للأدباء ومشاهير الكتاب في العالم
" الكاتب الذي ينتظر الظروف المثالية للكتابة سيموت دون أن يخط على بياض الورق أي كلمة"
التحديثات: هنالك العديد من الأعمال الروتينية قد تكيفت مع حب العمل وخيال الكاتب حتى النوم أحيانا يبعث على النتاج الأدبي.
نشرت كورت فيرغن مؤخرا مقالا عن الأعمال الروتينية التي يقوم بها بعض من كتابنا المحبوبين والطريقة التي ينظمون بها أيامهم وكتاباهم. فقد انتخبت مجموعة من المقابلات القديمة من مختلف اليوميات المحفوظة في أرشيف مجلة باريس _ وقمت باستسقاء حفنة من الأعمال الروتينية لبعض كتابي المفضلين. أتمنى أن تتمتعوا بالاطلاع عليها.
• راي برادبري: من دعاة العمل على مدى الحياة وربطه بالفرح.. كاتبنا هذا بطل متعطش للمكتبات العامة، هزلي، يتحدى مسألة الروتين كما قال في مقابلة نشرت عام 2010.:-
"في كل يوم من حياتي ذلك ومنذ أن كنت في الثانية عشر من عمري يقودني شغفي إلى الآلة الكاتبة وبنفس الوتيرة. لذا فلم اهتم كثيرا حول المواعيد.هنالك دائما أشياء وكتابات جديدة تتفجر بحياتي وتجدولني وفق حضورها لذلك لا جدولة لحياتي أو انجازاتي. دائما ما تدعوني الآلة الكاتبة لمداعبة حروفها وإنهاء فكرة انبثقت من مكان ما.
يمكنني العمل في أي مكان. لقد كتبت في غرف النوم وغرفة المعيشة في صباي حيث كنت اقطن مع أهلي في بيت صغير في لوس انجلوس. كنت أكتب على الآلة الطابعة في حين كان الراديو وأمي وأبي وأخي جميعهم يتحدثون في نفس الوقت. لاحقا وعندما بدأت بكتابة ( 451 فهرنهايت ) ذهبت إلى جامعة كاليفورنيا حيث وجدت في طابقها السفلي غرفة للطباعة وكان من الممكن ان تشتري ثلاثين دقيقة طباعة من الوقت بإضافة عشر سنتات إلى الآلة الكاتبة.
• أما جوان ديديون /فأنها خلقت لنفسها فترة من حضانة الأفكار وذلك حسب ما بينت في مقابلة لها سنه 1968:
" أحتاج إلى ساعة انفرد بها مع كأس من المشروب لكي أعيد بذهني ما أنجزته ذلك اليوم. لا استطيع أن اقوم بهذا الأمر في وقت متأخر من الظهر لأني سأكون بعد ونوعا ما قريبه من الحدث، أما المشروب فهو يساعدني على محو بعض من تلك الأوراق. لذلك اقضي هذه الساعة أحذف بعض السطور وأضيف أخر ودواليك بالأيام القادمة في كل ليلة أعيد ترتيب هذه الملاحظات مساءا. عندما أكون منغمسة بالعمل لا أحبذ الخروج أو دعوة احدهم على العشاء لأني حينها سأفقد ساعة.إذا كنت خسرت الساعة وبدأت يومي مع مجرد بعض صفحات سيئة وبدون نقطة البدء فمع كل هذه الفوضى سأكون بكل تأكيد في أسوأ حالاتي المعنوية.شيء آخر علي القيام به خاصة عندما أكون قريبة من نهاية كتابي هو النوم وبنفس الغرفة مع أوراقي. وهذه من أهم الأسباب التي تدفعني للذهاب إلى سكرامنتو لإنهاء الأمور.أؤمن انه وبطريقة ما "إن الكتاب لا يغادرك حين تكون نائما بالقرب منه".في سكرامنتو لا احد يهتم إذا ما خرجت من منزلي ا لا، لذا يمكنني النهوض والبدء بالكتابة.
*أما (E. B. Whitefih ) فقد ذكر في عين المقابلة الرائعة التي أوضحت لنا إن بصيرة الكاتب لا يحدها زمن وكذا دوره ومسؤوليته،مركزا على العلاقة بين الصوت والنهايات المذكرة ليردد بذلك وصايا تشايكوفسكي بالتركيز على أخلاقيات العمل:
لا أستمع أطلاقا الى الموسيقى حين اكتب.. ليست لدي هذه النزعة ولا أحبها على الإطلاق. الا إني قادر على العمل والكتابة على نحو جيد في خضم العديد من الانحرافات العادية. يحوي منزلي على غرفة معيشة وهي كمركز لكل شيء، فهي ممر الى القبو والى المطبخ كمالا بد ان يمر بها من يريد استخدام الهاتف وبالنتيجة فهي دائما ما تكون ضاجة بازدحام مروري خانق !.لكنها بالنسبة إلي غرفة مشرقة مليئة بالحياة والبهجة، لذا فغالبا ما أستخدمها كغرفة لكتابتي على الرغم من الكرنفال الذي تجري أحداثة من حولي. فمثلا غالبا ما تدفع فتاة التنظيف بمكنسة السجاد تحت الطاولة التي تقبع فوقها الآلة الكاتبة برغم كل ما تحدثه من ضجيج إلا أنها لا تشكل إزعاج او تشتت لذهني او تركيزي في العمل الا حين تكون تلك المنظفة جميلة بشكل خارق او غبية حمقاء بشكل غير عادي ! كما إن زوجتي، والحمد لله، لم تقم بمساندتي كما قيل لي أن بعض زوجات الكتاب تفعل. على النقيض من ذلك، فأفراد أسرتي لم يكن لهم أدنى اهتمام بكوني " كاتب "، فهي لا تمانع بالضجة وتسمح لهم ان يشاغبوا كما يحلو لهم. وإذا ما قدر و مرضت من جراء ذلك وأنزعجت فالجواب واحد-" لدي الكثير من الأماكن التي استطيع ان اقصدها للكتابة... " فالكاتب الذي ينتظر الظروف المثالية التي بموجبها يبدع بعمله سوف يموت دون وضع كلمة على الورق".
أما جاك كيرواك (Jack Kerouac) فيصف طقوسه والخرافات التي تحيط بها في مقابلة سنه 1968:
أقوم بإضاءة شمعة واحدة مرة واحدة بالمساء واكتب على نورها وأقوم بأطفاءها عندما انتهي من ليلتي. كما إني أركع للصلاة قبل البدء بالكتابة ( لقد تأثرت بفلم فرنسي يتحدث عن George Frideric Handel – جورج فردريك هاندل ).. ولكني وببساطه الآن اكره ان اكتب. الخرافات ببلدي، لقد بت اشك حتى في اكتمال القمر، كما تعلقت بالرقم تسعة على الرغم من اني من مواليد برج الحوت ورقم حظي هو السبعة. أحاول ان المس الأرض تسع مرات ذلك حين أكون في الحمام فأكون واقف على رأسي الذي يلا مس ا لنعال بشرط ان يلامس إبهام قدمي الأرض تسع مرات كذلك وأكون في وضعية متوازنة. هذا الفعل يعتبر أكثر وأقسى من اليوغا فهو انجاز رياضي فذ. فهل من المعقول بعد كل هذا ان تسميني ب " غير المتوازن !". بصراحة مطلقة وأحيانا أحس إن عقلي بدأ يتلاشى !. فلذا أمارس" طقسا "آخر كما تسمونه.. ذلك بأن ادعو المسيح كي يساعدني بالمحافظة على سلامة عقلي وطاقتي لكي ادعم عائلتي ( أمي المشلولة و زوجتي وقططي الجميلة.حسنا ؟
وبعد فترة تأمل اضاف حول اوقت والزمان الأكثر تلاما للكتابة:
مكتبة بقرب السرير مع ضوء جيد و تناجي الورق من منتصف الليل وحتى بزوغ اول خيط للشمس، وكأس من الشراب حين تتعب.. ستكون الكتابة رائعه بمنزلك ! ولكن ان لم تملك منزل خاص وتقطن بغرفة في فندق أو حتى لو تكتب على وسادة: نوع من السلام !
• أما سوزان سونتاغ (Susan Sontag) فقد دونت في مذكرتها سنه 1977، أضافة الى مجموعه من الحكم التي أطلقتها عن الكتابة تقول:
أبدأ بالغد – إن لم يكن اليوم موعد انطلاقك !
أصحو من نومي في موعد لا يتجاوز الثامنة صباحا. ( وأستطيع كسر هذه القاعدة مرة واحده بالأسبوع )،وأتناول غدائي فقط مع روجر.. ( لا أخرج للغداء إلا مرة واحدة فقط كل أسبوعين ).
أقوم بتدوين ملا حظاتي بشكل يومي ( مثلا: كتبي عن يشتنبرغ الغربية ).
أطلب من المحيطين بي من أصدقاء او معارف ان لا يتصلوا بي في الصباح لأني لن ارد على اتصالاتهم.
سأحاول ان احصر قراءتي للمساء فقط ( فقد قرأت كثيرا- محاوله مني للهرب من الكتابة )
سأرد على الرسائل مرة أسبوعيا ( أما عن الجمعة ! – على العموم سأكون مضطرة للذهاب الى المستشفى ).
ثم، وفي مقابلة ثانية وبعد عقدين من الزمن مع احد المحررين في مجلة باريس تحدثت عن التفاصيل الروتينية التي تقوم بها عند الكتابة:
أكتب باستخدام قلم ذو طرف من اللباد وأحيانا قلم رصاص على ظهر أوراق الملاحظات القانونية الصفراء او البيضاء تلك التي كان الكتاب الأمريكان مولعين بها، كما اني أحب الكتابة اليديويه واكتب ببطء شديد ثم أقوم بطباعتها وتوثيقها على الاله الكاتبة حتى اني اقوم بإعادة الطباعة أو حتى إجراء التصحيحات اللازمة يدويا او مباشره باستخدام أزرار الإله الكاتبة حتى أصل لقناعة خالصة ان ليس بمقدور النص ان يكون افضل. هكذا كان الحال منذ خمس سنوات خلت.. بعدها ظهر الحاسوب في حياتي. بعد المسودة الثانية او الثالثة سأقوم بحفظها على الكومبيوتر خاصتي ومن غير الممكن ان أعيد مخطوطة كاملة بعد الان رغم هذا أقوم بالاستمرار بالمراجعة على مسودات ورقية اسحبها من الحاسوب
تأتيني نوبة الكتابة بصوره فجائية. أكتب حين أحس ان هنالك ضغط كبير يتنامى بنفسي و اشعر بتلك الثقة التي تخبرني ان فكرة ما نضجت في رأسي وان الأوان حان لقطافها. ولكن ما ان ابدأ بالكتابة حينها لا أحبالقيام بأي عمل آخر.. فأل قابعة بمنزلي وفي أغلب الأحيان أنسى تناول الطعام وحتى نومي يكون لساعات قليلة.أعلم إنها طريقة غير منضبطة للعمل وهي تؤثر سلبا على غزارة أنتاجي ولكنها تجعلني اهتم بأشياء أخرى كثيرة.
• في عام 1932 وتحت عنوان الروتين اليومي (Henry Miller- هنري ميلر ) همّش وصاياه الإحدى عشر للكتابة بخطة رائعة للإنتاج والإلهام والصحة النفسية:
صباحا: ان كنت أحس بالدوار فأطبع ملاحظات أوزعها كنوع من التحفيز.
أما أن كنت بحالة جيدة، فأكتب.
في الظهيرة:
أعمل على انجاز القسم الذي في متناول اليد متتبعا بذلك خطة الجزء بدقة. لا هروب أو تسرب......أكتب حتى الانتهاء من الجزء بالوقت المناسب من اجل الخير للجميع
.
المساء:
رؤية الأصدقاء و القراءة في المقاهي.
استكشاف أمور غير مألوفة بالسير على الأقدام ان كان الجو رطبا وركوب الدراجة الهوائية ان كان جاف.
إذا كنت بمزاج يساعد على الكتابة،حينها احرص ان تكون ضمن اطر أو برامج قليلة.
أرسم ا ن لم يواتيك الإلهام او كنت تحس بالتعب.
أكتب ملاحظات، او مخططات توضيحية أو يمكن رؤؤس أقلام او حتى تصحيحات لما قد انتهى من مواد.
– ملاحظة: تمتع بوقت كافي خلال النهار للتمتع بزيارة المتاحف او معرض رسوم او حتى مسابقات ركوب الدراجات في بعض الأحيان. أرسم مخططات في المقاهي والشوارع. قلل او اقطع الأفلام ! استعن بالمكاتب للمراجع ولو مرة بالأسبوع.
• أما في هذه المقابلة التي أجريت عام 1965 (Simone de Beauvoir –سيمون دي بفوار ) ساهم في تبديد " تعذيب – عبقرية " أسطورة الكتابة حيث قال :
أنا دائما في عجلة من أمري للتقدم رغم إني بصورة عامة لا أحب بداية اليوم. أبتدئ يومي بتناول الشاي ثم وفي حوالي العاشرة أشرع بالعمل حتى الساعة الواحدة. حينها أتمتع بصحبة أصدقائي وفي حوالي الخامسة أعاود الكتابة حتى التاسعة مساءا. لا أواجه صعوبة تذكر بالتقاط الخيط المحيط بالأمور حتى في فترة الظهيرة. عند مغادرتهم سأقرأ الورق أو ربما قد أذهب للتسوق. أنها متعة الكتابة هي المسيطرة في معظم الأحيان.
[……]
أذا كان العمل يسير على ما يرام، فأني حتما سأقضي ربع او نصف ساعة بمراجعة ما كتبته في اليوم السابق، وأقوم ببعض التعديلات ان لزم الأمر ثم أواصل الكتابة من تلك النقطة. لكي أصوغ الأمور بطريقة صحيحة. إذ لا بد لي من قراءة ما قمت ببث الروح فيه.
• إرنست همنغواي (Ernest Hemingway) الذي كتب رائعته المشهورة الوقوف 0 (كان همنغواي يقف عند ما يكتب على زوج من جلد البقرة الوحشية البالية – وكانت الالة الطابعة ومكتب القراءة يصل الى أعلى صدره ) رغم ذلك ترك نهجه الواضح وصياغته المميزة بشكل متعادل مع موهبته الشعرية والبراغماتية الفذتين. فذكر أنه:
كنت احرص دائما حين أشرع بالعمل على كتاب او قصة ان ابتدأ مع الضياء الأول للنهار كلما كان ممكنا حيث لا يوجد من يزعجك وتتمتع بالسكينة وذلك البرد الجميل الذي يتلاشى بدفء ما تكتب. تقرأ وتراجع ما قد كتبته وتقف هنيهة حين تعلم ما لذي سيحدث لاحقا !ستبدأ من تلك الحالة. ستكتب حتى تصل لمكان لا يزال موجود به عصيرك الخاص وتعلم ما سيحدث بعدها لكنك ستتريث قليلا تقف لتعيش الأحداث مع حروفك حتى اليوم التالي حين تعاود الكتابة ثانية. عليك النهوض والبدء مبكرا ولنقل من الساعة السادسة صباحا،حتى الظهيرة أو قليلا قبل ذلك. تقف عن الكتابة حين تحس انك فارغ من المشاعر وبنفس الوقت مشاعر العالم تمليك كما هو الحال حين تقدم الحب مع شخص تعشقه. حينها لا شيء يمكن ان يسوؤك لاشيء يمكن أن يحدث ولا شيء يعني لك حتى اليوم التالي حين تقارب كتابك مرة أخرى. الانتظار حتى اليوم التالي هو من أصعب العقبات التي لا بد نحياها.
• أما الرائع (Don DeLillo- دون ديليلو ) استعرض في مجلة باريس سنه 1993 حول هذا الموضوع :
أبدأ يومي بالكتابة طول فترة الصباح على الاله الكاتبة ولمدة أربع ساعات ثم أمارس رياضة الركض، هذا للمساعدة بالتخلص من بقايا عالم الكتابة والولوج في عالمي الحقيقي. الأشجار والطيور ورذاذا الهواء يشكل نوع من فاصلة لطيفة تشجعني على العمل مرة أخرى في وقت لا حق من الظهيرة لمدة ساعتين او ثلاث. بالعودة الى وقت الكتاب فأنه يمضي بشفافية وكأنه نسمة رقيقة لا أتناول به اي وجبة خفيفة او قهوة ولا حتى سجائر لقد أقلعت عن التدخين منذ زمن طويل. الفضاء حولي نظيف والمنزل هادئ. وقال ( دين ديليلو- Don DeLillo) ان الكاتب يقوم بتدابير كثيرة لتأمين عزلته ومن ثم يبحث عن طرق أكثر لتبديدها. ينظر من النافذة يقرأ مقالات عشوائية في القاموس ولكسر التعويذة ( حسب الكاتب ) أنظرالى صورة ( بورخيس – Borges)، صورة كبيرة أهدانياها الكاتب الايرلندي ( Colm Tóín – كولم ) حيث يظهر وجه بورخيس على خلفية داكنة ليظهر بجلاء تلك النظرة الشرسة العمياء وفتحة منخاره وتقرنات جلدة المشدود وذلك الفم الذي يكتنز حياة بصورة مثيرة للدهشة وكأنه قد رسم. يبدو لي كأنه شامان رسم عن طريق الرؤى. كل ملامح ذلك الوجه تبدو كأنها تحظى بنشوة الفولاذ. لقد قرأت لبورخيس بكل تأكيد لكن ليس كل أعماله، كما إني لا اعلم عن الكيفية التي يجدولها للكتابة، ولكن تلك الصورة تظهره ككاتب لم يضيع وقته بالنظر إلى النافذة او أي مكان آخر. لذا حاولت جهدي ان اجعل منه رمزي المبدد للخمول والانحراف، دليلي الى عالم السحر والفن وقراءة القادم.
• أما( بنجامين فرانكلين - Benjamin Franklin) ، ذلك المهووس بالإنتاج، فقد كان له جدول يومي روتيني صارم لما يقوم به:
• (Haruki Murakami- هاروكي موراكامي ) يؤمن بالاتصال بين العقل والجسم لدى بعض المبدعين على مر التاريخ :
عندما أكون في مزاج جيد للرواية، انهض الساعة الرابعة صباحا، أعمل على مدى خمس لست ساعات. أما في فترة ما بعد الظهر فأركض حوالي عشر كيلومترات أو أسبح ل ( 1500 متر )،أو ممكن أقوم بكل من الأمرين معا، بعدها اقرأ قليلا أو استمع لبعض الموسيقى. أذهب الى الفراش في الساعة التاسعة مساءا. أظل على هذا الروتين كل يم دون تغيير، التكرار نفسه يصبح الشيء المهم،أنها شكل من أشكا ل الاستمرارية." أنا ابهر نفسي لأصل الى أعمق حال من الوعي ".
(William Gibson- وليام جيبسون ) يروي لمجلة باريس في عام 2011:
أستيقظ في السابعة صباحا وعندها ابدأ بالكتابة. أتفقد بريدي الكتروني وأقوم بجلة في الانترنت كما هي عادة هذه الأيام. أتناول كوب من القهوة. ولثلاثة أيام اقصد" بيلاتيس "وأرجع المنزل في العاشرة ا الحادية عشر. بعدها أجلس محاولا الكتابة أما اذا لم يحدث شيء على الإطلاق سأسمح لنفسي بتشذيب العشب. ولكن عموما، مجرد الجلوس والمحاولة الحقيقية ستمنحني البداية. أرتاح قليلا في فترة الغداء، لأعاود بعدها لكتاباتي. ثم قيلولة. والقيلولة شيء مهم وأساسي لعملية الكتابة، لا أحلام طبعا، لكن تلك الحالة من النوم حيث العقل ينشط للعمل والاستيقاظ.
]........[
وكلما تعمقت أكثر بالكتاب فأنه يصبح أكثر تطلبا.. في البداية، اعمل لخمس أيام أسبوعيا، بمعدل خمس إلى عشر ساعات عمل مع استراحة للغداء والقيلولة. أما حين تحل النهاية فالكتابة ستكون لسبع أيام أسبوعيا وبمعدل اثني عشر ساعة من العمل المتواصل.
في نهاية الكتاب، حالة الانتهاء تكون معقدة جدا مثل معادلة كيميائية ستزول وتنتهي تفاعلاته إذا لم أرفدها بما تحتاجه وهو ببساطة ان اكتب بشكل متواصل وبكل وقت. الفجر أفضل من مجرد النوم ببساطة يصبح مشكلة، ودائما ما أكون سعيد بعودة الفجر من جديد.
( Maya Angelou – مايا أنجيلو) شاركت يومها مع مجلة باريس في لقاء أجرته عام 1990:
أكتب صباحا ثم أعاود الى منزلي حوالي منتصف اليوم للاستحمام،لأن الكتابة كما تعلمون فعل شاق جدا، لذا عليك القيام بجهد مضاعف. بعدها اذهب إلى المتجر - لأني طباخه ماهرة جدا – أتظاهر اني طبيعية كالآخرين. العب دوما دور الإنسان العاقل لأردد هذه العبارات ( صباح الخير- جيد، شكرا وأنت ؟ ).أرجع الى منزلي أحضر لنفسي العشاء اما اذا صادف ان قصدني بعض الضيوف حينها أقد الشموع والموسيقى الجميلة ستملأ البيت، وبعد نقل جميع الأطباق، أراجع ما كنت قد كتبته في ذلك الصباح. وأغلب الأحيان اكون قد كتبت تسع صفحات ولكن بعد ألمراجعه والتمحيص سأكون قادرة على إنقاذ صفحتين ونصف او على الأكثر ثلاث، وهذا بالضبط أقسى وقت، حين تضطر ان تعترف ان هذا لم يعد يجدي وأن عليك ان تحبر ما كتبت. عندما انتهي من قراءة خمسين صفحة - خمسين صفحة مقبولة طبعا - فهذا ليس سيئا. لقد كان لي نفس المحرر ومنذ عام 1967، دائما ما يقول لي أو يسألني وعلى طول كل هذه السنوات ( لما ذا استخدم فاصلة منقوطة بدلا من الفراغ ؟ وكانت أجوبتي وعلى مدى الأعوام المنصرمة - أني لن أكلمك ثانية الى الأبد.- أو – شكرا جزيلا، وأغادر ، هذا فقط.!. بعدها اقرأ التصحيحات وأراجع قصتي لأفكر باقتراحاته. حينها أرسل له برقية تقول " حسنا لقد كنت محقا، وماذا في ذلك ؟ لا تذكر هذا لي مرة أخرى لأني حينها لن أكلمك ثانية. أتذكر وقبل عامين كنت أزوره وزوجته في هامبتونز.كنت اجلس للعشاء في نهاية طاوله محاطة بأربع عشر شخصا،، قلت لشخص قريب مني " لقد أرسلت وعلى مر السنين برقيات، فأجابني من الجهة المقابلة " ولقد احتفظت بكل واحدة من تلك البرقيات الغاشمة ! ولكن التحرير، ووجهة نظر المحرر بالكتابات هو الأكثر أهمية!
(Anaïs Nin – أنيس نين ) لاحظت ببساطة، في تعليقها بين قوسين في عام 1941، ذلك في المجلد الثالث من مذكراتها:
( أكتب قصصي صباحا، ومذكراتي خلال الليل )
كما أضافت في المجلد الخامس سنه 1948:
( أنا اكتب كل يوم.. أفضل أعمالي كانت في الصباح )
وأخيرا فأن روتين the Kurt Vonnegut – كورت فونيغوت كان ملهما للجميع حيث سجّل في رسالة الى زوجته عام 1965:
في مثل حياتي المبعثرة، النوم والجوع والعمل ينظمون أنفسهم بأنفسهم دون استشارتي. أحس بالسعادة ان مثل هذه الأفعال لا يشاوروني بتلك التفاصيل المملة !. لقد جدولوا أنفسهم كما يلي: الاستيقاظ في تمام الخامسة والنصف والعمل حتى الثامنة أتناول إفطاري بالمنزل ثم العمل للعاشرة صباحا، المشي لعدة أمتار الى المدينة بلا مهمات تذكر. انتقل الى المسبح المجاور وأتفرغ لنصف ساعة من السباحة ثم العودة إلى الديار. في الساعة الحادية عشره وخمس وأربعون دقيقة أقرأ بريدي الالكتروني، أتناول غدائي بالظهيرة، أقوم بأداء واجباتي المدرسية أما تعلم او إعداد. ارجع من المدرسة حالي الخامسة والنصف اقصد إحدى الحانات. أعد العشاء وأقرأ وأصغي الى موسيقى الجاز (الكثير من الموسيقى الجيدة تبث من الراديو هنا ).أنزلق إلى النوم في العاشرة. أقوم بالبوشوبس وأظل جالسا طوال الوقت، أحس كما لو إني امر بفترة عجاف، وممكن أكون مخطأ !. الليلة الفائتة الوقت وجسدي قررا أن يأخذاني الى احد دور السينما. شاهدت (مظلات شيربورج _ The Umbrellas of Cherbourg) كانت وتيرتها صعبة علي. لرجل بلا قرار او حس بمتوسط العمر مثلي، كان يأسى لها القلب... لا يهم، فأنا أحب ان يكون قلبي مكسور !