رقصات فى الأدوار العليا
أخرجت تلك العمارة الشاهقة لسانها لقوانين البناء، وأضحت تناطح السماء، والمستأجرين الجدد مستجيرين من الرمضاء بالنار، مستهينين بالأخطار رافعين شعار (العمر واحد والرب واحد)!
لم يُشبع نهم المالك ثمار عشرة سنوات قضاها صابر فى بلاد الغربة، التى حرمته من وداع أبيه، فقد قضى نتيجة مرض طارىء، وإفلاس مستديم
وهاهى أمه تعصر حزنها فى صمت، وتعيش وحدها فى عزلة، بعد أن رفضت خطيبته أن يكون عش زواجها من صابر فى هذا البيت العتيق... فكان لها ما أرادت
وكان لأمه ما أراده الله لها من ابتلاء، أقعدها المرض، فصار بيتها ملاذاً للناجين من الغرق فى محيط الحياة، والباحثين عن رضى الله جل فى علاه .....
بجوار زوجته فى الدور الـ 21 حيث لا صوت يعلو فوق صوت الموسيقى الراقصة، والسعادة الزوجية الغامرة، شعر صابر بنفاد صبره من هذا الدوار الذى ينتابهما بين الحين والحين، فقررا الذهاب من فورهما إلى الطبيب
فى حجرة الانتظار، كان التلفاز يذيع الأخبار، وعلى رأسها الخبر العاجل: انهيار برج بابل والضحايا بالعشرات
صمتا للحظات قبل أن يتوجها إلى الملاذ الآمن الوحيد، وفى نيتهما ـ فى الغد القريب ـ الانتقال إلى برج راقص جديد!