مع، مَن، من
مَع
[مع]: اسم منصوب (1) له استعمالان:
الأول: ظرف للمكان أو للزمان، نحو: [جلس سعيد معَ (2) خالد في الغرفة (ظرف مكان)] و [سافر زهيرٌ مع الفجر (ظرف زمان)].
الثاني: أن يحذف المضاف إليه بعدها فتنوَّن، وتُعرَب على حسب موقعها من العبارة. نحو: [سافر زهيرٌ وخالدٌ معاً]، ومنه قولُ متمّم بن نويرة يرثي أخاه مالكاً:
فلما تَفَرَّقْنا كأني ومالكاً لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ ليلةً مَعا(3)
1- دليل اسميتها أنّها تنوّن، وإنما تُنَوَّن الأسماء، يقال مثلاً: (سافر خالدٌ وزهيرٌ معاً).
2- ذكروا أنّ قبيلة ربيعة تسكّن العين، فتقول مثلاً: [زهيرٌ مَعْ خالد].
3- [معاً] في بيت متمّم، وفي المثال قبله: حال منصوب.
مَنْ(1)
على وجوه:
الأول: شرطية جازمة: نحو [مَن يَدرسْ ينجَحْ].
الثاني: استفهامية: نحو: [مَن زاركم؟]. وتُفيد معنى النفي إذا جيء بعدها بـ [إلاّ]، نحو: [مَنْ يفعلُ هذا إلاّ خالدٌ؟ = لا يفعل هذا إلاّ خالدٌ].
الثالث: اسم موصول: نحو: [نودّعُ مَنْ يسافر = نودّع الذي يسافر]. وقد يُراد بها المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، على حسب موقعها من العبارة، نحو: [سافر مَن نجح - سافرتْ من نجحت - سافر من نجحا - سافر من نجحوا - سافر من نجحنَ]. وهي في الأصل للعاقل، ولكن قد تُستَعمَل لغيره(2).
ملاحظة: قد يُؤتَى بها زائدةً، نحو قولك: [لا نتعالى على مَنْ غيرِنا = لا نتعالى على غيرِنا].
نماذج فصيحة مِن استعمال [مَنْ]
– [ومَنْ يَتَّقِ اللهَ يجعلْ له مخرجاً] (الطلاق 65/2)
[مَنْ]: شرطية، جزَمَت فعلين: [يتَّقِ] وعلامة جزمه حذف الياء، و[يجعلْ] وجُزم بالسكون، ولولا الجزم لقيل: يتّقي... ويجعلُ.
– قال الفرزدق، ولبيته روايتان نقف عندهما كلتيهما، الأولى:
ومَنْ يَميلُ أمال السيفُ ذِرْوَتَهُ حيثُ التقى مِنْ حِفافَي رأسِهِ الشَّعَرُ
(ذِروته: أي رأسه - حفافا رأسه: جانباه).
[مَنْ]: في هذه الرواية، اسم موصول، بمعنى [الذي]. ألا ترى أنها لم تجزم فعل: [يميل]، ولو جَزَمَته لقيل: [ومَن يمِلْ].
والرواية الثانية:
ومَنْ يَمِلْ يُمِلِ المأثورُ ذِروتَهُ حيثُ التقى مِنْ حِفافَي رأسِهِ الشَّعَرُ
(المأثور: السيف).
[مَنْ]: في هذه الرواية، شرطيّة، جزمت فعلين مضارعين هما: [يَمِلْ ويُمِلِ]. ولولا الجزم لقيل: [يَميلُ ويُميلُ].
– وقال الفرزدق أيضاً يخاطب الذئب (الديوان 2/329):
تَعَشَّ، فإنْ واثَقْتَني لا تَخونُني نكُنْ مِثلَ مَنْ يا ذِئْبُ يصطحبانِ
[مَنْ]: اسم موصول، أُريد به المثنى، لأنّ المعنى: نَكُنْ مثلَ اللّذَيْنِ يصطحبانِ. وإذا كانت [مَنْ] موصوليّة فقد يُراد بها المفرد أو المثنى أو الجمع، والمذكّر أو المؤنث، على حسب موقعها من الكلام.
– [ومنهم مَنْ يستمعون إليك] (يونس 10/42)
[مَنْ]: في الآية اسم موصول، أُريد به الجمع، لأنّ المعنى: ومنهم الذين يستمعون إليك. ونقول هنا ما قلناه آنفاً: متى كانت [مَنْ] موصوليّة فقد يُراد بها المفرد أو المثنى أو الجمع، والمذكّر أو المؤنث، على حسب موقعها من الكلام.
– [قال ومَنْ يقنَطُ مِن رحمة ربّه إلاّ الضالّون] (الحِجْر 15/56)
[مَنْ]: هاهنا استفهامية، وقد جيء بعدها بـ [إلاّ] فأفادت معنى النفي، أي: [لا يقنطُ... إلاّ]. وكذلك تكون كلما جيء بعدها بـ [إلاّ]، إذ تُشْرَب في هذه الحال معنى النفي. ومثل ذلك طِبقاً قولُه تعالى:
– [ومَنْ يغفرُ الذنوب إلاّ الله] (آل عمران 3/135)
فـ [مَنْ] استفهامية، جيء بعدها بـ [إلاّ] فأفادت معنى النفي، والمعنى: لا يغفر الذنوب إلاّ الله.
– وقولُه: [مَنْ ذا الذي يَشْفَع عنده إلاّ بإذنه] (البقرة 2/255)
والمعنى: لا يُشفَع عنده إلاّ بإذنه.
1- تشترك [ما] و [مَن] الاستفهاميتان، في مجيء [ذا] بعدهما، وفي الصور والأحكام التي تكون عند ذاك. وقد أوضحنا ذلك في بحث [ما]، فارجع إليه هناك.
2- تستعمل [مَنْ] لغير العاقل، إذا نُزِّل منْزلة العاقل؛ كأن يُنادى مثلاً، وغير العاقل لا يُنادى، نحو: [أَسِرْبَ القَطا هَلْ مَنْ يُعِير جَناحَهُ]، أو شَمَلَ العاقلَ وغيرَ العاقل حُكْمٌ واحد نحو: ]يسجد له مَن في السماوات ومَن في الأرض[، أو اقترن غيرُ العاقل بالعاقل في عمومٍ مُفَصَّلٍ بـ [مَن] نحو: ]واللهُ خلق كُلَّ دابّةٍ مِن ماءٍ: فمنهم مَنْ يمشي على بطنه ومنهم مَنْ يمشي على رجلَين ومنهم مَنْ يمشي على أربع[.
مِنْ
حرف جرّ، ولها معانٍ أشهرها:
– ابتداء الغاية المكانية نحو: [سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً مِنَ المسجدِ الحرام إلى المسجدِ الأقصى]
– ابتداء الغاية الزمانية نحو قول النابغة:
تُخُيِّرْنَ مِن أزمانِ يومِ حليمةٍ إلى اليومِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التجارِبِ
– التبعيض: [لن تنالوا البِر حتى تنفقوا مِمّا تحبون] (أي: بعض ما تحبون).
– البيان (بيان الجنس): اشتريت خاتماً من ذهب.
– البدلية: [أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة]
– التعليل والسببية: ومن ذلك قول الفرزدق:
يُغْضِي حياءً ويُغْضَى مِن مهابتهِ فما يُكَلَّمُ إلا حين يَبتسِمُ
وقد تأتي زائدة فتفيد التوكيد(1)، شريطة أن تتلوها نكرة، ويتقدّم عليها نفيٌ أو نهيٌ أو استفهام، نحو:
– هل استقبلتَ مِن أحدٍ؟ = هل استقبلتَ أحداً؟: (مفعول به)
– ما زارني مِن أحدٍ = ما زارني أحدٌ: (فاعل)
– لا تَزُرْ من أحد: لا تَزُرْ أحداً: (مفعول به)
- هل في البيت مِن أحدِ؟ = هل في البيت أحدٌ؟: (مبتدأ مؤخَّر)
1- ضابط زيادتها أن تحذفها فلا ينقص من معنى العبارة إلا التوكيد، الذي ينشأ عن زيادتها.