الأربعاء ٢٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٢٣
بقلم رحال امانوز

ميلاد كاتب

كانت بداية اقتحامي لعالم الأدب وعلاقتي بالكتاب في السنوات الأولى من عمري. عندما كنت في التاسعة. أي سنة 1971... انذاك اكتشفت موهبتي الأدبية لأول مرة. من طرف استاذ درسني في المستوى الثالث ابتدائي... لاحظ أستاذي جمالية أسلوبي في مادة التعبير. وغنى رصيدي الوظيفي. كما لاحظ شغفي الكبير واقبالي على قراءة القصص. ما جعله يكلفني بإحداث مكتبة القسم. وتكليفي بالإشراف عليها ...

طلب مني جمع مساهمات نقدية من زملائي التلاميذ... حوالي عشرة سنتيمات للفرد وشراء قصص ووضعها بخزانة القسم... لاكلف بتوزيعها عليهم في نهاية كل حصة دراسية. واسترجاعها فيما بعد على سبيل الإعارة...

لم يكن في حينا الشعبي مكتبات لشراء القصص. كنت أتوجه عند «عمر مول الصاكة». الذي كان له دكان وحيد لبيع المواد الغذائية والسجاءر والأدوات المدرسية ... وفي واجهة المحل يعرض قصصا للأطفال لمؤلفها الشهير آنذاك: «محمد عطية الابراشي»... من هذا المحل كنت اقتني القصص. التي كنت التهمها التهاما...

منذ ذلك الحين جرفني حب المطالعة الكاسح... وأصبحت اهتمامي الأول في طفولتي. كنت افضل قراءة كتاب او مجلة على اللعب مع الأقران الصغار... في البيت كنت انزوي في ركن بغرفتي . وانهمك في قراءة ما تقع عليه يداي... كلما حصلت على نقود من والدي. كنت اشتري بها الكتب والمجلات...حيث رافقتني هواية المطالعة منذ طفولتي الأولى. واستمرت معي ابان فترة المراهقة...

حينذاك بدأت أهتم بقراءة المجلات والكتب باللغة الفرنسية... حيث كانت بداياتي مع القصص المصورة باللغة الفرنسية : Zembla و Rodeo و Blek و kiwi وغيرها... والتي كنت اقتنيها من عند محماد «باءع الز ريعة» بحينا الشعبي... فبفضلها تمكنت من إتقان اللغة الفرنسية .. واكتساب رصيد غني من كلماتها...

أما أولى محاولاتي في الكتابة والإبداع فكانت في الرابعة عشرة من العمر... وانا في السنة الثالثة إعدادي... ذات حصة دراسية و بينما كان أستاذ اللغة العربية وهو الفلسطيني الجنسية... منهمكا في شرح قصيدة : الأرملة المرضعة للأديب العراقي الشهير معروف الرصافي... كنت انا منشغلا بكتابة قصيدة شعرية غزلية...

ألقى زميلي الجالس بجانبي نظرة خاطفة على الورقة امامي... لافاجا به ينتزعها من بين يدي. ويتوجه بها رأسا لأستاذنا. الذي أخذ يتاملها جيدا... وهو يرسل نظرات شزراء تجاهي. كان قوي الشخصية عبوس الوجه. لا يتسامح مع محدثي الشغب. أو عديمي الإهتمام بمتابعة الشرح من طرف التلاميذ ... لكن سرعان مانفرجت اساريره عن ابتسامة و قال لي:

تعال هنا يا امينوز!
هل فعلا انت من كتب هذه القصيدة؟
قلت بخجل شديد: نعم انا من كتبها أستاذ!
بدأ يقرأ عليهم قصيدتي. التي لقيت إستحسان زملائي. ثم قال لي:
محاولة جميلة! واصل الكتابة. انت تمتلك موهبة أدبية كبيرة...

لم اعمل بنصيحة أستاذي الفلسطيني فيما بعد... واصلت القراءة ولم اهتم بمواصلة الكتابة... لم اعر اهتماما لموهبتي الأدبية... ولم اعمل على صقلها وتطويرها...

بل كنت غالبا ما امزق كل محاولاتي الادبية الأولى. والتي كنت اخطها من حين لآخر... ولم أجد من يأخذ بيدي لاقتحام عالم الإبداع الأدبي...

في المرحلة الثانوية... كنت أركز على دراستي للحصول على شهادة الباكالوريا... والبحث عن وظيف... او عمل يمكنني من تأمين لقمة العيش... القليل من التلاميذ منا من كان يفكر في متابعة الدراسة الجامعية ...

(يتبع) ...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى