

أغاني تفَّاحة تتقطَّعُ فيها الجذور
عتبة:
..... (بِروحي مَن تَذوبُ عَلَيهِ روحي
وَذُق ياقَلبُ ما صَنَعَت يَداكا
لَعَمري كُنتَ عَن هَذا غَنِيّاً
وَلَم تَعرِف ضَلالَكَ مِن هُداكا
فَلا وَاللَهِ ماحاوَلتَ عُذراً
فَكُلُّ الناسِ يُعذَرُ ما خَلاكا
يَعِزُّ عَلَيَّ حينَ أُديرُ عَيني
أُفَتِّشُ في مَكانِكَ لا أَراكا
.... بهاء الدين زهير)
إذا اغْتُصِبتْ في عيونِك أغنيةُ الشَّوقِ
حرَّرتُ للنرجسِ في صوتِك كلَّ المدى
و وحَّدْتُ كلَّ عصافيرِ البراري
لتكملَ عنك الغناءَ بالصَّدى
تغرَّبتُ نهراً على وجهِ الصَّحاري
وشرَّدتُ ماضيكِ ليلاً مخيفاً على تينةِ الدَّارِ
فانتزعي من عيونِ النُّجومِ وميضي
أراكِ تغنِّينَ تحتَ شبابيك غربتنا مثلَ
تفَّاحة تتقَطَّعُ فيها الجذورْ
وتنسينني في وجوهِ المدينةِ ناياً
يبعْثر آهاته للغريبِ جسورْ
وعلَّمني حبُّكِ كيف
بأوراقِ توتةٍ تتهشمُ أقسى الصُّخورْ
وأنَّ الغناءَ ينابيعُ مهما
تفيضُ ليسَ بها حصَّةٌ للحبورْ
فلي آخر العطرِ
إنْ فاضَ خنْجرُ عاشقةٍ بالندمْ
ولي أوّلُ القفرِ
إنْ أزهرتْ أنهرٌ من يدها بالأملْ
لها لحمُ طيري
إذا ما تعَثَّرت أعلى القممْ
ورمَّانها يتدلَّى لغيري
إذا ما يدي حجراً أصبحتْ
كثرما أمس صدتُ لها منْ حجلْ
حبيبي الضَّحايا بُعيدَ المجازرِ
تطبقُ جفناً على وجهِ جلَّادها للأجَلْ
وتعرفُ أنَّ يدَ الشَّمسِ ليس لها سكاكينُ
تعرفُ في عينها تحفظُ كلَّ سجلّاتُ عَدلْ
سألتك شدِّي على جرحِ أحلامنا
تصيرُ دماها دعاءً يضيءُ شموعاً
لصوتِ الأذان ودمعاً لجرْس الكنائسِ
لا تهربي واسمعيني:
فما في ليلةٍ قمراً في سماها اكتملْ
سألتُكِ.... لكنَّها نهبتْ شهقةُ الهجْر خيلاً
تقولُ المرايا :....
أراها تراقصُ مقهورةً وجهَها يابسَ الوردِ بالنَّسَيانِ
وما كانَ عطراً بأمس غدا اليوم ريحَ فشلْ
سقطنا على خشبٍ أمس
كان على وشك أنْ أثماره تكتملْ
حرقنا به كلَّ غصنٍ، وأعمقَ جذرٍ وقلنا:
الرمادُ يُخبئُ جمراً، نسينا بأن اخضراراً سينمو الأملْ
وليس بأشجاره بالجمْر خضرته تشتعلْ.