الجمعة ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
بقلم حسن عبادي

إضاءات حول قرارات المحاكم الدولية-موقع أسرى غزة

نظّمت اللجنة القانونية للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، ندوة حواريّة عبر تطبيق زووم، تحت عنوان " إضاءات حول قرارات المحاكم الدولية-موقع أسرى غزة "، وذلك يوم الأربعاء الموافق: 12.06.2024 وشارك فيها وحضرها نخبة من الحقوقيّين والمهتمين بقضايا الأسرى من فلسطين والوطن العربي والدول الأوروبية. وتولى إدارتها الدكتور عبد الحميد صيام المقيم في الولايات المتحدة الأمريكيّة (عضو اللجنة القانونيّة للتحالف).

افتتح المحامي المقدسي علي أبو هلال (منسّق اللجنة القانونية للتحالف) بتحيّة وأشار لموضوع الندوة وقدّم مقدّمة قصيرة وهادفة.

كانت المداخلة الرئيسة الأولى للمحامي الحيفاوي حسن عبادي بعنوان "أسرى غزة بعد 7 أكتوبر" وجاء فيها: " منذ بدء حرب الإبادة المستمرة في غزة، تم اعتقال الآلاف من غزة، وأهم ما ميّز تلك الاعتقالات عشوائيّتها، فتم الاعتقال عن "باب وجِه" إن صحّ التعبير، دون أن يكون المعتقل مستهدفاً أبداً، دون معلومات استخباريّة أو أدلّة، بل وسيلة انتقاميّة وأخرى من باب التصيّد (fishing) لمحاولة الوصول لمعلومات أمنيّة وغيرها.

تم اعتقالهم/ أو الأصح اختطافهم من الشوارع والبيوت والمستشفيات، وإخضاعهم لتحقيق ميدانيّ مُهين، تعريتهم، وتعصيب العينين، وضربهم وقرفصتهم. ومن ثم اقتيادهم إلى معسكر (سديه تيمان) (غوانتانامو الإسرائيلي) كمحطة أولى، واحتجاز المئات منهم في كلّ بَرَكس مؤقت أُقيم للتوّ (حوالي 15 بركساً) في العراء دون أيّة مقوّمات معيشيّة أساسيّة، أشبه بحظائر الحيوانات.

مورست ضدّهم شتى وسائل التعذيب الوحشيّة؛ التقييد في الأصفاد بشكل دائم، 24 ساعة متواصلة، تقييدهم بالأيدي والأرجل والأصفاد المدمّجة لأيام معدودة مما أدى لبترها، وإجبارهم على الجلوس المنتظم دون حراك، معصوبو الأعين كلّ الوقت، وكذلك الضرب المبرِح بالأيدي والركل بالأرجل وبأعقاب البنادق في كلّ أجزاء الجسم، استعمال الكلاب البوليسية كوسيلة تعذيب، والصدمات الكهربائية حتى فقدان الوعي أحياناً، الرش بغاز الفلفل وغيره، ناهيك عن التجويع، التعطيش، التبريد وغيرها؛

وكذلك الأمر بالنسبة للإهمال الطبي المتعمّد ومنع العلاج للأسرى المرضى وحرمانهم من أيّة دواء، وخاصة مرضى السكّري والضغط، وباتت حبّة الأكامول الدواء الوحيد لكلّ الأمراض، وإجراء عمليّات جراحيّة دون تخدير؛ وكسر الأيدي والأرجل وبترها أحياناً؛ والاعتداءات الجنسيّة المتكرّرة وروى بعض المعتقلين تفاصيل لاعتداءات جنسية بشعة تعرضوا لها في مركز التعذيب؛ وكذلك الشتائم كلّ الوقت، شخصيّة وللذات الإلهيّة عدا التهديد بالموت؛ وتعمّد الاحتلال إبقاء المعتقلين من غزة رهن الإخفاء القسري، دون أيّة معلومة حول الأسرى، وحتى حجب أمر اعتقالهم أو مكان الاعتقال؛ ورفض السماح للصليب الأحمر والجمعيات الحقوقية للاطلاع على أوضاعهم؛ ناهيك عن منع الزيارات والتواصل مع الأهالي، ومنع لقاء المحامين وحرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي.

قدّمتِ المحامية الفلسطينية الممارسة في الولايات المتحدة، هبة بعيرات، مداخلة بعنوان "دور القضاء الوطني في ظل قرارات المحاكم الدولية". ركزت فيها على الإشكاليات التي يثيرها هذا التوجه وأولها مدى حجية القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الدولية خاصة محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية في أنظمة القضاء الوطنية. كما ألقت الضوء على إمكانية محاكمة الأفراد الضالعين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الدولية أمام المحاكم الوطنية الغربية تحت مظلة ما يُعرف ب"الإختصاص العالمي" ومظلات مشابهة له في القوانين الوطنية الغربية. من ناحية أخرى تحدثت بعيرات حول إمكانية محاكمة الحكومات أمام محاكمها الوطنية على انتهاكاتها الحقوقية ومشاركتها الفعالة في حرب الإبادة في القطاع. بيّنت بعيرات الفرق بين الجانب النظري المشرق والتطبيق الواقعي المحدود والذي يؤدي عادة لوصول معظم هذه التحركات إلى طريق مسدود تحت نظريات وحجج ودفوع متنوعة. وعلى الرغم من الصورة القاتمة إجمالاً، وضّحت بعيرات أهمية التوجه للقضاء الوطني والانتصارات التي يمكن حصدها خاصة فيما يتعلق بالحقوق الفردية والدستورية ومعارك حركة المقاطعة بي دي أس إضافة لدور القضاء في رفع الوعي وتحديد توجهات الشارع الشعبية والضغط السياسي الاستراتيجي على الحكومات والأحزاب. ختمت بعيرات مداخلتها بالتأكيد على أن القضاء سواء الوطني أو الدولي ليس إلا أداة مرادفة وثانوية في النضال الفلسطيني وأن المحاكم لن تقدم إجابات شافية ولن تحقق العدالة بغير تحركات سياسية ودبلوماسية تسبقها وتليها خاصة أن السؤال الفلسطيني هو سؤال سياسي وليس سؤالاً قانونياً بالدرجة الأولى.

أما الدكتور فؤاد بكر (لبنان) فتناول ظاهرة "السجون السرية الإسرائيلية" وقال إنها أُقيمت للتنكيل بالأسرى الفلسطينيين وتعذيبهم، وإخفائهم قسرياً، وأشار لدور الوحدة 504، على حد قوله، المتخصّصة بالتعذيب السادي وأكّد على ضرورة فضحها دولياً وملاحقتها قانونياً وعلى المجتمع الدولي أخذ دور فعّال للحد من هذه الانتهاكات المستمرة ضد الأسرى والمحتجزين والمعتقلين.

وكانت مداخلة قيّمة ومثرية لميغيل بيرتس (إسبانيا) بعنوان "التأثير على الموقف الأوروبي الرسمي من القرارات" (قام بترجمتها الناشط د. نضال حاج) وأكد بدوره على ضرورة تأثير أوروبا في الموضوع الفلسطيني، والإجراءات في المحاكم الدولية لا تزال ضعيفة ويجب أن تكون أقوى والفرصة سانحة لملاحقة الكيان قضائياً في كل مكان لوضع حد للانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين وما يجري من إبادة جماعيّة بحق المدنيين في غزة.

وكانت المداخلة الأخيرة للدكتور عبد الحميد صيام بعنوان "كريم خان وموقفه من حرب الإبادة الجماعية"، وأشار إلى أن إسرائيل تحارب كل المنظمات الدولية وتعتبر نفسها فوق القانون الدولي، فهم من فصّلوا المنظومة في البدايات ولكن ممنوع استعمالها واستغلالها من قبل الآخرين وتناول بإسهاب دور كريم خان الذي طلب إصدار مذكّرتا اعتقال ضد نتانياهو وغالانت وحذف من الطلب 23 اسماً لإسرائيليين كانت أسماءهم مدرجة في مسودة مذكّرة الاعتقال بسبب ضغوطات مورست عليه، كما تناول موضوع حرب إسرائيل السرية على المحاكم الدولية وما تقوم به من ضغوطات وتهديدات بحق القائمين عليها.

هذا وتعذّرت مشاركة الدكتور أيمن سلامة (مصر) لأسباب صحيّة.

وكانت مشاركات من الحضور، ومن بينهم المحامي علاء بدارنة (فلسطين)، الدكتور خالد حمد (المانيا)، منسّق التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، الذي شكر المشاركين وأكّد على ضرورة استمرارية نشاط التحالف لمساندة ونصرة أسرانا، أحمد فراسيني (بلجيكا)، الدكتور إسماعيل كرسوعة (فوبرتال/ ألمانيا)، صالح شعبان (النرويج)، محمد عمورة (السويد).

وفي سياق تلخيصه أشار د. عبد الحميد صيام إلى ضرورة تكثيف الجهود لشن "معركة" شاملة تشمل القانون والفن والعمل الطلابي لمقاضاة الكيان واستغلال الفرصة لفضح الهولوكست الفلسطيني.

وكانت الكلمة الأخيرة للدكتور علي أبو هلال (القدس)، منسّق اللجنة القانونية للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين، الذي شكر المشاركين وأكّد على ضرورة استمرارية نشاط التحالف وتنوع وسائل الضغط على الكيان وإصدار وثيقة حول السجون السرية وترتيب ندوة قريبة حول دور المحكمة الجنائية الدولية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى