الخميس ٢٦ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم فؤاد اليزيد السني

نُزْهَة في البادِيَة

قصيدة للكاتب الألماني: فريدريش هولدرلين
تَعال إلى (أوفير) يا صَديق!
ولَو أَنّ هذا اليَومَ ها هُنا،
لَيسَ لنا فيه مِن ضِياء،
إلاّ قَليلاً، ما زالَ يَتَلألأ،
تَحْتَ سَماءٍ تسْجُنُنا!
فَلا ذُرى الغابات،
ولا قِمَم الجِبال،
بالرّغْمِ مِن هَوانا،
قد اسْتَطاعَت أَن تَتَأَلّق،
وبَقِيَ الهَواء بِلا صَوْت.
قَد سَقَطَ الظّلام،
مََمَرّاتٌ و أَزِقّةٌ تَنام،
حتى لَكَأَنّي أَكاد أَخال،
بِأَنّ عُصورَ الرّصاصِ قَد عادَت.
ومَعَ ذلِك أَمَلٌ يُسْتَجاب،
لا شَيْءَ يُزَحْزح الإيمانَ الرّصين.
ولِلّحْظة: فَلْيُكَرّس هذا اليَومُ لِلْبَهْجَة!
لَِأنّه لَيْسَ سوى مِنْحَة بَخيصَة،
هَذه التي انْتزَعناها مِن السّماء.
ومِثل عَطاءاتِ الأَطْفال،
تلك التي كَثيرا ما حُرموا مِنْها،
مِثْلَها و باقْتِراحاتٍ كَهذِه فَقَط،
لِخُطْواتِنا و آلامِنا،
يُصْبِحُ الرِّبْحُ جَدارَة،
وبلا كَذِب، الرِّضى!
مِن أَجْلِ هذا ما زِلْتُ،
أومِنُ بالأَمَل،
حين نَكونُ قَد خاطَرنا،
بِكُلّ ما لَدَيْنا..
باِلخُطوَة المُعَبّدَةِ بالحُلُم.
و نَكون مِن قَبْل كُلّ هذا،
قَد حَرّرْنا أَلْسِنَتَنا،
و وَجَدْنا الكَلام،
و قَلْبُنا المُبْتَهِج،
حينَ مِن الجَبْهَة الثَّمِلَة،
تَتَجَلّى حَقيقَةٌ أُخْرى،
فَلْيُعَجِّل ازْهِرارُنا إذن،
بازْهِرار السّمَاء!
و لْيكُن مُتَفَتّحًا لِلنّظَر،
مُتَفَتّحا لِلنّور.
لأَنّها لَيْسَت مَسأَلَة نُفوذ،
و إِنّما حَياة.
و رَغَباتُنا: مَرَحٌ ولِياقَة مَعًا،
و مِن الخَطاطيفِ المُخْتارَة،
أَحَدهُما، على الأقل، أو الآخرَ،
و دائِمًا و أَبَداً،
يُنْبِئ بالصّيْفِ في البَوادي.
و كَذلِك مِن أَجْل تَقْديسِ الإِرْتِفاع،
بِكَلام عادِل،
حَيْثُ الماهِر النَّبيه،
قَد شَيّدَ نَزْلاً لِضُيوفِه،
كَيما يَغْمُرُهُم هذا الجَمالُ الأَكْبَر،
بِهذه الرُّؤْيَة الغَنِيّة:
و بِهَوى رَغْبَة العَقْل و القَلْب.
و لَعلّ هذا الإنِفتاح الكامِل،
رَقْصٌ، وَليمَةٌ و أَغاني،
و بَهْجَةُ "شتوتغارت"،
يُتَوِّجُها كُلّها.
و مَمْلوئينَ بِرَغْبَة رَهيبَة،
نُمارِسُ الصّعودَ إلى الهَضَبة،
لَعَلّ ضِياء شَهر مايو،
هذا السّاهِر عَلَينا،
يَتَلَفّظُ هنالِكَ في الأَعالي،
بِمُقْتَرَحاتٍ أَفْضَل،
لَدى ذاكَ الذي،
يَسْتَنيرُ بِه السّماع.
أو إذا كان يَحْلو لِلآخَرين،
حَسَبَ طُقوس القُدامى،
(لأَنّ الآلِهَة قد اِبْتَسَمَت لنا أَكْثَرَ مِن مَرّة)
فالنّجّار يُعْلِنُ حُكْمَه،
مِن على ذِرْوَة السّطْحِ،
و كُلّ مِنّا حَسَبَ اِسْتطاعَتِه،
يكونُ قد أَدّى قِسْمَتَهُ.
 
و لَكِنّ المَكانُ يَبدو شَديدَ الجَمال،
حينَ يَتَنَوّر السّهْلُ،
بِأَعْيادِ الرّبيع،
مِن على مَشَارِف "نَكّار"،
أَشْجارُ الصّفْصاف ماشِيَة في اِخْضِرار
و الغابَةُ و جُمْهورُ الأَشْجار،
ذات الزّهور البَيْضاء،
تَطفو في مَهْدِ الرّيح،
و مَغْمورَة بِالضّباب،
مِن أعالي الهَضَبة لأسافِلها،
تَتَفَتّح الكُروم و تَلين،
تَحتَ العطور المُشَمّسَة.
قصيدة للكاتب الألماني: فريدريش هولدرلين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى