شيخوخة الروح
هل تكبر الروح وتشيخ كما الجسد؟
هي تفعل وفي أي وقت وزمان إذ ليس للروح خلايا تشيخ لكن لها مشاعر تهوى الى القاع ووجدان يهرم وشغف ينطفىء ..
إلا أننا عادة ما لا نرى أو نهتم إلا بأمر الجسد، واكتشفنا أن الجسد قد يشيخ دون الروح كما في حالة مرض الشيخوخة المبكر الذي تظهر أعراضه قبل أن يبلغ المصاب سنته الثانيه في مشهد غريب لروح طفل في جسد شيخ كهل..
لكن هل سنكتشف لاحقا أن الروح أيضا قد تشيخ دون الجسد؟
نعم قد يحدث لو صحت توقعاتنا المستقبليه بإطالة عمر الانسان في ظل الهندسة الوراثيه التي فتحت آفاقا مذهلة للتطور في مجال الطب والعلاج، يعني قريبا جدا سيصلح العطار ما أفسده الدهر!!
هذا ما أكده الدكتور ادموند تشاين حين صرح بأن "الانسان يمكن أن يبلغ 200 عام إذا خضع للعلاج بالهرمونات،ويرى هذا الطبيب أن الشيخوخة مرض كأي مرض قد يؤدي في النهاية الى الموت لكنه أكد أن هذا المرض يمكن علاجه والشفاء منه!!
أيضا بعيدا عن العلاجات وبراءات الاختراع فإن مكافحة شيخوخة الجسد قد تحولت في عصرنا هذا الى ثقافة يدركها الكثيرون من خلال رفقتهم لكافة سبل الراحة والرياضة والغذاء الجيد المدروس بنجومه الأكثر شهرة ونجومية في عالم مضادات الاكسده كالكرز والرمان والاصداف البحرية إضافة طبعا الى العوامل الاجتماعية الاخرى كالأصدقاء الاوفياء فالصديق الحقيقي يحارب الشيخوخة معك إذ ثمة بشر يصيبونك بالهرم الروحي والفقر العقلي الأمر الذي أكدته البحوث الايطاليه وأشارت الى أهمية الرغبة في المستقبل مع قليل أو كثير من التفاؤل.
ورغم ان العوامل الاجتماعيه هي الحاضن الشرعي للروح وبقاءها على قيد الحياة، فإن العلماء بطموحهم اللامحدود توصلوا الى اكتشاف كسر هذه القاعده ألا وهو عش الغراب السحري (نوع من أنواع الفطر) كونه يحتوي على مادة تعمل على الحفاظ على شباب روح الانسان فتمكنه من الاحتفاظ بإقباله على الحياة وطاقته الابتكاريه وشغفه للتعرف على كل ما هو جديد.
إذن هو الشغف، لكن هل يكفي تناول عش الغراب هذ للاحتفاظ بشغفنا الروحي مئة عام إضافيه مثلا؟ترى لماذا يطرق العلم أبواب الجسد دون الروح التي اذا ما شاخت شاخت معها أشياء كثيره كالذكريات والقلم والشعر والمشاعر..
وإذا ما كان علماء اليوم يعدوننا بالعمر المديد، ثم اذا كان هذا اليوم قادم لا محالة..
فقد يتحول العالم الى شباب لا يشيخ لكن بأرواح ذابلة وهرمه وعيون ينقصها البريق!
لذا أعود وأسأل..
يا جماعة، ماذا عن الروح؟؟
مشاركة منتدى
22 أيلول (سبتمبر) 2019, 06:59, بقلم حنان بديع
كن أنانيا بما يكفي!
اذا كان الجين الأناني الذي يمتلك خاصية الأنانية حسب كتاب عالم الأحياء التطوري الشهير ريتشارد دوكينغز يحاول أن يتصرف بشكل أناني حين يحاول جاهدا البقاء والاستمرار على حساب الجينات الأخرى حوله ، والتي ربما تتنافس معه على نفس الأمر ، هذه الاستراتيجية السلوكية تساعد الكائنات على البقاء البيولوجي ، لكن هل يمكن لهذه الاستراتيجية (الأنانية) أن تكون وراء بقاء واستمرارية ونجاح وانتصار الشخصيات الأنانية في المجتمع ؟
تتساءلون ماذا أريد أن أقول ؟
في الحقيقة لا شيء سوى غرس علامة استفهام صغيرة باتت تؤرقني في خاصرة صفحتي البيضاء حين أمارس هواية التأمل والتفكير ..
إنها الهوة الشاسعة بين ما تعلمناه من أخلاقيات كالصدق والأمانة والتفاني والعطاء والتضحية والايثار وبين صعوبة تطبيقها على أرض الحب والحياة ..
أما كيف ؟ فلأن الشخصيات التي تتمتع أو تطبق هذه المبادئ الاخلاقية في المجتمع تبدو كطرف خاسرا ومغبون ، فالاستمرارية والبقاء والسعادة والتوفيق للشخصيات الأنانية لأنها تأخذ ولا تعطي ، لأنها تضع في أولوياتها مصالحها الشخصية قبل الآخرين ..
أجدني مجبرة على المقارنة بين الجين الأناني الذي يسكن حقيقتنا البيولوجية والانسان الأناني الذي يسكن مجتمعاتنا البشرية ، هو ينتصر في النهاية حينما يتصرف كجيناته ويتبنى فلسفتها ومبادئها القبيحة !
فالرجل الأناني مثلا هو الذي يتخلى عن امرأته العاقر ليتزوج بأخرى وينجب أطفالا فينجو بذريته في حين الرجل المخلص والمضحي الذي يختار البقاء مع شريكته العاقر من باب الايثار والتضحية سينقرض وتنقرض معه جيناته !
الانسان الذي يتمسك بمبادئ العطاء والايثار والتضحية ، انما يفعل لأن توقعاته تخونه غالبا فهو حتما يتوقع التقدير والاهتمام والعطاء والحب المتبادل ..
لكن في الأغلب يكتشف لاحقا أن ما يفعل ليس إلا حقا أصبح مكتسبا للآخرين ،، والتقصير فيه أصبح يبدو جريمة !!!
أقول هذا ولا أنسى أو أتناسى الامومة والأبوة التي تختصر بطاقتها قيمة العطاء والتضحية ، لكن الأب أو ألأم أيضا يمارسون النشاط الايثاري من خلال العناية بأولادهم و (أولادهم فقط) ذلك لأن أبنائنا نسخة منا تماما كما يفعل الجين الأناني بداخلنا حين يعرف أن كائنا آخر يحمل نسخا منه فيؤاثره على نفسة ليحافظ على نفسة ،، والا ما الذي يفسر بكاء الأم على وليدها حين يولد ميتا وهي لم تراه او تعرفه بعد ؟
ليست هذه دعوة ضد أخلاق ومبادئ التضحية والايثار التي قد يمتلكها البعض ويفخر بها وله الحق في ذلك، لكنها رسالة تحذيرية ، فاذا لم تكن مستعدا لتقبل فكرة أن تعيش مظلوما اذا آثرت الآخرين على نفسك .. ليس لأنهم يبيتون النية على ظلمك وقهرك ولكن لأنهم يتصرفون تماما كالجين الأناني، فهم أولا وما يحقق مصالحهم ورغباتهم ثانيا وإن كان على حسابك ،،
إلا أن جيناتنا الأنانية لا تمتلك وعيا أو قدرة على التبصر ، هي تمارس دورها كما أراد لها الخالق .. وفي حالة البشر الذين يمتلكون القدرة على التبصر الواعي فإنه بإمكاننا استخدام هذه القدرة في التغلب على الأنانية فينا ، فنخلق نوعا جديدا من الايثار الذي لا يوجد أصلا في الطبيعة ..
هؤلاء المتغلبين على أنانيتهم هم قلة يعيشون على كوكبنا ويجعلون من الحياة سيمفونية مقبولة وجميلة لكن حتما على حسابهم الشخصي ..
إنهم لا يأخذون الكثير سوى الشعور بالرضى ومتعة العطاء ..
متعة العطاء يا سادة ،، نعم هو مصطلح لم يجربه أغلبنا حين لا يعطي إلا بقدر ما يأخذ فقط .. هذا إن فعل.
ولا يخطر لنا أن في العطاء متعة قد تسرق منا حياتنا أحيانا ..
وفي الايثار أيضا بعض المازوشية التي يستعذبها بعضنا أحيانا أخرى دون أن ندري ،، على أية حال ، يبدو أن في كل مجتمع بشري هناك أناني وهناك مضحي ومعطاء لكن من المهم أن نكون على وعي مسبق بالثمن الذي سندفعه في الحالتين ، هذا في حال كنا مخيرين في طبيعتنا وحقيقة دوافعنا الخفية..
لا أجرؤ طبعا على تبني فلسفة الجين الأناني كقوة دافعة على البقاء والاستمرار والحصول على ما نريد ، لأنها فكرة ذات نتائج كارثية على المجتمع ، سيختفي معها الكثير من النصب التذكارية لشخصيات أصبحت رمزا لمواقفها البطولية الموغلة في الاخلاص والتضحية والايثار..
ثم كيف سنجرؤ يوما على تحريض أبنانئنا صفة لاأخلاقية كالأنانية مثلا فقط لأنها حقيقة بيولوجية واجتماعية دون إحراج أو خجل ؟؟
إلا أني أمتلك الجرأة على نصيحتك عزيزي القارئ ،، اذا كنت لا تطيق حقيقة أن تكون مظلوما ومغبونا ولا تجد متعتك الخاصة في العطاء فكن أنانيا بما يكفي .
حنان بديع
22 أيلول (سبتمبر) 2019, 07:00, بقلم حنان بديع
ثرثرة فلسفية
اذا كنا نختار ما نريد أو نحب ان نفعل؟ فهل هو خيارنا الحر حقا ؟
ليس سؤالا ساذجا كما يبدو ، لكن بنظرة تأملية ، سنجد أن خياراتنا ناتج حقيقي لطبيعتنا التي لا نملك فيها خيارا ليس إلا ، فدعوني أسالكم ..
هل الشعور بالرحمة والعطف قرار ؟
هل الرغبة في مساعدة الآخرين والعطف عليهم ميل أو رغبة أو قرار ؟
هل الحب والمحبة مثلا قرار؟
هل التسامح أو الحقد يتم بقرار مسبق ؟
هل الكره والقسوة خيار ؟؟
هل اخترنا أخلاقنا أم هي التي اختارتنا دون أن ندري ؟
يا صاحب القلب الطيب الحنون ، هل كنت مخيرا ؟
ويأيها القاسي الظالم هل فكرت يوما من أين أتت القسوة ومتى بالضبط أخترت أن تكون بلا قلب ؟
وهل تدرك فعلا انك أناني بلا قلب ؟؟؟
هل الشعور بوخز الضمير خيارا أو قرار؟
باختصار ، هل فعلا اخترنا أن نكون أشرار او أخيارا ؟ فكم منا يتمنى لو يغير طبيعته الطيبة الساذجة ..
وكم منا كان ضحية طبيعته القاسية الشريرة التي لم يكن ليغيرها وهي حقيقته ..
هل اخترنا أن نكون ناجحين أو فاشلين ؟ فالموهبة والقدرات والحظوظ أرزاق مقرره سلفا ..
هل كلنا آباء أو أمهات ؟ فالأبوة والأمومة غريزة مفقودة لدى البعض ..
هل اخترنا أن نقع في الحب مثلا ؟ فالحب ثقافة عطاء لا يحترفها الجميع ..
ومن الذي يقرر طبيعتنا وحقيقتنا تلك التي تحدد من نحن وما نريد أو نفعل ؟
من المؤكد أننا لم نختار شكلنا وطولنا ولوننا ودرجة ذكائنا ومستوانا الاجتماعي والمادي وطبعنا وأمراضنا النفسية ،، لكن هذه كلها التي تحدد في النهاية طبيعتنا وحقيقتنا التي تختارنا ولا نختارها .
طبيعتنا التي تتخذ عنا قراراتنا الفعلية كل حسب حجم ذكاءه ومساحة نقاء قلبه وضميره ..
إذا لم تصدقوني فأسلوا أهل الاجرام عن أسبابهم وأهل الإحسان عن إحسانهم ،، أكاد أجزم أن أغلبهم سيجيب إجابات كلها تدور حول لا أعلم كيف فعلت ولماذا أفعل .. أو (هكذا أنا..) !
حنان بديع