قراءة تقويمية تصويبية في مصطلح الأمهات العازبات
كثرت في الآونة الأخيرة المفاهيم المنحرفة، أو على الأصح المفاهيم المحرفة، وهي المفاهيم التي نراها تأتي في سياق الهجمة على الأمة العربية الإسلامية، هذه الهجمة التي وصفت من بعض الكتاب والمفكرين العرب بالحرب المصطلحية، ومن البعض الآخر بالحرب الفلسفية،كما وصفت بالحرب المفهومية من قبيل ثالث، وبالمعركة المصطلحية من قبيل رابع ( 1) - وعلى الوصف الأخير- فهي معركة حمي وطيسها واشتد وقعها في السنوات الأخيرة، والتي تدخل- فيما نعتقد- في صراع الحضارات، أو صدام الحضارات الذي نظر له السيد صموئيل هنتنغتون، أو تنبأ به، هذا الصراع الحضاري، أو الصدام الفكري-الذي يترأف البعض ويتلطف فيسميه التواصل الحضاري، أو الحوار الحضاري- اتخذ في السنوات الأخيرة أشكالا متعددة أهمها الشكل المصطلحي، فكانت الحضارة المهاجمة توظف ترسانة من المفاهيم المحرفة، أي التي حرفت بقصد من فلاسفتهم، أو مفكريهم، ومنظريهم لإيمانهم بفعالية تحريف المفاهيم في التأثير على المجتمعات العربية وتضليلها، وأثر ذلك على تحريف السلوك الفردي والجماعي، ولأنهم يدركون أنه إذا حرفت المفاهيم سهل تحريف السلوك، وإذا نجحوا في تحريف المفاهيم والسلوكات سهل عليهم تقويض هذه الأمة، وفي ذلك كل الخطر.
ونحن استشعارا منا بخطورة هذه المفاهيم المحرفة الهادفة، نهضنا لتحرير هذا المقال المتواضع، والذي نبدأه بالتأكيد على تفضيل مصطلح التحريف على مصطلح الانحراف،وإن كنا نجيزهما معا، إذ يدل لفظ الانحراف على الانزلاق عن الجادة-وهو أمر حادث فعلا إذ المنحرف هو المنزلق عن الجادة- غير أن المصدر انحراف نقرأ منه دلالة المطاوعة، وكأن المفهوم منه أننا طاوعناهم في طلبهم، أو في إرادتهم، أي من باب حرف فانحرف ،ومع إقرارنا بهذا الأمر، بوقوعه منهم ومنا، أي أرادونا منحرفين فقبلنا إرادتهم، قلت بالرغم من ذلك فإننا فضلنا لفظ التحريف، لأن التحريف من التفعيل، وهذا الوزن كما ينص الصرفيون والدلاليون يدل على المبالغة في الجهد، فنحن نعتقد أن هناك جهودا مبذولة من قبلهم في تحريفنا، أو في تحريف المفاهيم الموجهة إلينا، لأن السلوكات البشرية تابعة للمفاهيم، وأن هذه التحريفات للمفاهيم قد كثرت كثرة وفيرة في الآونة الأخيرة، بسبب الجهود المبذولة والحروب المعلنة على هذه الأمة، فهناك عشرات المصطلحات الموجهة عن طريق الأقمار الصناعية إلى جسد هذه الأمة تريد تدميرها، سواء عن طريق الفضائيات أو عن طريق الشبكة العنكبوتية، وهي مفاهيم لا نراها تقل خطرا عن الصواريخ الموجهة هي الأخرى عن طريق الأقمار الصناعية -فإذا كانت الصواريخ تزهق الأرواح، وتدمر البنى التحتية - المنشآت القاعدية كالجسور والأبنية والمساكن - كما يحدث في العراق الشقيق، وتشرد المواطنين وتجعلهم لاجئين، فإن المفاهيم الموجهة تضلل المجتمع وتفككه وتخربه بما تبثه من أفكار ومفاهيم مضللة تعمل على تفتيت البنى الاجتماعية، والعلاقات العائلية، والروابط الأسرية، ومن ثم فهما وسيلتان متعاونتان على تحقيق هدف واحد هو تدمير هذه الأمة، وإذا عرفنا أن مراكز إنتاج وتوجيه هذه المفاهيم والصواريخ واحدة ازدادت قناعتنا بما قلناه، فلماذا لا تكون الغاية إذا واحدة؟ هذا ما نعتقده نحن ومن ثم لا نرى فرقا بين القصف بالصواريخ والقصف بالمفاهيم، إن لم ندع أن القصف بالمفاهيم يكون أخطر من القصف بالصواريخ ، ولذلك اعتبر بعضهم(2) أن الشخص المنحرف مفهوميا يكون خطره أكثر جسامة على الأمة من الشخص المنحرف سلوكيا، لأن هذا الأخير يتطلب منا جهدا واحدا، وهو تصحيح سلوكه الخاطئ ،بينما الأول يتطلب منا جهدين:
جهد على مستوى تصحيح الفهم عنده، وجهد آخر على مستوى تصحيح السلوك، ومعلوم أن هذا النوع من الأشخاص المنحرفين مفهوميا يكون من الصعب إقناعهم بالتخلي عن تلك المفاهيم التي اقتنعوا بها، ولعل هذا هو سر تركيز الحضارة المهاجمة على المفاهيم، ثم أن المفاهيم عادة ما تكون موجهة لأشخاص على قدر من المكتسبات الثقافية ،وعلى قدر أيضا من المكانة الاجتماعية والوظيفية في مجتمعاتنا الأمر الذي يزيد من خطورة المسألة، وقد استشعر غير واحد من الباحثين خطورة تحريف المفاهيم وتبنيها دون مناقشة ، يقول الباحث إبراهيم العاتي في هذا الشأن( وبقدر ماكانت المفاهيم سببا في تطور العلم فإنها كانت في أحيان عديدة سببا في تضليل المجتمعات وتفككها وخراب الدول واندثارها) (3)ونتوقف نحن هنا عند مفهوم كثر ظهوره عندنا مؤخرا في وسائل الإعلام وصار متداولا رغم خطورته- فيما نزعم- وأعني به مصطلح( الأمهات العازبات) فماذا يعني هذا المصطلح؟ما مفهومه؟ وما مضمونه؟ وهل له مقبولية في تعابيرنا التواصلية؟ وهل له سند تأصيلي في تراثنا اللغوي العربي؟ تلك أسئلة وأخرى لم نطرحها نحاول الإجابة عنها قدر استطاعتنا في مقالتنا هذه.
مفهوم المصطلح:
ا-المصطلح من حيث الصيغة:
مصطلح (الأمهات العازبات) مركب من كلمتين اثنتين جميلتين محبوبتين من قبل البلاغيين، إذ تتوافر فيهما عناصر الفصاحة ،كما يشترطها علماء البلاغة والبيان الذين يهتمون بالجوانب الجمالية للفظ، فاللفظتان تتميزان بسمات جمالية رائعة،ثم أن الكلمتين متداولتان فالأم أكثر الألفاظ دورانا على الألسنة، إذ أول ما ينطق المولود ينطق بكلمة (آم وأب) على ما يقول علماء النفس والتربية، وعلى ما هو ملاحظ أيضا عند عامة الناس، وعامة الأسر، وكلمة( أم )أجمل كلمة يود الإنسان سماعها حتى وإن كان كبيرا، لما لها من فضل على كل واحد من المخلوقات الآدمية في الوجود هي ورفيقها لفظ( الأب) وازدادت كلمة الأم قدسية لتفضيلها على الأب بحكم التصاق المواليد بالأم بيولوجيا، إذ في رحمها تتكون الأجنة، تتغذى من دمها، ثم من لبنها، ولا ينفصل المولود عنها إلا بصعوبة، وحينما يكبر، ويتعرض للمنافسة من صغار آخرين، وقد ازدادت كلمة (الأم) قداسة عندنا أيضا بأن أطلق اللفظ على زوجات النبي- صلى الله عليه وسلم- فهن أمهات المؤمنين، وكأنهن أصولنا نحن المؤمنين ، وغير هذا من الأسباب التي جعلت من لفظ( الأم ) لفظا مقدسا يحظى بدرجة كبيرة في ثقافتنا من الاحترام والتبجيل أما كلمة( العازبات) فاكتسبت جمالها، وحب الناس لها من عوامل طبيعية، إذ العزوبة أو(العازبة) ترمز فيما ترمز إلى نضج الأنوثة عند الفتاة ،واستعدادها جسديا ونفسيا، وتهيئها للعلاقة الجنسية، أو المعاشرة الزوجية التي تمر حتما عبرها للفظ الأمومة، وكأن لفظ( العازبة) أو العزوبة يهيئ المرأة إلى الأمومة، ثم أن هذه اللفظة اكتسبت جمالها أيضا من ديننا الذي حث على التزوج بالأبكار.
قال عليه الصلاة والسلام لأحد صحابته( هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك؟) (4) ومن الحياء الذي توحي به هذه اللفظة أيضا يقول النبي –صلى الله عليه وسلم-( الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) (5) والمراد بالأيم هنا الثيب على ما يقول العلماء، فالبكر لم تصمت إلاحياء، ومن ثم قرئ صمتها رضا فهذا السكوت من (العازبة) دلالة على شدة حيائها، وهذا الإعراب من الثيب دلالة على أنها تجاوزت مرحلة الحياء الشديدة التي تكون تتصف بها أية امرأة قبل المعاشرة الزوجية، لأن الثيب كانت قد عرفت علاقة الرجل بالمرأة لمخالطتها إياه، وعليه فالمصطلح ومن حيث تركيبه مقبول خاصة وأن العربية ميالة إلى استخدام المصطلحات المركبة أكثر من استخدام المصطلحات المفردة ،فالمصطلح مركب وصفي يتكون من موصوف وصفة، والصفة فيه أتبعت الموصوف في الإعراب والجمع المؤنث، هل هذه المقبولية الشكلية موجودة في المستوى الدلالي؟ إن المقبولية الشكلية التي كشف عنها تركيب المصطلح المذكور قد لا تكون كافية لجعل منه مصطلحا مقبولا صيغيا ومضمونيا،(دلاليا) لأن المصطلحيين ينصون على أن تحديد المفاهيم قبل تحديد الصيغ، بمعنى أننا في العمل المصطلحي نحدد المفهوم أولا، ثم الصيغة التي تنقله ثانيا، فالصيغة تابعة للمفهوم، فهل الصيغة المصطلحية السابقة صالحة لحمل مضمون، أو مفهوم صالح ؟وأقصد بالصلاح هنا مفهوما لا يتصادم مع عقيدتنا، وحضارتنا هذا ما يكشف عنه العنوان الموالي، غير أننا وقبل المرور إلى العنوان الموالي الذي نحاول من خلاله الكشف عن مضمون المصطلح نود أن نطيل وقفتنا الصيغية هنا، إذ وكما يقول الدكتورمحمد عبد اللطيف حماسة (6)نحن هنا أمام قضيتين مهمتين تحيلاننا إليهما الصيغة المصطلحية ، وهما مهمتان في إكساب الصيغة المصطلحية معناها، وأولاهما التكيف النحوي، وثانيتهما درجة القبول ،ومدى موافقتهما للحقيقة الوصفية، أو الابتعاد عنها:أما التكيف النحوي فهو التعليق الذي ينص النحاة على دوره في عملية التركيب، فقد توفر هنا ونعني به هنا التركيب الوصفي الذي انعقد بين الكلمتين المشكلتين للمصطلح، وأما القضية الثانية فهي التي نراها تقف عقبة في وجه المصطلح،و تحد من صلاحيته ليكون وعاء ناقلا لمفهوم محترم، وهذه القضية لها ارتباط وثيق بالقضية الأولى، إذ المعنى كان حجر الزاوية عند النحاة منذ بداية عملية التقعيد وإلى اليوم، وعلى ذلك ، وكما يقول الدكتور عبد اللطيف حماسة( ليس الوصف النحوي جامدا أصم خاليا من الدلالة إذ أن الوصف النحوي وصف للعلاقات التي ترتبط عناصر الجملة الواحدة بعضها بالبعض الآخر) (7) ويرى عبد اللطيف حماسة أن هذه العلاقة مستمدة من أمرين أحدهما لغوي، ويقصد به وضع الكلمات بطريقة معينة، وثانيهما عقلي متعلق بالمفهوم المترتب عن الوضع السابق من حيث ارتباط كل هيئة تركيبية بدلالة وضعية معينة) (8) والمتأمل في التركيب المصطلحي السابق يجده قد رتب ترتيبا نحويا سليما، بحيث لا يخرج عن المستويات التركيبية الخمسة التي تحدث عنها سيبويه في كتابه، لكنه انتهك التصنيف المعجمي في المستوى المنطقي، إذ منطقيا لا يصح وصف الأم بالعازبة فهذا تناقض إلا إذا جعلنا من هذه الأم مريم العذراء عليها السلام التي أنجبت سيدنا عيسى عليه السلام من دون أب، وعرفنا أن القرآن الكريم ذكر أنها تعرضت للقذف في شرفها، إذ اتهمت بالزنا لعدم تصديق قومها عقلا أن تنجب المرأة من دون زواج، فتصير أما وهي عازبة ، وقد سجل القرآن تشنيعهم فقال على لسانهم (قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا) (9)قال المفسرون (معناه ماكان أبوك ولا أمك أهلا لهذه الفعلة فكيف جئت أنت بها والبغي التي تبغي الزنا أي تطلبه)(10) ولعل خوفها من الفضيحة وخوفها من افتتان قومها لها هو الذي جعلها تقول بعد أن حملت من الملك وبعد أن اتخذت مكانا قصيا بعيدا عن الناس (ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) (11) قال المفسرون(فلما أحست بذلك وخافت تعنيف الناس وأن يظن بها الشر تنحت مكانا بعيدا حياء وفرارا على وجهها) (12) وهذا أمر طبيعي من كل امرأة تتصف بالحياء والعفاف فما بالنا إذا كانت هذه المرأة السيدة مريم عليها السلام، ولعل هذا الحياء أيضاهو الذي يدفع اليوم المرأة التي تقع في الخطيئة إلى محاولة ستر هذا العار بالتخلص من المولود بشتى الطرق حتى ولو كان بالقتل ،فتقع هذه المرأة في خطيئتين كبيرتين خطيئة الزنى وخطيئة القتل، ومن ثم فنحن نعجب كيف ينكر هؤلاء القوم على مريم العذراء عذريتها ،أي براءتها وهي المبرأة من السماء بنص القرآن، ويتبنون اليوم هذه العذرية للمرأة الجانية المنحرفة بقولهم( الأمهات العازبات)، وإذا عرفنا أن( المفاهيم نشأت كتعبير علمي راق) (13) عن المستجدات الفكرية التي جادت بها الحضارة الحديثة، كما توصف، فإن هذا المصطلح لا نراه يعبر عن حقيقة علمية أو اجتماعية راقية،لتناقضه، وزيفه وخبثه، وإذا عرفنا أيضا أن المفهوم عندهم، أقصد علماء الاصطلاح (هو مجموع الخصائص الكلية المشتركة المعبرة عن حقيقة الشيء والتي تتجاوز صفاته الظاهرة والثانوية المتغيرة إلى صفاته الجوهرية والثانوية التي يشترك فيها جميع أفراد النوع ) (14) قلت إذا عرفنا ذلك تبين لنا فساد هذا المصطلح، إذ خصائص لفظ( العازبة) تتناقض كليا مع خصائص لفظ( الأم) فالمصطلح هنا لا يجب أن ننظر إليه على أنه مكون من مدخلين معجميين كلاهما له معنى خاص به، بل يجب أن ننظر إليه على أنه مدخل معجمي واحد، أو وحدة مصطلحية ذات مدلول، أو مفهوم ،أو تصور خاص، وفي هذه الحالة يجب أن تصاغ هذه الوحدة المصطلحية على ضوء القواعد التي تمكن من نقل الكلمة إلى وضع المصطلح، وهي عندهم ولا شك قواعد دلالية..(15) وقد بينا أن القواعد الدلالية هذه لا تسمح بتكوين هذا المصطلح، غير أن معايشتنا لتصنيف الكلام عند سيبويه قد تجعلنا نقر بصحة التركيب المصطلحي نحويا(شكلا) وحتى(دلاليا)، على أساس أن الكلام المستقيم عنده ثلاثة أنواع كما نفهمه وهي مستقيم حسن، ومستقيم كذب ومستقيم قبيح، فكل جملة صحيحة نحويا تعد جملة مستقيمة، ولكن الحكم على هذه الاستقامة بالحسن، أو الكذب، أو القبح يتعلق بالدلالة وإذا كان الدكتور عبد اللطيف حماسة (16)قد توصل في شرحه وتحليله لمستويات تصنيف الكلام عند سيبويه بأنه ولكي يكون المستقيم الكذب صحيحا لابد أن تبقى كلمة الجبل التي تمثل بها سيبويه على حالها، أي دلالتها الحقيقية لا المجازية، فإن ذاك هو ما نرتكز عليه نحن هنا على أساس الدلالة الحقيقية للفظ (العازبة) فالعازبة هي التي لا زوج لها، أو التي لم يكن لها اتصال جنسي، فإذا بقيت الكلمة هذه على حالها-حقيقتها الدلالية- حكمنا على التركيب المصطلحي بأنه ينتمي إلى المستقيم الكذب، وما لا يمكن إنكاره أيضا هنا هو أمومة هذه المرأة، إذ إنكار أمومة المرأة إنكار لنص قرآني يقول المولى تبارك وتعالى معبرا عن هذه الحقيقة ( ماهن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) (17) وفعلا هن اللواتي ولدن هؤلاء الأطفال ،ولو لم تكن الولادة ناتجة عن علاقة شرعية، فكيفما كانت نوع الولادة ،فالوالدة تبقى أما للمولود غير الشرعي، وعلى ذلك يتأكد عندنا أن المصطلح الذي نراه بديلا هو مصطلح( الأمهات المنحرفات) أو (الأمهات الغاربات ) أو( الأمهات الزانيات) ولا يجوز استعمال مصطلح( الأمهات العازبات) إلا إذا حصرنا دلالة العازبة في الإغراب والإخفاء، أي وكأنها أغربت وأخفت حقيقتها، أي أمومتها، أو وكأنها أتت بأمر غريب غير مألوف وهو الأمر الذي نتحدث عنه في العنوان الموالي. لكن مادام معاجمنا العربية شرحت اللفظ وبينت أن العازبة هي التي لازوج لها فإنه تترجح عندنا المصطلحات التي نقترحها
ب- مضمون المصطلح:
إن مصطلح (الأمهات العازبات) مصطلح مركب من ملفوظين اثنين، أما الملفوظ الأول فهو ( الأمهات) وهي جمع أم و(الأم) في اللغة هي الأصل قال ابن منظور في اللسان( أم الكتاب فاتحته وأصله..وقيل كل آية محكمة من آيات الشرائع والأحكام والفرائض ..وأم الكتاب أصل الكتاب..وقيل القرآن كله من أوله إلى آخره ) (18)وقال الزمخشري في الأساس( اتخذ أما أي أصلا والجمع أمات وأمهات وقيل جمع أمات يكون للبهائم وجمع أمهات يكون للإنسان)(19) وكيفما كان الأمر فإن كلمة (أم) تعني الأصل فأم القرى التي هي مكة المكرمة،أصل القرى فهل يعني هذا أن مصطلح( الأمهات العازبات) لأنهن أصل لهؤلاء الأبناء المولودين خارج الإطار الشرعي؟ أي الزواج ،على اعتبار أن الأصل في نشأة الولد أو الجنين يكون رحم الأم، فمن هنا اعتبرت الأم أصلا، ولم يذكر الأب أي لم يعتبر أصلا إما لكونه مجهولا في هذه الحالة وإما لكونه جهل، وهل هذا الاعتبار النشوئي لنشأة المولود كافيا لاعتبار تلك المرأة أما، أي أصلا للمولود غير الشرعي، أم أن ذلك غير كاف لتسمية هذه المرأة أما ؟ وهذا الجمع أمهات، إن هناك في موروثنا الشعبي قولا مفاده أن( الأم) ثابتة والأب محذوف، فهل يشير مضمون هذا الموروث القولي الشعبي إلى أصالة( الأم) في النسب؟ باعتبارها أصلا في التكوين، أي باعتبارها المصنع الذي يصنع فيه الجنين وهو الرحم، وهل هذا هو السبب الذي جعل التربية البدائية تنسب الأبناء إلى أمهاتهم ؟ من هو أحق بالنسب الأب أم الأم؟ وهل يمكن أن يفهم من هذا المصطلح أننا مقبلون على نسبة الأبناء إلى أمهاتهم كما هو جار في الحضارات الأخرى؟ وهل المصطلح يهئ المرأة عندنا مستقبلا لكي تطالب بحقها في الإنجاب خارج الأطر الأسرية، وما يترتب عنه من حقوق أقلها اعتراف المجتمع بحق تلك المرأة وبأمومتها، وما يتبع ذلك من رعاية لهذه الأم ، ومولودها؟
نترك الجواب عن هذه الاسئلة لحينها لننتقل إلى الشق الثاني من المصطلح، وهو لفظ (العازبات) ما مفهومه؟لقد أوردت كتب اللغة معنيين اثنين لمادة (العزب) هما عدم التزوج، والإبعاد والتخفي قال الرازي في مختاره(العزاب بالضم والتشديد الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء ومنه العزوبة ) (20) والمعنى نفسه ينص عليه ابن منظور في اللسان إذ يقول (العزاب الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء وتعزب الرجل ترك النكاح وكذلك المرأة) (21) ثم قال :و(المعزابة الذي طالت عزوبته حتى ماله في الأهل حاجة)(22) فقد أشار ابن منظور إلى ما يفهم من اللفظ على أنه من المتضادات فقال (..وعازبة الرجل ومعزبته ومحصنته وحاضنته ..وقابلته ولحافه :امرأته) (23)وهي كلمات كلها نفهم منها التزوج ،أما المعنى الثاني الذي تدل عليه اللفظة فهو من الإبعاد والإغراب والإخفاء قال الرازي في مختاره (عزب بعد وغاب ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم(من قرأ القرآن في أربعين ليلة فقد عزب)(24) قال الرازي (عزب بالتشديد أي بعد عهده بما ابتدأه منه) (25) وخرج عليه المفسرون قوله تعالى( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين )(26) وقوله أيضا(عالم الغيب لايعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض) (27) ومعناه لا يغيب عن علمه شيء فهل( العازبات) هنا في هذا التركيب بمعنى عدم ظهورهن، أم بمعنى إبعادهن عن الجادة والطبيعة ؟ أي عازبات عن الأطر الشرعية للحصول على الأمومة، وغيابهن عنها ؟ هل يمكن حمل اللفظ هنا على هذه الدلالات فيكن هؤلاء الأمهات قد بعدن عن الجادة في أمومتهن وأغربن،وغبن عن الطريق الواضح للأمومة؟ إننا نعتقد أن المعنيين كليهما موجود ولائق في هذا المصطلح، فسواء كان اللفظ بمعنى فقدان الأهل، أي الأزواج أم بمعنى الإبعاد والإغراب، فكلاهما يدل على عدم التزوج وعدم الأهلية، وعلى هذا فالمصطلح المركب بصيغته هذه نراه ركب من كلمتين متناقضتين دلاليا، إذ في الوقت الذي تشير فيه كلمة (الأم) إلى الأصل تحيلنا كلمة ( العازبات) إلى مفارقة دلالية لها وهي فقدان الزوج، أو الأهل ، ومن ثم فالمصطلح بتركيبته هذه وبصيغته جمع بين معنيين متضادين متناقضين ،جمع بين ما لا يجمع فكيف تكون المرأة أما أي أصلا بيولوجيا، وعازبة في الآن ذاته؟ إن لفظ العزوبية يوحي فيما يوحي إلى عدم التقاء الرجل بالمرأة ، أو بتعبير الأطباء عدم الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة، وعدم فض غشاء البكارة ،هذا الغشاء الذي يدل على عزوبية المرأة –حتى وإن كانت هناك عوامل أخرى قد تفتقه غير الاتصال الجنسي-فإنه يبقى دليل عزوبية كل فتاة، وتطلب اليوم إدارات الحالة المدنية في البلديات عندنا أثناء عملية عقود الزواج، وكذا المؤسسة العسكرية أثناء عملية التوظيف شهادة العزوبية للجنسين، وهي وثيقة إدارية طبية تثبت عدم أهلية الرجل، والمرأة ، أي عدم تزوجهما وبالنسبة للمرأة عدم فض غشاء بكارتها، فإذا مفهوم العزوبة يتناقض دلاليا مع مفهوم الأمومة، فكيف نسوغ لأنفسنا استعمال المصطلح ؟ألم يكن مفهومه محرفا؟
مخاطره:
تبين لنا مما سبق أن المصطلح بصيغته المركبة ، وبمفهومه الذي يحيل إليه يتضمن تناقضات دلالية، ومفهومية ،ومن ثم وسمناه بأنه من المفاهيم المحرفة، أو المنحرفة وبينا أن المفاهيم المحرفة هي مفاهيم موجهة، فهي من هذا المنظور أسلحة فتاكة لا تقل فتكا عن الصواريخ الموجهة، ومن ثم فهذا المصطلح يتضمن مخاطر عديدة أهمها في نظرنا ما يلي:
أولا: تقويض مفهوم الأسرة إن القوانين السليمة الفطرة، ومعها الأديان السماوية غير المحرفة، وعلى رأسها الإسلام اعتنت اعتناء كبيرا بالأسرة ، ورأت فيها المكان الطبيعي للنشأة والمحافظة على النسل البشري من الانقراض، فالأسرة هي النواة الأساسية، والطبيعية للمحافظة على النسل البشري من الانقراض، وعلى النسب من الاختلاط، ولولاها لا اختلطت الأنساب، ولتزوج الرجل من أخته، أو من خالته، أو من عمته ، قال ابن قيم الجوزية رحمه الله عن جريمة الزنى (ولما كانت مفسدة الزنى من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي ما يوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس من إفساد كل منهم امرأة صاحبه وابنته وأخته وأمه وفي ذلك خراب العالم )(28) ولذلك حرص القرآن الكريم حرصا شديدا على هذا الكيان الأسري فقال جل شأنه ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وان تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين )(29) ثم بينت السنة ، وفصلت فقالت( يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة ) (30) ونسب الإسلام الأبناء إلى آبائهم وليس إلى أمهاتهم قال تعالى (ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم) (31) هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإسلام كان حريصا أيضا على تلبية الإنسان شهوته الجنسية في إطار الأسرة، واعتبر ذلك عملا طيبا يؤجر عليه المسلم رجلا كان أو امرأة ، وزاد الإسلام الأمر اهتماما حين وعد الآباء والأمهات بالثواب العظيم جزاء أتعابهم ، ومشقاتهم في تربية الأبناء ، ومن ثم فإن إباحة التقاء الرجل بالمرأة خارج إطار الأسرة، أي الزواج الشرعي تقويض لهذه الأسرة إذ المصطلح بصيغته المتناقضة، وبمفهومه الذي يحيل إليه يمكن للمرأة أن تكون أما، وهي غير متزوجة أي لا زوج لها، فهذا تمكين للفحش، ونشر له، وإشاعته بين النساء والرجال، وتقويض لمكونات الأسرة ونظامها الذي هو الزواج الشرعي.
ثانيا: تحريف مفهوم الأمومة ومفهوم العزوبة عندنا،إن مقبولية المصطلح بإشاعته وتوظيفه بشكل كبير عبر وسائل الإعلام يتيح تدريجيا تغير مفهوم الأمومة ومفهوم العزوبة عندنا حيث تتعود الألسنة، والأقلام على هذا المصطلح بمرور الزمن وتتعود معها الأذهان على قبول ما يحيل إليه من مفاهيم محرفة، فتصير هذه المفاهيم مأنوسة ولا تشعر بالغربة، فيوفر لها الاستعمال طيب المقام ، بل والاحترام بل والتعود على تطبيق تلك المفاهيم، أو على الأصح ما ينتج عن تلك المفاهيم المحرفة وهذا الأمر نراه يدخل في الحرب المفهومية التي بدأت كما بينا في المقدمة تشن على حضارتنا، والتي أخذت طابعا مصطلحيا مفهوميا إلى جانب الأشكال الهجومية الأخرى،إذ عرض المفاهيم الخاطئة، أو المحرفة ينتج عنه السلوك الخاطئ ،أو السلوك المنحرف، لهذا فنحن نتخوف إن نحن قبلنا بهذا المصطلح، وبما يتضمنه من مفاهيم مغلوطة أن يكثر عندنا(الأمهات العازبات) إذ الاستعمال يزيح عنه الغربة ويزيح عنه الإحراج، والحياء الذي كان يرافق الناس حين يتكلمون عن الأبناء غير الشرعيين، أو أبناء الزنا، كما هو التعبير القرآني ، فهل تهدف هذه المصطلحات إلا محاربة الحياء الذي هو جزء من الإيمان، كما جاء في الأثر، بل هو قرين الإيمان قال النبي –صلى الله عليه وسلم-( لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء ) (32) وقال في حديث آخر (دعه فإن الحياء من الإيمان) (33)وفي الصحيحين( الحياء شعبة من شعب الإيمان)،(34) وقال في حديث آخر(الحياء خير كله) (35) والحياء عند العلماء هو( انقباض النفس عن القبح وهو من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهى فلا يكون كالبهيمة وهو مركب من خير وعفة) (36)ومن ثم نحن لا نستبعد أن يكون الهدف الأساسي لهم هو محاربة هذه القيم والفضائل التي تحكم علاقاتنا الاجتماعية ،والتي بفضلها نحن أمة متماسكة وزيادة على ذلك وكما يقول أنور الجندي (37) فإنه يهدف إلى تفريغ الألفاظ من معانيها والذي يعتبر –في نظره- من أكبر الأخطاء التي تواجهها الأمة باستخدام لغة ملتوية أو منافقة إذ ما ذا يبقى لمفهوم الأمومة ومفهوم العزوبة بعد توظيف هذا المصطلح؟ ثم مالنا نستعمل مصطلحا يصور وضعا تتواجد عليه المرأة الغربية،ونقل المصطلح من بيئته إلى بيئة أخرى يعتبر خطأ-في نظر المصطلحيين- إذ يبعده عن نشأته التاريخية والنشأة التاريخية للمصطلح في العلوم الاجتماعية تعني التجربة المرتبطة بالزمان والمكان التي مر بها المجتمع،(38) لذلك نحن نرفضه لأنه منقول إلينا من بيئة أخرى، وإذا تحجج أحد علينا بالقول إن المصطلح يصور وضعا تتواجد عليه المرأة عندنا أيضا، وان المفهوم واقع في المجتمع، ونحن لا ننكر وقوعه إذ ظاهرة الزنا موجودة في المجتمع البشري ، ومنه المجتمع الإسلامي، ولذلك قنن لها الإسلام عقوبة فإن ردنا على هذا المتحجج يكون بالقول أن هذا الوضع الذي تتواجد عليه بعض النساء عندنا شاذ لا أصل –ورغم استفحاله كظاهرة مرضية – فإنه يعتبر قليل الحدوث، والدليل على هذا هو النظرة السلبية من المجتمع لهذه الظاهرة ،فالأم العازبة عندنا موسومة بالعار والرذيلة ،بل والتجريم ،وهذه في الحقيقة هي النظرة القرآنية لهذه الأم وشريكها في الفعل الرجل،لذلك نحن نرى البديل المعبر عن حقيقة الجرم المرتكب هو المصطلح المقترح من قبلنا وقد سماهن الله زانيات وخبيثات وسمى شركاءهن في الفعل زناة قال تعالى(الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)(39) فلماذا نحرف الألفاظ عن مواضعها وقد حذرنا المولى تبارك وتعالى من هذا التحريف؟ فقال ( يحرفون الكلم عن مواضعه) (40)
ثالثا: إشاعة الفاحشة: وهذا تحذير قراني قال تعالى ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة)(41) فلمعرفة القران بنفوس هؤلاء وماذا يريدون للمؤمنين حذرنا من النزول عند إرادتهم ، ومن ثم لا نستبعد أن يكون المصطلح مشيعا للفاحشة، إذ بعد إزاحة الحياء ونقص الإيمان، يصير الإنسان ممارسا للفاحشة، ومشيعا لها وقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-( إذا لم تستح فاصنع ما شئت)(42) إن المصطلح بهذه الصيغة نراه يعمل على إشاعة الفاحشة بتهيئة الأرضية لها، إذ بعد زوال غرابة المصطلح يصير مألوفا صيغة ويصير مألوفا مفهوما تدفعه هذه الألفة إلى الشيوع والذيوع وسط المجتمع وقد شاطرني في هذا الرأي الكاتب مسعود فوزي من تونس الشقيقة فقال عن هذا المصطلح (مصطلح أم عازبة مصطلح أطلقه العلمانيون ومن يريدون إشاعة الفاحشة في المجتمع عن طريق التخفيف من وقع استعمال الألفاظ المناسبة كزانية وعاهرة أو داعرة..) (43) وهي التعابير القرآنية إذ يقول المولى تبارك وتعالى(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )(44) قال الزمخشري(الواجب على المؤمنين أن يتصلبوا في دين الله ويستعملوا الجد والمتانة فيه ولا يأخذهم اللين والهوادة في استيفاء حدوده)(45) كما علق على الآيتين بقول جميل نرى انه من الأحسن أن نذكره هنا حيث قال( فان قلت كيف قدمت الزانية على الزاني أولا ثم قدم عليها ثانيا قلت سيقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمنه لم يطمع ولم يتمكن فلما كانت أصلا وأولا في ذلك بدأ بذكرها وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه لأنه هو الراغب والخاطب ومنه يبدأ الطلب )(46)
رابعا: إضعاف فضيلة الحياء:ومن الأضرار التي تلحق بالأمة أيضا وبالمجتمع زوال الحياء، أو انحساره، إذ كلمة العزوبة عندنا لها مدلول اجتماعي محاطا بالحياء، حيث حينما تقرع اللفظة أسماعنا تكون معمورة بالحياء ،لأنها لها إحالة على العلاقة الجنسية،وما توحي إليه أيضا من عدم المباشرة الجنسية لهذه (العازبة) وجمع الكلمتين المتناقضتين دلاليا في تركيب واحد للدلالة على مفهوم واحد هو خدش لحياء الأفراد والمجتمع وإضرار به.ولذلك اعتبر المصطلح دخيلا على قاموسنا اللغوي وعرفنا الاجتماعي ووصف من بعض الناس بالمصطلح غير المعقول فلقد اتصل بي احد الأصدقاء ممن تربطني بهم علاقة طويلة الأمد مستفسرا عن مضمون المصطلح الذي استغربه حينما سمعه وقراه في اليوميات الوطنية ومما جاء على لسانه يا أستاذ قرأت البارحة في صحيفة الشروق ( أم عازبة) تستولي عل غرفة في بيت المسنين وقال سمعت أيضا( الأمهات العازبات ) فما المقصود بهذا؟ ولما شرحت له مدلول المصطلح ومقصوده صرخ قائلا غير معقول كيف تكون المرأة أما وهي عازبة؟ ألا يستحون من ذكر هذا القول والتلفظ به؟ فنلاحظ كيف نظر هذا المواطن للفظ الغريب وكيف وصفه ووصف مستعمليه فهل بعد هذا شك في أن الغاية من وضع هذه المصطلحات هي ضرب الأمة في أخلاقها؟
خامسا: إضعاف الأمة خلقيا: نعم نعتقد أن التركيز على هذه المفاهيم المحرفة ينصب في إطار ضرب الأمة في أخلاقها، فحينما تتعود الألسنة والأقلام ومعها الأفهام أو الأذهان على سماع هذا التركيب الغريب ذي المفهوم الغريب تزول غرابته تدريجيا ويزول معه الحياء تدريجيا أيضا، فيصير هذا التركيب مأنوسا متداولا، ويصير مضمونه أيضا مأنوسا متداولا، وهذا ضرب للأمة في أهم عامل من عوامل بقائها وهو الحياء الذي يعتبر أهم مقوم من مقوماتنا الأخلاقية التي يتوقف عليها بناء المجتمع قال الشاعر(47)
إنما الأمم الأخلاق ما بقيتفإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
سادسا: التمرد على الشريعة الإسلامية وعلى القوانين المنظمة لحيتنا الاجتماعية:إن مصطلح( الأمهات العازبات) ليس له جذور لغوية وليس له سند شرعي، ولا سند اجتماعي فمن حيث اللغة انه يجمع بين المتناقضين المتضادين، ومن حيث الشريعة فإن هذا المصطلح لا وجود له إطلاقا في الترسانة المصطلحية القانونية المنظمة للأسرة في حضارتنا الإسلامية، وفي حدود علمي ليس هناك بلد إسلامي واحد صاغ هذا المصطلح في منظومته القانونية، ومن ثم فنحن نرى أن هذا المصطلح يحمل في طياته تمردا على النظم القانونية الأسرية، إذ هو مفهوم غريب على مفاهيم الأسرة ومن ثم فهو يشكل سابقة في انحراف المنظومة القانونية الأسرية، أو في تغريب المنظومة القانونية للأسرة الجزائرية والمغاربية لأن المصطلح شائع إعلاميا على المستوى المغاربي،بل وحتى العربي، أو هو يدخل في إطار محاولة التأسيس لهذه العملية التغريبية
سابعا: التمرد على الحضارة العربية الإسلامية: إن المصطلح نراه أيضا يحيل إلى مفهوم يتصادم مع المفاهيم الحضارية لأمتنا ،إذ مفهوم العزوبة في حضارتنا يختلف تماما عن مفهوم العزوبة في الحضارة الغربية التي نعتقد أن المصطلح نقل منها عن طريق التعريب ،أو الترجمة وقد أشار غير واحد من الكتاب العرب الذين كانت لهم كتابات صحفية أو تعليقات إلى غربة هذا المصطلح (48) إن مفهوم العزوبة في الحضارة الغربية يعني عدم اقتران المرأة بالرجل عن طريق عقد زواج مدني كنسي، ولا يهم إن كانت هذه المرأة مرتبطة جنسيا بعدد من الرجال، فمفهوم العزوبة عندهم يأخذ صبغة قانونية فقط ، ولم يراع الشق الآخر المتعلق بالعلاقة الجنسية، وما يترتب عنها أما مفهوم العزوبة عندنا في حضارتنا فله ارتباط قانوني شرعي ، وله ارتباط جنسي فالمرأة العازبة عندنا في حضارتنا هي التي لم تتزوج، أي لم ترتبط بعقد قران مدني أو شرعي، أو عرفي وأيضا هي التي لم تفقد عذريتها أي غشاء بكارتها فإن هي ارتبطت بعقد قران، أو فقدت عذريتها ، أي غشاء بكارتها فقدت عزوبتها، وسميت إذ ذاك ثيبا لا عازبة، بل نجد المفهوم الاجتماعي هنا يهتم كثيرا بالناحية البيولوجية للمرأة فلو أن امرأة اقترنت برجل، ولم يتم الدخول بها بتعبير الفقهاء لبقيت عازبة على أساس أنها لم تفقد بكارتها فلم تفقد عزوبتها، وقد تفهمت الحالة المدنية عندنا هذا الأمر في السنوات الأخيرة، فصارت تطلب في عقود القران شهادة العذرية أو شهادة سلامة غشاء البكارة من عند الأطباء المحلفين، فصارت هذه الشهادة وثيقة من الوثائق المشكلة لملف عقود الزواج ،ومن ثم فنحن نعتبر هذا المصطلح ، أو هذا المفهوم الجديد على قاموسنا اللغوي، أو المصطلحي نعتبره يدخل في إطار الصراع الحضاري المحتدم منذ فترة بين الحضارتين المختلفتين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية يجب الحذر منه، ونحن لا نرى قبول مثل هذه المفاهيم واستعمالها كما هي صيغيا ومضمونيا يدخل في ما يسميه بعضهم ويدعو إليه تسامحا ، إذ صار الكثير من المفكرين العرب يدعو إلى ثقافة التسامح والقدرة على احتمال الآراء والمفاهيم الأخرى على اختلاف ألوانها ومنطلقاتها وتوابعها-يقول أحدهم في هذا الشأن إن التسامح أمر مطلوب ومحبوب كما أن الصراع الفكري أو المفهومي أمر مستحب ومطلوب لأنه يولد حركة التاريخ ويشكل مسيرته على حد تعبير ه (49) لكن الصراع المفاهيمي لا يعني قبول المفاهيم التي ينتجها الآخر دون مناقشتها، إذ القبول بها لا يعني وجود صراع على مستوى هذه المفاهيم، بل يدل هذا على وجود تسليم بهذه المصطلحات صيغة ومفهوما، ويعني أيضا استمرار الوضع على حاله ، وهذا ينتج عنه أننا نصير أمة مستهلكة للمفاهيم كما هي أمة مستهلكة للمنتجات التكنولوجية الأخرى ،هم ينتجون المفاهيم ونحن نستهلكها ، بل لا نرى أننا نتوقف عند هذا الحد، بل سنصير همنا الوحيد هو الترويج لتلك المفاهيم لدى مجتمعاتنا وإقناعها بقبولها ، وتصويرها على أنها سلعة تتسم بالجودة ، فنصير نؤدي دور الوكيل المعتمد لترويج هذه المفاهيم وإذ ذاك يصير في نظرنا أنه لا فرق بين الوكلاء المعتمدين لترويج السلع والمنتجات التقنية المختلفة، وبين الوكلاء المعتمدين لترويج الأفكار، أو المفاهيم فكلا الوكيلين يتفنن في عرض السلعة ويبرز عناصر الجودة فيها وما تتمتع به من مواصفات عالية تخدمنا في مجال الحياة، فهذا ليس تسامحا بل استسلاما وتواكلا،إن لم نقل تخليا عن أدوارنا في الحياة وأكثر منها استقالة من مهماتنا في هذه الحياة وتدميرا لذواتنا، ومقوماتنا وهويتنا والمصطلحات كما يقول أنور الجندي( تمثل المفاتيح والمرتكزات الحضارية التي تبلور للأمة قواعد فهم منهج حياتها وسماتها ومقومات شخصيتها ومعالم رسالتها وتربط حاضرها بماضيها ومستقبلها وتعطيها المناعة والعلو بالحق) (50) ثم أن المصطلحات من الضروري أن تبرز الهوية الإسلامية وريادتها فهل فعلا هذا المصطلح يحقق ذلك؟ إن المصطلحات هي المجال الذي تتمايز به الحضارات وتنفرد خصوصية حضارتنا في المعاني والمضامين والمفاهيم (51) هل هذا المفهوم يميزنا عن غيرنا ؟ ثم إن المصطلحات وكما هو مقرر عند أهل الاصطلاح عبارة عن أوعية تحمل مضامين اتفق عليها منتجوها أي واضعوها ونحن حين نعبر عن رفضنا لهذه الصيغة المصطلحية ذات المضامين المشار إليها سابقا نكون قد أبطلنا أحد الشروط التي ينص عليها المصطلحيون في تكوين المصطلح، إذ المصطلح هو ما اتفق عليه أهل الاختصاص فهل المقبولية التي حظي بها هذا المصطلح على المستوى الإعلامي كافية لأن تجعل منه مصطلحا مقبولا عند أهل الاختصاص؟ لا نعتقد ذلك ،فنحن لم نفرأ لأي مختص من الاختصاصات التي تلامس المصطلح أنه أقره ، ومع ذلك نحن كنا نود أن يجابه هذا المصطلح بالرفض من أهل الاختصاص، لكننا وبكل أسف لم نقرأ كتابات مختصة رافضة له غير بعض المقالات الصحفية والتعليقات عليها(52) بالرغم من مرور عليه مدة غير قصيرة وإذا كتب عنه ولم تصلنا تلك الكتابات نلتمس من القارئ عذرنا ونطلب منه تزويدنا بها أو توجيهنا إلى مظانها، وكيفما كان الحال سواء كانت سبقتنا كتابات نقدية للمصطلح أم لم تسبقنا فنحن نرفضه للأسباب المذكورة سابقا، وندعو إلى رفضه، ونلح في الدعوة على ذوي الاختصاص في العلوم الإسلامية، والقانونية، والاجتماعية واللغوية إلى المساهمة في الكتابة عنه لتبيين ما خفي عنا من أضرار قد تلحق بنا إذا واصلنا استعماله وتبنينا له، فنحن نعتقد أن ما بيناه سابقا غير كاف بحكم جهلنا بالكثير من الجوانب الشرعية، والقانونية والاجتماعية التي تلامس المصطلح مباشرة مضمونيا إذ المصطلح فيما يتضح متداخل الاختصاصات، ومن ثم فأهل تلك الاختصاصات أقدر منا على تبيين تلك الجوانب التي تلامس المصطلح المذكور، وما يمكن إضافته في القضية هي أن هذا المصطلح وغيره من عشرات المصطلحات، أو المفاهيم التي يكثر حولها الصراع والعراك والصدام، وهي مفاهيم تأتي في سياق الصراع الحضاري الذي هو الآن آخذ عدة أشكال ، فقد يأخذ هنا على مستوى هذه البقعة طابع الصدام العسكري، وقد يأخذ في البقعة الأخرى طابع الصدام المفهومي المصطلحي ،لكننا نلاحظ أن الطابع المصطلحي طابع عام وشامل، ومشتد كما تنبأ غيرنا بذلك يقول احدهم في هذا الشأن (إن صراع المفاهيم سيستفحل لاشك لكنه ليس تصادم الحضارات بالمعنى المادي لأنه لايحتاج هذا الصراع إلى استخدام مخزون أسلحة الدمار الشامل ولن يحتاج إلى تحريك الأساطيل البحرية والبرية والجوية)(53) ورأى هذا الباحث أن صراع المفاهيم يدور في ساحة المقول وقد سماها حرب المفاهيم العالمية الأولى(54) وتصور كاتب المقال أن يدور الصراع المفاهيمي في غرف الحوار وقاعة المؤتمرات.(55).واعتبر كاتب المقال ما يقوم به المفكرون والمثقفون من تبيين لحقيقة هذه المفاهيم وتصويب لانحرافها صراعا مفهوميا قيميا بل اعتبرها حربا فلسفية عالمية أولى(56) ونحن مع كاتب المقال في كل ما ذهب إليه وقد نختلف معه في أن حرب المفاهيم قد تسبق الحرب العسكرية وتهيئ لها فان نجحت الحرب المفهومية فستأتي بعدها حتما الحرب العسكرية ،ثم ألم تبدأ الحروب في دنيا الناس كلاما؟ ولعل إيماننا الشديد بضرورة تصويب هذه المفاهيم المنحرفة، أو المحرفة خوفا من أن انحراف المفاهيم يؤدي إلى انحراف السلوك هذا هو الذي دفعنا إلى القيام بكتابة هذا المقال المتواضع، ونحن لا نعتبر أنفسنا مفكرين مؤهلين لقيادة هذه الحرب الفكرية المفهومية لكن ما أملاه علي ضميري ، وما تنبه إليه فكري على ما يداخله قلته فإن كان قولي، أو مقالي صوابا فذاك قصدي وأحمد الله على ذلك وإن جانبني الصواب فاستغفر الله ولي أجر الاجتهاد إن حرمت أجر الإصابة ويكفيني خلوص النية لله والأمة
التصويب:
أمام هذه المخاطر المحدقة بالمجتمع إذا وظف المصطلح الغريب نقترح ما يلي:
أولا: الامتناع عن توظيف المصطلح المذكور في تعابيرنا المختلفة خاصة وسائل الإعلام المختلفة ،إذ الاستعمال يتيح للمصطلح فرصة الشيوع والذيوع والمصطلح إذا شاع وذاع صار مقبولا بل صار مفضلا على المصطلحات الأخرى، لأن للمجتمع سلطة لا تقهر، لهذا نحن نقترح أن نقهر هذا المصطلح عن طريق السلطة الاجتماعية ، فهي المؤهلة لإزاحته من الساحة التواصلية قبل رسوخه، ومن ثم نلح في دعوتنا إلى عدم توظيفه
ثانيا: نقترح مصطلحا بديلا نراه معبرا عن حقيقة المرأة التي تنحرف وتقع في خطيئة الزنا وتنجب من جراء ذلك ، وهو (النساء المنحرفات)،أو (الأمهات المنحرفات)أو (الأمهات الزانيات) أو وهذا اقل وضوحا من الأولين (الأمهات الغاربات) وأجمل من ذلك و هو مصطلح قراني أيضا (الأمهات الباغيات أو البغيات) من قوله تعالى على لسان مريم عليها السلام(قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا) (57) والبغي في اللغة طلب البغية قال في الأساس(بغت فلانة بغاء وهي بغي طلوب للرجال وهن بغايا ومنه قيل للإماء البغايا لأنهن كن يباغين في الجاهلية) (58) ويقال أيضا:(وهو ابن بغية وغية بمعنى) (59) ثم قال( وبغي علينا فلان خرج علينا طالبا أذانا وظلمنا.. وهي الفئة الباغية وهم البغاة وأهل البغي الفساد)(60) وعلى هذا تكون هؤلاء النسوة طالبات للرجال باغيات لهم، وظالمات لأنفسهن، ولأبنائهن وفاسدات ومفسدات، وعلى ذلك نصر أن يكون المصطلح المعبر عن حالتهن (الأمهات الباغيات أو البغيات) فهو أجمل من المصطلحات السابقة في نظري وإن كان كل المصطلحات التي اقترحتها مقالتنا نراها تعبر عن حالتهن ،فالمصطلحات التي نقترحها تسم المرأة التي تقع في علاقة غير شرعية مع الرجل وتنجب منه بأنها منحرفة عن الجادة ،أي عن الطبيعة وبأنها فاسدة ، ومفسدة ومن ثم فهو(المصطلح) يشعرها دائما حينما تسمعه ويشعر غيرها من النساء اللواتي قد يفكرن في الخطيئة ويشعر الآذان التي يطرقها بوضع غير طبيعي يتواجد عليه هذا النوع من النساء وسلوك غير سوي أيضا، أما المصطلح الأول ( الأمهات العازبات) فيوحي بطبيعة الوضع الذي عليه تلك النسوة ،أي وكأنه يشعرهن ويشعر السامع بأن حالتهن طبيعية وهي ليست كذلك،وعليه فيدفع هذا المصطلح الذي نقترحه الأفراد والمجتمع إلى النفور منه صيغة ومضمونا وسلوكا، ومن ثم يكون مصطلحا رادعا -لامشجعا-للنساء اللواتي قد يفكرن في السلوك المنحرف، ولا نرى أن مصطلحنا فيه قدر من القسوة على المرأة، أو على هذا الصنف من النساء اللواتي يقعن في الانحراف، لأسباب اجتماعية، واقتصادية قاهرة فليس هذا غرضنا بل نحن أكثر الناس رأفة بحال هؤلاء النسوة فوضعهن يدعو للشفقة لكن شفقتنا عليهن لا تسمح لنا بقبول المفهوم المحرف، فنحن نود أن نصوغ مصطلحا يتطابق صيغة ومضمونا مع الحالة التي عليها تلك الأمهات المنحرفات عن الجادة والطبيعة والشرعية القانونية والأخلاقية ونعتقد أن مصطلحنا الذي نقترحه يقلص من شيوع الفاحشة، بل يجعل الآذان تتقزز منه صيغة ومن ثم مضمونا إن مصطلح( النساء المنحرفات) أو( الأمهات المنحرفات) أو(الأمهات الباغيات) يكون محل تقزز من أفراد المجتمع تنفر الآذان من سماعه ، وترفض النساء الشريفات أن تتصفن به ومن ثم نعتقد أنه سيكون له دور في التقليص من شيوع الفاحشة، ثم مالنا نقر المفاهيم المنحرفة بتلطيف المصطلحات من حيث الصيغة، مع العلم أن المفهوم جريمة كبرى تعاقب عليها القوانين الوضعية والأديان السماوية، ألم ينظر القرآن الكريم إلى ممارسي الزنا نظرة احتقار وازدراء، ومن ثم تشدد في العقوبة المسلطة عليهم قال تعالى(واللذان يأتيانها منكم فآذوهما)(61) حيث أمرنا بإذاية الزاني سواء كان ذكرا أم أنثى والاذاية هنا هي إقامة الحد عليه أو عليها، فالله أمرنا بالاذاية ونحن نمتنع عن تسمية الفعل بسماه تلطيفا لحال المرأة المنحرفة، ورفعا لشأنها ، لست أدري أذلك يعتبر تلطيفا لحالهن أم إحسانا إليهن أم تشجيعا لهن ولغيرهن أم تكريما لهن ومعهم الرجال الذين أوقعوهن؟ إن مصطلح الأمهات العازبات وبالإضافة إلى تناقضه في تركيبته، وتناقضه في دلالته، فإننا نراه يتضمن ترغيبا لممارسة الرذيلة وتشجيعا لانتشارها، وفوق هذا وذاك يتضمن تهيئة المجتمع الإسلامي لقبول هذه المفاهيم المرذولة المنحرفة استعدادا لتحريف السلوك المجتمعي كله بمرور الزمن
الخاتمة:
وخلاصة القول هي أن مقالتنا نظرت إلى المصطلح من جانبين جانب صيغي وجانب مضموني مفهومي وإن وجدت الجانب الصيغي يحظى بقدر من المقبولية إذ المصطلح تركيب وصفي يتوافر على موصوف وصفة والتركيب الوصفي مقبول في اللغة العربية يعتبر تركيبا أساسيا اعتمد عليه في تكوين العديد من المصطلحات والأسماء لمسميات مختلفة إذ ما المانع إذا كان التركيب لا يتصادم مع نظم القواعد التركيبية في العربية،يقول عنه الباحث جواد حسني سماعنه( فهو من المركبات البيانية الوصفية مكون من كلمتين تكون ثانيتهما موضحة معنى الأولى ومرتبطة بها بعلاقة .. وبذلك فان المركب الوصفي يعد احد أنماط المركب البيان وأكثرها استعمالا)(62) وهو عنده يتألف من عنصرين لغويين أو أكثر ..أولهما رأس المركب أو نواته اسما موصوفا ومحددا بالعنصر الذي يليه أي الصفة،(63)وإذا أردنا أن نمثل لهذا النوع من المصطلحات فإننا واجدون وفرة، منه :الفعل المعتل، الفعل الصحيح، الفعل الأجوف والفعل المهموز،..وهذا يخص المصطلحات النحوية التي هي مجال تخصصنا،ومن التخصصات العلمية الأخرى قولهم : الزاوية القائمة الزاوية الحادة ،الزاوية المنفرجة..وغيرها من المصطلحات الوصفية، أما النظر إليه من الزاوية المضمونية فقد وجدت المقالة في التركيب تناقضا دلاليا، وتصادما مفهوميا مع العلم أن تحديد المفهوم يحتل مكانة خاصة في الدراسات المصطلحية الحديثة ،لارتباطه المباشر بنظرية التسمية التي تقوم على العلاقة المنطقية بين المفاهيم ومنظوماتها المصطلحية، فوضع مصطلح ما مفردا كان أو مركبا إنما يقوم على تحديد هذا المصطلح بالنسبة إلى معناه الخاص، والى موقعه في منظومة مفاهيم ينتمي إليها بالضرورة،فالتركيب المصطلحي اعتبر عند بعضهم صندوقا فولاذيا يدخل في سياق منظومة مفهومية متعددة العناصر والأفراد...وإذا اعتبرنا كلمة (الصندوق) معوضة للمصطلح فإنها تمر بمرحلتي تأليف استنادا إلى خاصيتين مباشرتين للمحدد هما (مادة الصنع) وطريقة تشكلها أو صناعتها، وبهذا نكون إزاء مركب خضع لعملية اختزال وحذف حتى آل إلى بنيته الظاهرة( صندوق) فالمركب قبل التحديد وقبل الاختصار كان على هيئة بنية أخرى متصورة في الذهن على ما يقول الباحث جواد حسني(64) ومن ثم تعجبت المقالة كيف سوغ منتجوه لأنفسهم الجمع بين كلمتين متناقضتين دلاليا إلى درجة التنافر، إذ بين التحليل أن دلالة لفظ(الأم) تناقض دلالة لفظ(العازبة) وبينت كيف يتضمن هذا التركيب مفهوما يتصادم مع قيمنا، وحضارتنا، بل وجدته يتصادم مع الكثير من المفاهيم التي تنبني عليها نظمنا الاجتماعية ، وخاصة نظام الأسرة، ومن ثم رأت المقالة أن المصطلح محرف مفهوميا ومضمونيا،وهو يأتي في سياق ثقافة عولمة المفاهيم، وتخوفت المقالة من أن استعماله يترتب عنه تحريف السلوك المجتمعي، فبعد تحريف المفاهيم تنحرف السلوكات، وجادلت المقالة، وناقشت عن وجهة نظر صاحبها، وحاولت أن تبين الأضرار التي تلحق بالمجتمع إن استعمل المصطلح في صيغته المطروحة للتداول، وخلصت المقالة إلى أن المصطلح بهذه الصيغة التي تدل على هذا المضمون مرفوض ، فهي وإن رأت صوابيته الصيغية-الشكلية- فإن تلك الصوابية على مستوى الصيغة لن تشفع له ليكون مقبولا مضمونيا ، فسلامة الجملة، أو التركيب نحويا، ودلاليا وإبلا غيا لا تتوقف على السلامة الشكلية ،إذ تمكننا القواعد الشكلية في النحو العربي أن نكون تراكيب هرائية، تتضمن مثلا فعلا وفاعلا ومفعولا في الجملة الفعلية أي مسند ومسند إليه واسم وقع عليه الإسناد،دون ان يكون لهذه الجملة حظ في الدلالة،أو درجة من الابلاغية، ولذلك وجدنا سيبويه ينص في تصنيفه للكلام على وجوب مراعاة مستويين اثنين هما المستوى النحوي أو السلامة النحوية، وثانيهما المستوى البلاغي أو الصحة الابلاغية، وهذه الأخيرة هي المفقودة هنا، ويتبين لنا من هذا أنه لدراسة الجملة- ومصطلحنا هذا يعتبر جملة- بالمعنى التركيبي لابد من توفرعلمين اثنين أحدهما يعنى بصحة التركيب، وهو علم النحو وثانيهما يعنى بما وراء هذه الصحة التركيبية من مطابقة الكلام لمقتضى الحال وما تدل عليه القرائن من معان تفهم من السياق، وهي معان زائدة على المعنى النحوي –في شكله التجريدي- وعليه فلا بد من مراعاة الدلالة المعجمية للألفاظ المكونة للتراكيب في العربية، ومن ثم فهذه الصيغة المصطلحية رأت المقالة أنه يمكن إدراجها ضمن المستوى الثالث من مستويات تصنيف الكلام عند سيبويه ، وهو المستوى الموصوف بالمستقيم الكذب إذ الصيغة مستقيمة شكلا كاذبة دلالة هذا إن تخففنا وأما إذا تشددنا فيمكن أن ندرج الصيغة المصطلحية ضمن المستوى الثاني وهو الموصوف بالمحال والذي مثل له سيبويه بقوله( أتيتك غدا)(65) حيث أنقض أول كلامه بآخره ،فالصيغة المصطلحية التي نحن نعالجها نراها تنقض أولها بآخرها فكلمة( العازبات) تناقض كلمة( الأمهات) وعليه فالنتيجة التي تخلص إليها المقالة هي أن الصيغة المصطلحية محل الوصف، والتحليل وبالمناظير اللغوية، والنحوية والدلالية، والثقافية مرفوضة ،سواء صنفت في المستوى الثالث ،أو المستوى الثاني فهي إما كذب، وإما محال الأمر الذي يجعلنا نخلص إلى أنها هي فعلا كذلك فمحال أن توصف(أم) بالعزوبية ،وكذب أيضا أن توصف بها ، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق لها في نظرنا قدر من المقبولية ، وحظ في الاستعمال، والمصطلح إذا لم يقبل ولم يستعمل كان ذلك بمثابة توقيع شهادة وفاته، فهل فعلا مقالتنا المتواضعة هذه –إن كتبت لها شهادة الميلاد والحياة- بالنشر والذيوع أولا وبتبني القارئ لمضمونها الفكري ثانيا- تكون قد وقعت شهادة وفاة هذا المصطلح؟ هذا ما نأمله ولكننا لا نملك جوابا عن سؤالنا هذا الذي طرحناه، إن مقالتنا إن كتب لها الذيوع تتوجه إلى قارئ نتصوره، متعدد الفهم، منوع الثقافة والحضارة ،وإن فرضنا أن قارئها سيكون عربيا بحكم اللغة المحررة بها، فإن القارئ العربي اليوم منوع المشارب الفكرية، والمذهبية والثقافية، ومن ثم فنحن نتوقع أن مقالتنا ستجابه بالرفض من البعض، والقبول من البعض الآخر، وتلك هي غايتنا إذ غايتنا ليست الكتابة لمن يقبل آراءنا فحسب، فلو كان الكتاب يكتبون لمن يقبل آراءهم فحسب، لفقدت الكتابة أهم شيء فيها، وهو الإجادة، والتنوع ،والاختلاف قال تعالى ( ولذلك خلقهم)(66) غير أننا وقبل أن نفسح المجال للقارئ الكريم نود أن نؤكد القول مجددا بأن المصطلح خطير في مضمونه وإن بدا جميلا في صيغته، فهو كلمة أو عبارة جميلة المظهر خبيثة المخبر، وقد نفى المولى تبارك وتعالى القرار عن الكلمة الخبيثة فقال(الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار)(67) فهل آن أوان اجتثاث هذا المصطلح من فوق الأرض؟فالمصطلح قول سيء، يسوء الأمهات الشريفات ،ويسوء الأذواق السليمة وقد أعرب المولى تبارك وتعالى عن عدم محبته للأقوال السيئة حيث قال( لايحب الله الجهر بالسوء من القول)(68) ولذلك كنا نحن حريصين على استقامة اللسان، لأن استقامة القلب معلقة باستقامته قال عليه الصلاة والسلام( لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) (69) ولعل ما يجعلنا نزداد صرامة في رفضنا للمصطلح، وإضافة إلى ما سبق كونه مصطلح يتعلق بشيئين أكثر ما يدخل الناس النار بسببهما، فلقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار؟فقال( الدرهم والفرج)(70) والمصطلح كما هو معلوم متعلق بهما معا فهو متعلق بالفم: أي اللسان من حيث كونه صيغة لغوية تجري على الألسن، ومتعلق بالفرج من حيث مضمونه،إذ يتعلق مضمونه بأعظم جرم بعد جرم القتل قال ابن قيم الجوزية رحمة الله عليه نقلا عن الإمام أحمد( لا أعلم بعد القتل ذنبا أعظم من الزنى) (71) ومما يجعلنا أيضا نزداد صرامة في رفضنا للمصطلح المذكور أنه يتعلق باللسان الذي إذا لم يضبط أورد صاحبه المهالك، ولذلك اعتبره الرسول –صلى الله عيه وسلم- سلطان العبد كل الأعضاء تكفره، قال عليه الصلاة والسلام( إذا أصبح العبد فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإذا استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا) (72)أليس مصطلحنا هذا الذي نعالجه معوجا لسانيا يجب تقويمه وتصويبه؟ هذا وقبل مغادرتنا المقال نود أن نشير إلى أن في اللسان آفتين عظيمتين-كما ير ى العلماء- إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى آفة الكلام وآفة السكوت فالساكت عن الحق شيطان أخرس ،والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله وأهل الحق على الوسط من الآفتين(73) فنأمل أن نكون منهم- إن شاء الله - فنحن لم نصمت في قول ما رأيناه حقا ،وما قلناه من تصويب لا نراه باطلا، بل نراه خيرا امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) (74) كانت هذه وقفة تكاد تكون وقفة لسانية بحتة إذ كان تركيزنا على معالجة المصطلح وتصويبه لسانيا، وإن لوحظ علينا أننا لجأنا إلى الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية الكريمة للاستشهاد ،فلأن مضمون المصطلح له ارتباط وثيق بالنصين المذكورين ،ومن ثم كان معتمدنا عليهما في عملية التصويب المضموني، ثم أن المصطلح، وكما بينا سابقا يلامس عددا من الاختصاصات العلمية، أولها اللغوية ثم العلوم الشرعية، والقانونية، والعلوم الاجتماعية، ومعلوم أن هذه الاختصاصات تعتبر القرآن والسنة أحد مصادرها الأساسية عندنا. كانت هذه إذا محطة أخرى أردناها للتصويب، والتصحيح والتقويم، فإن نحن أصبنا في تصحيحنا، وتصويبنا، وتقويمنا فذك أملنا، وإن نحن أخفقنا فنلمس من القارئ المعذرة.
الهوامش:
1-تناول عدد من الكتاب ظاهرة المفاهيم المحرفة واختلفت تسمياتهم لها فبعضهم سماها حرب المفاهيم وبعضهم سماها حرب المصطلحات وبعضهم سماها معركة المفاهيم ومن هؤلاء الكتاب الباحث محمد عمارة والباحث عبد الله شريط والشيح السديس والدكتور إبراهيم العاتي وغيرهم كثير
2-الشيخ عبد الرحمن السديس حرب المفاهيم خطبة رائعة الموقع www.aldkah.net
3-إبراهيم العاتي حرب المفاهيم من المستبد العادل إلى الفوضى الخلاقة مقال على شبكة الانترنت
4-الحديث متفق عليه وهو عن جابر ابن عبد الله قال:(تزوجت امرأة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا جابر تزوجت؟قلت نعم قال:بكر أم ثيب؟قلت:ثيب.قال:فهلا بكرا تلاعبها؟...) ينظر نص الحديث في كتاب الوجيز في الفقه السنة والكتاب العزيز لعبد العظيم بن بدوي دار الإمام مالك البليدة الجزائر سنة 2001مة1422ه كتاب النكاح ص 278
5-الحديث في شرح الزر قاني على موطأ الإمام مالك دار الفكر طبعة سنة1981م المجلد الثالث ص126
6-محمد عبد اللطيف حماسة النحو والدلالة مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي دار الشروق ط 1 سنة 2000م ص40
7-المرجع نفسه ص نفسها
8-المرجع نفسيه ص نفسها
9-سورة مريم آية 27 28
10-الشيخ عبد الرحمن الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القران تحقيق عمار الطالبي المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر (د ت) ج 3 ص 11
11 –سورة مريم آية 24
12- تفسير الثعالبي ج3 ص 14
13-إبراهيم العاتي حرب المفاهيم من المستبد العادل إلى الفوضى الخلاقة المقال على شبكة الانترنت
14-عز الدين البوشيخي خصائص الصناعة المعجمية الحديثة وأهدافها العلمية والتكنولوجية مجلة اللسان العربي الرباط عدد 46
15-المرجع نفسه وينظر أيضا التركيب المصطلحي طبيعته النظرية وأنماطه التطبيقية للدكتور جواد حسني سماعنه مجلة اللسان العربي عدد 50
16-محمد عبد اللطيف حماسة مرجع سابق ص 65 وما بعدها
17-سورة المجادلة آية 2
18-ابن منظور لسان العرب دار صادر طبعة جديدة محققة بيروت ط 1 سنة 2000م المجلد الأول مادة الهمزة ص 160 161
19-الزمخشري جار الله محمود أساس البلاغة تحقيق عبد الرحيم محمود دار المعرفة بيروت(د ت) ص10
20-الرازي مختار الصحاح ضبط وتخريج وتعليق مصطفى ديب البغا دار الهدى عين مليلة الجزائر ط 4 سنة 1990م ص279
21- ابن منظور لسان العرب المجلد العاشر ص 132
22-المرجع نفسه ص نفسها
23-المرجع نفسه ص نفسها
24-الحديث ورد في مختار الصحاح للرازي ص279
25- الرازي المرجع السابق ص279
26-سورة يونس آية 61
27-سورة سبا آية 3
28-ابن قيم الجوزية،الداء والدواء تحقيق وتعليق يوسف علي بديوي دار الفكر بيروت ودمشق مع دار الفكر بالجزائر(د ت) ص 256
29-سورة النساء آية 23 24
30- الحديث في شرح الزر قاني على موطأ مالك المجلد الثالث ص239
31-سورة الأحزاب آية5
32-الحديث في شرح الزر قاني المجلد الرابع ص 257
33-الحديث شرح الزر قاني المجلد الرابع ص257
34-ينظر الحديث في شرح الزرقاني السابق ج 4ص 258
35-ينظر الحديث في كتاب ابن قيم الجوزية السابق ص131
36ينظر القول في شرح الزرقاني السابق ص256
37-أنور الجندي الإسلام والمصطلحات المعاصرة دار الهداية ط 1 سنة1997م ص6
38-المرجع نفسه ص 9
39-سورة النور آية 19
40-سورة النساء آية 46
41-سورة النور آية 19
42-الحديث في كتاب ابن قيم الجوزية السابق ص 132
43- مسعود فوزي صحيفة المصريون يومية مستقلة عدد تاريخ 25-04-2008م
44-سورة النور آية 3
45-الزمخشري الكشاف دار المعرفة بيروت ج 3 ص61
46- المرجع نفسه ص 62
47-البيت للشاعر احمد شوقي ديوانه
48-عدد من التعليقات لعدد من الكتاب موجودة على شبكة الانترنت يمكن العودة إليها بكتابة المصطلح وتحريك مؤشر البحث
49- مقال بعنوان صراع المفاهيم بين الغرب والشرق منشور بجريدة الشرق الأوسط عدد 8354 بتاريخ 12 أكتوبر 2001م
50-أنور الجندي المرجع السابق ص 329
51-المرجع نفسه ص 328
52- عدد من الكتابات الصحفية والتعليقات عليها منشورة على شبكة الانترنت يمكن الرجوع إليها بمجرد كتابة المصطلح وتحريك مؤشر البحث
53- مقال صراع المفاهيم بين الغرب والشرق جريدة الشرق الأوسط
54- المرجع نسه
55-المرجع نفسه
56- المرجع نفسه
57-سورة مريم اية20
58- الزمخشري أساس البلاغة ص 27
59-المرجع نفسه الصفحة نفسها
60-المرجع نقسه الصفحة نقسها
61- سورة النساء آية 16
62- جواد حسني سماعنه التركيب المصطلحي طبيعته النظرية وأنماطه التطبيقية مجلة اللسان العربي عدد 50
63-المرجع نفسه
64-المرجع نفسه
65-سيبويه الكتاب،نح عبد السلام محمد هارون،مطبعة الخانجي ط2 مصر سنة 1988م ج1ص23
66-سورة هود آية 118
67-سورة إبراهيم الآيات 24 25 26
68-سورة النساء اية148
69-الحديث في كتاب ابن القيم السابق ص 276 وهو رواه الإمام أحمد في مسنده
70-الحديث في كتاب ابن القيم السابق ص 277 والحديث رواه الترميذي في سننه
71-ينظر القول في المرجع نفسه ص 203
72-الحديث في كتاب ابن القيم السابق ص280 وهو رواه الترميذي وابن ماجة فيلا سننهما
73-ابن القيم المرجع نفسه 281
74-ينظر الحديث في كتاب ابن القيم السابق ص 279 والحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما