الخميس ٣٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

رحلة العطش

حمزة البوزيدي

1

بعد صلاة العصر ، أمسك قلما ليكتب شيئا ذا أهمية ..فكر كثيرا واستمع للموسيقى التركية.. أطلق العنان لخياله كي يسافر بعيدا بعيدا، لينظر هل مازالت هناك حياة؟ .. خط نقط ثلاث على ورقته، ثم أشاح بوجهه خجلا من قولبة فشله دوما في النقاط الثلاث . اقسم ان يصل الحروف ببعضها .. نظر في الأفق وتذكر بلدته الأولى تذكر طفولته وأيامه التي تتهاوى برتابة قاتلة. قرب القلم من الورقة وخط ثلاث حروف منفصلة ف ش ل لم يقوهذه على وصل بعضها ببعض.

2

لليل حديثه الخاص ...حديث الذات للذات ...الزمان.. المكان..الهدف..كانوا يخافون من التدقيق في هاته الكلمات وخصوصا الاخيرة منها، وكن يخفن أكثر، من الإجابة عنها. وحين عجزن حاولوا الإجابة على عكسها.. فتماهوا مع اللازمان واللامكان واللاهدف ..عشن هذه المفردات بكل نسماتهن ... وصاروا جزءا منها.

3
يعود الطائر من جديد لعش طال الغياب عنه تفرسه جيدا فوجده كما تركه دون تغيير ..حطت رجلاه فوقه بهدوء شديد.. كان شدوه اقرب إلى النواح منه إلى التغريد ..يا أهل العش لم هجرتموني ..أيتها الحبيبة المسافرة ، لم الهروب ! لم الخيانة؟ لماذا تركتني وحيدا أمام أعواد خشبية مصطفة بلا معنى في غيابك..؟؟

4
صور المارة تجعلني أعيش في عوالم متعددة في لحظة واحدة، ما إن افر من عالم ، حتى ادخل عالما اخر عبر مقلتي احدهم....كان رث الثياب يبحث عن أعقاب السجائر، بهدوء ودون ملل ..في عينيه قرأت عوالم من العجائب ...عوالم أحزان ثقيلة... في عينيه رأيت صدمات قاضية.. في عينيه رأيت بريقا خاصا، خمنت انه الحقد على احدهم ..لكن تأكدت أخيرا انه بريق عشق الحبيب الخائن.

5

يرفعون علامات النصر في كل آن ولحظة ..أعينهم تشع حيوية ونشاطا .. خطابهم يحمل تحديا واضحا، وعزمهم كبير لا يفله الحديد، كان يلحظهم بوجوم شديد.. أيامه انتهت على ما يبدو.. ولياليه صارت معدودة، مادام هؤلاء على ما هم عليه.. ..تهممت وقد رأته مكتئبا حاسر النظر.. يكاد امتقاع وجهه يستحيل سوادا.. ساءلته.. فأسر لها بكلمتين اثنتين ...... مع بزوغ الفجر، كانوا يطوون الأرض ميممين الشرق، متعقبين أثار من دغدغت عواطفهم ليلا ... وأسرت بغوايتها رجولتهم إلى الأبد ....ابتسم من جديد موقنا انه خالدا للأبد، مادام هؤلاء غير قادرين على فعل شيء، إلا اللهيث خلفها ..خلف السراب...

6

رحلة العطش تطول ومياه العذوبة أبت الظهور في أودية الأمل... في زرقة السماء تشدو عصافير النهاية.. وتغرد بأناشيد الموت للكل.. تشدو بدموع الندم وتحكي حكاية الشؤم المخيم على الجميع.. يمتص نسيم الحياة ويلتهم الأرواح و يئد الامل في النفوس ويعلو ماردا جبارا يضرب على يفني كل حي .

7

تناثرت الأشلاء غير بعيد ونزفت الدماء تحكي حكاية عز زاد أواره يوما بعد يوم.. قانية تزدادا ... تحاول ان ترسم مستقبلا محتوما في القدر، بريشة العز والكرامة وعدم السكوت عن الضيم، تخط رسومه بأناة بهدوء تحت أنغام المدافع المعزوفة في البقاع و طيبة و صور والضفة الغربية.................. تنطلق الزفرة وتئن النفوس أنينا خفيفا..

8

أمامي طفلة غضبى ...تحكي لي حكاية إنسان مر الى الأبد !! حكاية إنسان مضت حياته في شقاء.. وآخر في رخاء !! حكاية حياة مرت دون عودة.. أو انتظار للآخر.. في فصولها ينتفض الظل على صاحبه.. ويجعل منه سخرية في اتونها يزداد لهيب الأحقاد من كل الأصناف ..................وتنتفي إمكانية الصلح.

9

صرخ طالبا النجدة..أصاخ بسمعه قليلا، ثم أغلق أذناه..كان الضجيج لا يحتمل.. بعد قليل حملت الريح، رائحة ادمي يشوى على نار الغدر والخديعة والخيانة...تحقق من الرائحة، ثم أغلق انفه فالرائحة لا تحتمل .. بدت العاصفة من بعيد مثل جبل متحرك يعدو نحوه.. دقق النظر، ثم أغلق عينه لكي لا يصابا بالرمد.....بعد قليل كانت أشلائه تتطاير وسط إعصار الغصب والجبر والقهر... تحكي حكاية الصامت إلى الأبد..

10

بهدوء شديد تقدم الى هناك..لم يرمش له جفن او تسمع منه تنهيدة..فتح عينيه موجها اياها نحو البعد الخامس ..ابى ان يدخل في عالم الظلام قبل الانطلاقة...مازال رابط الجأش ..صعب المراس قوي الشكيمة..يتحمل ما تنوء به الجبال..شعرت بحقد شديد وغصة تكاد تخنقني .. اه لو كان ذلك رجل حق..اه..مازالت نخوة العرب تملؤه والكبرياء لا يفارقه..اخر كلمة:لعل الله يغفر له.

حمزة البوزيدي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى