الخميس ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم
سانتا مونيكا
(1)
أرصفة العالم تمتدُّ أماميوالتأريخُ المتآكلُ يمتدُّ ورائيوأنا أتنقلُ بينهمابحثاً عن موتٍ أفضلَأو عن لحدٍ فرعونيٍ يحفظُ أشلائيفأساطيرُ المصريين القدماءِلا زالت تستهوينيوتلاحقنيتخرج من كفيَّومن تحتِ ردائيوتنيرُ كأطيافِ الشعر سمائي(2)
الطائرةُاخترقتْ بحرَ الغيم الهادر بهدوءْما أن بدأتْ في رحلتهاحتى أخذتْ تسبحُ في حباتِ الضوءْوزئيرُ محركِها يذهبُ ويجيءوالجغرافْياسبحتْ أيضاً في أمواجِ الريحِوكانت ذاكرةُ اللحظةِ بالأحمالِ تنوءْأما كرةُ الشمسِفكانَ الشبقُ الأحمرُ في عينيهايرقصُ ويُضيء(3)
الساحلُمن "سانتا كروزٍ"حتى "سانتا مونيكا"كان يُلوِّحُ كالأطفالِ لناويُرافقنا في رحلتِنا المحفوفةِ بالخُضرةِ والأنوارْوفؤادُ البحرِ الهادئلم يهدأ أبداًفالماءُ يطاردُ بعضَ طيور النورسِوالزَبدُ الأبيضُ يدهنُ رملَ الشاطئ بالنارْوالموجُ حكاياتُ جلالٍ ووَقارْقلبُ اليابسةِيُغازلُ أحلامَ خيوطِ النورِفتولدُ أغنيةوقصائدُ لازالت تستهوينيوتحطُّ على كتفيَّ فراشاتٌ.. كالفرحِ المدرارْ(4)
يَقتاتُ المشهدُ إعجابيَإذْ يتبدَّلُ مثلَ خرائطَ لم تُرسمْ بَعْدْ:سلسلةُ جبالٍثم سهولٌثم دروبٌ من إسلفتٍ عملاقٍيظهرُ كالأشواك الشريرة عن بُعْدْثمةَ أنهارٌ تحملُ في داخلها الرقةَ والوجدْيبزغُ في الأفْقِ خليجٌ يحتضنُ مياهَ البحر الهادئبحنانٍكي يُذهِبَ عنها الرهبةَ والبردْتظهرُ "سانتا مونيكا"حيثُ النخلُ يُضاجعُ ألوانَ الأفق الممتدْتختلطُ حُبيباتُ المطرِ بألعابِ الأطفالْتمتزجُ الضحكاتُ المجنونةُ بالرعدْإن شتاءَك يستقبلني بصدودٍوعواصفُ قلبيَ تشتدْوجنونكيا سانتا مونيكا.. يستهوينيوأنوثتك المرسومة فوق السفحِ كباقة وردْ(5)
الحدُّ الفاصلُ بين الشاطئ والأمواجانهارَ بلا سببوستارُ الليل عن الأفق المرتجفِ انداحْوتداخلت العتمةُ ووجوهَ الناسِوعُلِّقَ في الأجواءِ البدرُ الرائعُ كالمصباحْموسيقى تخرجُ من أعجازِ النخلْوقصورُ نجوم السينماترقصُ طرباًوتُدثرُ رأسَ التلِّ بقبعةٍ ووشاحْفعلى أفئدةِ الناسِارتسمَ الحبْوعلى الأبنية ارتسمَ النورُكقوس القزحِ المُترع بالأفراحْوأنا قلبيَ يعصره الهمُّويدخلُ في دوامةِ ألمٍ ودموعٍ وجراحْقلبيَ كالمدن المهجورةتسكنه الأشباحْ!(6)
سانتا مونيكافيها أضواءٌ فارهةٌومشاهيرٌفيها ألمٌ.. وعوالمُ سُفلىفيها ظلمٌ مدفونٌ تحت الأرضِوفيها أشرارٌ يلتهمون الفقراءَوتُجارٌ يغترفونَ الثروةَ من جثث القتلى.تحتَ الإسفلتِ المفرطِ في قسوتهيرقدُ آلافُ السكان الأصليينْودخانٌ لحرائقَ يدفنها التاريخُويهربُ منهايتناساهايُمعنُ في قتلاها.. قتلايا سانتا مونيكايا فاتنة تخطفُ منا الإعجابْيا امرأةً طاغيةَ الإغراءيا غانية تتسلىيا ضوءاً مرتعشاً كالقرطِ الباذخ.. يتدلى.إن خطايا الإنسان وآثامَ حضارتهلا يمكنُ أن تزهرَ بالنسيانِ..ولا يمكن يوماً أن تصبح َ أحلى..(7)
صوتُ السياراتِوثرثرةُ الناسِورقصةُ بندولِ الساعةتضربني في العمقْ..تتمنعُ أنثايَ يُحرضها التصخابْوالجدلُ القاتمُ يؤلمنييشتدُّ المطرُ العاصفُ، والبرقْفالدنيا أيضا ثائرةٌمثلَ المرأةإنْ حُرمتْ من ثورتهاما عادتْ تصلحُ للعشقْأما الليلُ،فكانَ غريزيَّ النظراتْوكذلك كانت أعيادُ الميلادالبالوناتُالأهدابُالأمطارُ العطرية.. واللا عطريةُ.. لا فرقْنلتقطُ الصورَ التذكاريةَنتجولُ وفقَ مِزاج الريحْأعترفُ بأخطاءٍ لم أفعلها..ويدُ الأحزانِ على شباكِ القلبِ تَدُقْ."أيسلانيجرا"ديوان الرائع بابلو نيروداينشلني من وجعِ الواقعِكي يدخلني في عالمه المفعم بالصدقْ