غداً مع الفجر
للأديب الفرنسي: فكتور هيغو*
غداً عندَ الفجرِ، حينما تبيَّض الحقول،
سأنطلقُ. أترين، أعلمُ أنكِ في انتظاري
سأذهبُ عبرَ الغاباتِ، سأذهبُ عبر الجَبل
فأنا لمْ أعُد أُطيقُ البقاءَ بعيداً عنكِ.
سأمشي وعينايَ مثبتتانِ على أفكاري
دونَ النظرِ إلى أيِّ شيءٍ في الخارج، ودونَ سماعِ أيِّ ضجيج
وحيداً، مجهولاً، منحنيَ الظهرِ، معقودَ الذراعينْ،
حزيناً. وسيكونُ النهارُ لي مثلَ الليل.
لن أنظرَ إلى ذَهَبِ المساءِ المتساقط
ولا إلى أشرعة القوارب المبحرة إلى هارفلير
وعندما أصل، سأضعُ على قبرِكِ
باقةً من زهورِ المهشيةِ الخضراء وزهور الخَلَج المتفتِّحة.
1 - هارفلير: بلدة قديمة وميناء فرنسي في منطقة النورماندي شمالي غرب فرنسا على القنال الإنكليزي.
فكتور هيغو [ Victor Hugo (1802ـ 1885) ولِد في مدينة (بزانسون) شرق فرنسا القريبة من الحدود السويسرية وكان أبوه جنرالاً في جيش نابليون. أصبح فكتور هيغو سياساً مؤثِّرا وروائيا شاعراً رومانسيا، لعله أشهر أدباء فرنسا وأعظمهم. يعرفه مثقفو العالم من خلال رواياته التي عرض فيها آلام الفقراء والمهمشين والمضطهدين، مثل "أحدب نوتردام" و "البؤساء". أما نقّاد الأدب الفرنسي، فيحتفون أكثر بدواوينه الشعرية مثل " تأمّلات" و " أسطورة العصور". انتُخب عضواً في الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1848 محسوباً على المحافظين، ولكنه بعد سنة واحدة ألقى خطاباً في الجمعية الوطنية طالب فيه بالقضاء على الفقر، وفتح التعليم المجاني لجميع الأطفال وليس ( لأبناء الأعيان) فقط كما كان. وهكذا انشق عن المحافظين.
تزوج هيغو من صديقته في طفولته الرسامة إيديل فوشيه سنة 1822 وبقيا معاً 46 عاماً حتى وفاتها وأنجبت ثلاثة أطفال أكبرهم ابنته ليوبولدين المفضّلة لديه. وذات يوم كان مسافراً إلى مدينةٍ في جنوب فرنسا وفيما هو يتناول فطوره في مقهى ويقرأ جريدة، وقع بصره على خبر وفاة أبنته ليوبلدين وعمرها 19 عاماً آنذاك. فكانت صدمة قاسية له. وظل يزور قبرها في مقاطعة نورماندي كل عام. وقد كتب هذه القصيدة لها سنة 1847 وظهرت في ديوانه " تأملات" الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1856 . ويعدُّ كثير من النقّاد الفرنسيين هذه القصيدة أجمل قصيدة في الشعر الفرنسي في جميع العصور.