الأحد ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥

إسعاف النشاشيبي

(1302هـ - 1367هـ) (1882م – 22/1/1948م)

 ولد (محمد إسعاف) عثمان النشاشيبي في القدس، لأسرة عريقة كان جدها الأول أحد رجال الملك الظاهر "جقمق". التحق بكتاتيب القدس ثم انتقل الى بيروت للدراسة في "دار الحكمة" حيث مكث أربع سنوات، ثم "لا مدرسة من قبل ولا مدرسة من بعد. . " على حد قوله. وقد تأثر بأساتذته عبد الله البستاني والشيخ مصطفى الغلاييني ومحيي الدين الخياط.

 خلال دراسته في بيروت ألَمّ باللغة الفرنسية إلماماً حسناً أتاح له قراءة بعض الكتب العلمية والصحف الفرنسية.

 تعلق بالأدب منذ صباه، فقرأ كتب التراث، وشغف ببديع الزمان الهمذاني، فكناه أصدقاؤه "أبا الفضل"، وأعجب بالمتنبي وقال فيه "إن المتنبي شخص ثالث بين كل مثقفين اثنين".

 كان واسع الاطلاع، ومكتبته لا تشبهها مكتبة، وكانت مجالسه أجمل المجالس لم يلقه أحد إلا استفاد منه – وكان يطلب العلم لأجل العلم، وكان أستاذ نفسه، مندفعاً في سبيل إحياء أمجاد العرب وتراث الإسلام.

 عمل إسعاف أستاذاً للأدب العربي في "الصلاحية" بالقدس، إبّان الحرب العالمية الأولى، ثم عمل في معارف حكومة فلسطين في عهد الانتداب البريطاني، حيث عيّن مديراً للمدرسة الرشيدية عام 1918م وما لبث أن رقي الى منصب مفتش للغة العربية في مدارس فلسطين، واستقال سنة 1930م وتفرّغ لكتبه وأدبه. وقد نشر منتخبات من قراءاته في أوابد كتب التراث، على صفحات مجلة "الرسالة" القاهرية، تحت عنوان "نُقل الأديب" استمرت منتظمة منذ عام 1937م حتى عام 1947م.

هاجر الى القاهرة عام 1947م، وأقام في أحد الفنادق حتى وفاته في 22 كانون الثاني (يناير) 1948م.

 جمعت الصداقة بينه وبين الشاعر أحمد شوقي. قال عنه أحمد حسن الزيات: "كان النشاشيبي رجلاً وحده في الأسلوب والخط والحديث والتحصيل. أسلوبه عصبي ناري تكاد تحسّ الوهج من ألفاظه، وتبصر الشعاع من مراميه. . وتحصيله عجب من العجب، ولا تستطيع أن تذكر له كتاباً من كتب العربية لم يقرأه، ولا بيتاً من شعر الفحول لم يحفظه، ولا خبراً من تاريخ العرب والإسلام لم يروه، ولا شيئاً من قواعد اللغة ونوادر التركيب وطرائف الأمثال لم يعلمه، فهو من طراز أبي عبيدة والمبرد، ولذلك كان أكثر ما يكتب تحقيقاً واختياراً وأمالي . . أنه خاتم طبقة من الأدباء اللغويين المحققين لا يستطيع الزمن الحاضر أن يجود بمثله. (1)

 وقال أمين الريحاني فيه: "ثلاثة سأذكرهم على الدوام: الحرم الشريف، وجبل الزيتون وإسعاف النشاشيبي. وهل أجمل من روح إسعاف السامية الحافلة بأنوار من الشرق والغرب؟. .". (2)

 وتحدّث عنه خليل السكاكيني في يومياته قائلاً: ". . ثم أعلنت الحرب الكبرى، ومما أذكره له بالشكر والإعجاب أنه كان إذا عرف أننا لا نجد خبزاً يحمل شيئاً من الطحين على ظهره ويأتي به الينا". (3)

 كتب عنه الكاتب الروسي ثيودوروف، بعد أن استمع الى بعض قصائده بلسانه في لقاء بالقدس يقول: ". . كان هذا الشاعر يقرأ قصيدته وفي كل نبرة من نبراته معان عظيمة، وقد ظهر لي وهو يقرأ نشيطاً عنيداً متحمساً. هذا الشاعر عربي قبل كل شيء، ومسلم، ولكنه ممتزج مع إخوانه المسيحيين امتزاج الراح والماء". (4)

شاعر، ناثر، منشيء، محقق، وخطيب. شعره فخم جزل عربي الديباجة والجرْس.

آثاره:

1- أمثال أبي تمام (1912م). (نشرت تباعاً في مجلس النفائس عام 1912م)

2- كلمة موجزة في سير العلم وسيرتنا معه (القدس، 1916م).

3- مجموعة النشاشيبي (القاهرة، 1923م).

4- قلب عربي وعقل أوروبي (القدس، 1924م).

5- البستان (القاهرة، 1924م ثم 1927م) [كان مقرراً ككتاب مطالعة في مدارس فلسطين].

6- كلمة في اللغة العربية (القدس، 1925م).

7- مجموعة النشاشيبي وهي تضم:

أ‌- العربية وشاعرها الأكبر أحمد شوقي.

ب‌- اللغة العربية والأستاذ الريحاني.

ت‌- العربية في المدرسة (طبعت المجموعة في مصر عام 1928م).

8- البطل الخالد صلاح الدين الأيوبي والشاعر الخالد أحمد شوقي (القدس، 1932م).

9- الإسلام الصحيح (القدس، 1935م).

10- مقام إبراهيم / خطبة ألقاها في حفل تأبين الزعيم السوري إبراهيم هنانو بدمشق (طبعت في كتيّب، القدس، 1938م).

11- نقل الأديب / 4 أجزاء (دار الثقافة، بيروت، 1956م).

12- أمالي النشاشيبي / مخطوط.

13- التفاؤل والأثرية في كلام أبي العلاء المعري (مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق).

14- بيروت والغلاييني (خطبته التي ألقاها في حفل تأبين الشيخ مصطفى الغلاييني بيروت).

15- الأمة العربية (مخطوط فُقد في القاهرة).

16- حماسة النشاشيبي (مخطوط لا يُعرف مصيره).

ولم ينهض واحد من الدارسين أو من أقربائه لجمع قصائده ونشرها في ديوان.

نموذج من شعره:

ثورة مكدونيا

تمجيد ثورة مكدونيا على السلطان عبدالحميد الثاني عام 1909م

اخطري اليوم في الربوع اختيالا

لا تخافي من العدو اغتيالا

لا تخافي من كيده لا تخافي

إن كيدا لعدو ولىّ وزالا

حسب القوم نائمين وخالا

كان هذا الحسبان منه ضلالا

قد أراد الذي أراد ولكن

خيّب الله والظبا الآمالا

نسي الكامنين في "سلنيك"

يرقبون الشؤون والأحوالا

نسي الأسد أنوراً ونيازي

وأخا المجد شوكت المفضالا

فأتوه مزمجرين غضاباً

وأذاقوه شدة ووبالا

تركوا الأهل والديار وساروا

يقرعون الهضاب والأجبالا

وانتحوا ظالم البلاد ومردي

الناس بغيا والناكث الختالا

أنزلوه عن عرشه مستكينا

وأذلوه في الورى إذلالا

هلك الظلم يوم راح وولى

وأتى العدل باهراً مختالا

تلك عقبى البغاة في كل دهر

فاحذرن أن تؤول هذا المآلا

أيها الشرق طال نومك فانهض

للمعالي وصافح الاقبالا

أهجر الجهل والعماية هجرا

وأعد للعلم مرقلاً ارقالا

انح ربع الأخاء نحو مجد

وانبذنّ الشؤون والأوحالا

اترك الدين في المعابد يبكي

واحتفل بالفتاة شرق احتفالا

تخدوه يا شرق للظلم سبلا

وأضلّوا وحرّفوا الأقوالا

وسعوا بينه وبين فتاة القوم

بغياً وآكلوا إيكالا

قصدوا هدم سورها فبنوه

وأتوا كي يقصروه فطالا

(مجلة "النفائس العصرية"، تشرين الثاني / نوفمبر 1909)

المراجع:

  من أعلام الفكر والأدب في فلسطين.
  رجال من فلسطين، عجاج نويهض، منشورات فلسطين المحتلة، بيروت، 1981م.
  حياة الأدب الفلسطيني الحديث، د. عبدالرحمن ياغي، المكتبة التجارية، بيروت، 1968م.

(1) مجلة "الرسالة" القاهرية.

(2) من رسالة شخصية وجهها أمين الريحاني للنشاشيبي.

(3) يوميات السكاكيني ص 382 و 383.

(4) مجلة "النفائس العصرية" الجزء الرابع سنة 1911م / السنة الثالثة / ص 189 – 190.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى