الاثنين ١٠ نيسان (أبريل) ٢٠٢٣
بقلم رحمة مدني

عامر وشيخ الوقت

قصة للأطفال

يُحِبُ عَامرُ اللعبَ كثيرًا وهوَ يمضِي مُعظمَ وقتهِ في التسابقِ معَ أصحابهِ ويلعبونَ الكرةَ كمَا أنّهُ يحبُ القفزَ بالحبلِ أيضًا, لكنَّه يكرَهُ الدراسةَ كثيرًا فحينَ يعودُ للمنزلِ يتناولُ العشاءَ وينامُ مباشرةً لأنَّهُ منهكٌ منَ اللعبِ طوالَ النَّهارِ.

وعامرُ الصغيرُ لا يصغِي أبدًا لأمِّهِ التِّي تحثُه دائمًا علَى مراجعةِ دروسِه وحلِّ واجباتِهِ، يا لَهُ من ولدٍ عنيدِǃ

ذاتَ يومٍ وبينمَا كانَ عامرُ يلعبُ مع أصدقائهِ الغُمَيضَةَ, ذَهبَ ليبحثَ عن مكانٍ يختبئُ فيهِ , توغلَ عميقًا في الغابةِ القريبةِ من منزلهِم فوجدَ بابًا حديديًا قديمًا فقالَ فِي نفسِه: آه هذَا مكانٌ مناسبٌ للاختباءِ لن يعثرَ علَي أحدٍ هنَا، استجمعَ طاقتهُ ودفعَ البابَ بشقُ الأنفسَ فوجدَ نفسهُ داخلَ مدينةٍ كبيرةٍ تُشبِهُ مدينتَهُ كثيرًا لكنّهَا بدتْ قديمةً ومهجورةً، فالأرصفَةُ مُهدمةٌ والطرقُ متصدعَةٌ أما العِمارَاتُ فكانتْ تملؤُهَا الشقُوقُ وعمَّ المدينةَ سكونٌ رهيبٌǃǃ

تساءلَ عامرٌ: ترَى أينَ أنا ومَا هذَا المكانُ العجيبُ؟ وتلفتَ للخلفِ فلمْ يَجدْ ذلكَ البابَ الحديدِي الذي دخلَ منهُ، لقدِ اختفَىǃ...

حينها دبَّ الخوفُ في قلبِ عامرٍ فأخذَ يمشِي بسرعةٍ ينظرُ يمينًا تارةً ويسارًا تارةً أخرىَ فربمَا يجدُ ذلكَ البابَ لكنَّهُ كلمَا تقدمَ للأمامِ شعرَ بأنّهُ لم يبارحْ مكانَهُ إلى أن تعبَ من السيرِ وخارتْ قواهُ حينهَا سمعَ صوتًا يشبهُ دقاتِ الساعةِ: تيكْ تُوك،تِيك تُوك....أخذَ يقتربُ ويقتربُ من عامرٍ ويزدادُ حدةً وعلوًا فتسمرَ عامرُ واقفًا في مكانِه لأنَّهُ رأَى فوقَ كل عمارةٍ ساعةً ضخمةً وأسفلَ قدميهِ علَى الأرضِ ساعةً ضخمةً أبضًا وسمعَ صوتَ شيخٍ كبيرٍ مقبلٍ من بعيدٍ يقولُ: مرحبًا بعامرٍ الضائعِ، هل جئتَ لتعيدَ الوقتَ الذي أضعتهُ؟

رد عامرُ متعجبًا: لم أفهمْ ǃ أرجوكَ أيها الشيخُ الحكيمُ دلنِّي على طريقِ العودةِ.

فكررَ الشيخُ نفسَ الكلماتِ: مرحبًا بعامرٍ الضائعِ، هل جئتَ لتُعيدَ الوقتَ الذي أضعتهُ؟

صرخَ عامرٌ: لم آتِي لأعيدَ أي وقتٍ،أريدُ العودةَ لألعبَ مع رفاقِيǃ

لكنَ الشيخَ لم يجبهُ وظلَ يكررُ نفسَ الكلماتِ حتَّى سألهُ عامرُ بعدَ أن نفذَ صبرُه: مَن أنتَ أيُّها الشيخُ؟ من تَكونُ؟

تبسَمَ الشيخُ وقال: أمَا عرفتنِي يا عامرُ؟ǃ أنَا شيخُ الوقتِ وآمركَ بإعادَةِ الوقتِ الذِي أضعتَهُ، تعجبَ عامرُ مما سمعَهُ واحتارَ في أمرِ إعادةِ الوقتِ الذي أضاعَهُ فكيفَ يُعيدُ ما فَاتَ، لا بدَّ أنّ رفاقَهُ انتهَوا من اللعبِ الآنَ بينمَا هُو ضائعٌ في هذَا المكانِ.

غضِبَ شيخُ الوقتِ من تَذمُرِ عامرٍ وقال لهُ مُعاتبًا إيَاه: كُل مَا تَهتمُ بِه هُو اللَعِب يا عامرǃ فَلْنَرَ هل ينجيكَ اللعِبُ مِن غَضَبِي...

فهذهِ المرةَ لم يردِدْ الشيخُ فقط تلكَ الكلماتِ بل صدرتْ من كلِ الاتجاهَاتِ فأخذَ عامرُ يركضُ ويركضُ هرباً من غضبِ الساعاتِ يردِدُ في نفسهِ: لكننِي أحبُ اللعبَ كثيرًا...

قالَ شيخُ الوقتِ: بل تحبُ تضْيِيعَ الوقتِ كثيرًا، هيَّا اركُض لتعيدَ لنَا الوقتَ الذِي أضعتَهُ.

ركضَ عامر بأقصى سرعةٍ لكنَّه لم يتقدمْ ولو خطوةً وحين نظرَ للأسفلِ وجدَ ساعةً تحتَ قدميْهِ ففكرَ وقرَّرَ ربّْمَا إذا ركضَ في الاتجاهِ المعاكسِ يفلحُ، ونفذَّ بالفعلِ مَا قَّرَرَ فرأى عجبًا...

عادتِ المبانِي كما كانتْ، والأرصفةُ كذلكَ وأصبحتِ المدينةُ جديدةً تمامًا، أمَا عامرٌ فركضَ للأمامِ مسرعًا لقد عثرَ أخيرًا على البابِ الذِي دخلَ مِنهُ إلى هنَا وقبلَ أنْ يخرجَ استدارَ للخلفِ ليجِدَ شيخَ الوقتِ يُلوِحُ لهُ بيدِهِ مبتسمًا وهوَ يقولُ:قمْ يا عامرُ لتعيدَ الوقتَ الضائعَ، قمْ يَا عامِرُ لتعيدَ الوقتَ الضائعَ...

فتح َعامرُ البابَ بسرعةٍ وحينَ اجتَازَهُ وجدَ نفسهُ ملقَى علَى الأرضِ قُربَ سريرِهِ وأمُّه تهزُهُ لتوقظَهُ كالعادَةِ ليذهبَ إلى المدرسةِ فنهضَ واستعدَ بسرعةٍ وهوَ يرددُ

في نفسِهِ: الحمد لله كانَ حلمًا لكِن...

لمح فوقَ ساعةِ المنبِهِ شيخَ الوقتِ صغيرًا جدًا يُلَوِحُ لهُ ويقولُ: قم يا عامرُ لتعيدَ الوقتَ الضائعَ...

= انتهت =

قصة للأطفال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى