامِعُهَا القَلَمْ!مَا زِلْتُ لا أَدْرِي حُدُوْدَ العِشْقِ في مَفْهُوْمِهَامَا الحُبُّ؟ مَا القُبَلُ البَرِيْئَةُ؟ مَا التَّوَجُّعُ؟ مَا التَّنَاهِي؟مَا التَّصَادُمُ في مَعَايِيْرِ الأُمَمْ؟!(عَلْيَاءُ) حَاضِرَةُ الرُّكُونْهِيَ مِثْلُ (بَارِيْسَ) العَتِيْقَةِرُبَّمَا شَهِدَتْ حُرُوْبَ العَالَمِ الأُوْلىحُرُوْبَ العَالَمِ الأُخْرَىوَثَوْرَاتِ الشُّعُوْبِ عَلَى الطُّغَاةِسُقُوْطَ (هِتْلرَ)!رُبَّمَا شَهِدَتْ حِكَايَاتِ القُرُونْلَكِنَّها بَعْضُ السَّمَاءِ، قَدِيْمَةٌلا يَنْجَلِي مِنْهَا السُّكُونْ!- (عَلْيَاءُ).. مَا سِرُّ القَصَائِدِ؟ أَخْبِرِيْنِي- إِنَّهَا (بَارِيْسُ).. تُكْتَبُ كَيْ تَكُونْ!.
إلى نور م.
من ديوان: «نُوْر» تحت الطبع