رزمة ورق
اعتاد الصبي على جلب رزمة ورق لأبيه كل أسبوع ، كان ذلك سبباً في استغرابه و جَعْلِهِ يشعر بأن مفاجأة ما بانتظاره ، لذلك فهو كثير البحث في مكتبة أبيه لعله يجد مبتغاه ، لذا فهو لا يعير كتاباً لأحد إلا بعد أن يدقق جيداً في اسم المؤلف ، فبقيت نفسه تحدثه عن سبب قضاء أبيه معظم الوقت و هو منحني على الاوراق التي احضرها دون أن يجد ما يفكر فيه في المكتبة ، دفعه الفضول إلى قلب المكتبة رأساً على عقب ، فها هو يلقي الكتب السوداء و البيضاء و المذهبة و المجردة من أغلفتها في كل الاتجاهات مكوناً تلاً من الكتب التي تخلو من اسم أبيه ، حينها خيّم الحزن في صدره و أرغم جفنيه على حبس الدموع مخلفاً حرقة و مرارة تكاد أن تقطع أنفاسه ، ثم أخذ يتطلع نحو رزمة الورق بارتياب ، استرق الأب النظر إلى ابنه بينما كان يقلب اللحم الذي استمر بالاحمرار على نار الموقد ، عندها دعى ابنه إلى تناول بعض اللحم سائلاً إياه عن رأيه في وجبة اليوم ، فأجاب الصبي بهمهمة و هو يوميء برأسه مشيراً إلى لذة الطعام ، فعلّق الاب و قد ارتسمت على شفتيه ابتسامة خجولة : لم أكن لأشوي اللحم لولا رزمة الورق تلك ! ...